لاانطلق هنا من منهج فلسفي تشائمي وانما من واقع قذر يطبعه التخلف والانحطاط بكل سياقاته الاخلاقية والاجتماعية والثقافية و الاقتصادية وفي مقدمة ذلك طبعا الطبقة السياسية الفاسدة المهيمنة على الساحة العراقية والمستفيدة من هذا الواقع والمدافعة عنه بشكل مستميت. لذا فان قناعتنا هي ان لهذا الواقع محصلة لاقدرة ولاارادة للذين يتصدرون المشهد السياسي العراقي تغيير مسارها لآن هؤلاء بالذات هم أس البلاء ولب المشكلة.
الانعطافات التأريخية الكبيرة وما ألت الية الامور في العراق تحتاج الى وقفة و تأملات تتجاوز الشخوص والاستعراضات الخبرية ألآنية. و تستوجب أيضا طرح اسئلة جدية و جريئة وربما جديدة ولاتحتمل اجترار الخطاب التقليدي العام المتهرئ. العودة الى الجذور والعلل وتحميصها هنا لاتعني دائمأ وبالضرورة قراءة نقدية سلبية للماضي بما فيه وما عليه, وانما هي توصيفا عقلانيا من خلال السياق العام للعصر الذي نحن فيه وامر لابد منه لفهم الواقع المعاش ومحاولة بلورة صورة ما للمسقبل. أساس التحليل هنا هو ان البشر ليسوا ملائكة ولا شياطين وأنما هم والى قدر كبير نتاج بيئتهم الثقافية والاجتماعية والتأريخية.
لذلك فأن من العبث والسذاجة ومن التسطيح المبالغ فيه شخصنة الثوابت والمتغيرات التاريخية الحاسمة. نعم, التغيير بالنسبة للعراق والعراقيين, وبسبب التوصيف الكارثي اعلاه, اصبح مسألة وجود او فناء. لكن التغيير الذي اعنيه ليس كما يعنيه متسيسو العراق ومراجعهم الدينية بشتى الوانها و خلفياتها. لان التغيير الملح و الحقيقي يجب ان يشمل أولآ وقبل كل شئ الاسس الفكرية والمنهجية (اكرر: الاسس الفكرية والمنهجية) اللاوطنية والغير عصرية التي يستند عليها هؤلاء بالذات والتي يستمدون منها شرعية اعمالهم وتسلطهم السياسى وطغيانهم الفكري والديني. فهل هذا ممكن؟ لا اعتقد ان ذلك ممكن الحدوث في المدى القريب. أذا ماذا يعني أن استوزر فلان بدلا من علان.