19 ديسمبر، 2024 12:17 ص

ثمن الديمقراطية الباهض ( التيار الصدري)

ثمن الديمقراطية الباهض ( التيار الصدري)

تفرز حالات التغيير تيارات وشخصيات شاذة تنمو وتنشط في فترة مضطربة هي الفترة الانتقالية او الفاصل بين مرحلة واخرى جديدة , وتلك التيارات سرعان ما تتوارى وتختفي حيث تقدم قطار التطور والسير نحو الافضل , لكن هناك اوضاع تفرض داخليا وخارجيا تؤجل من اختفاء تلك القوى المنحرفة مما يؤدي الى ازدياد قوة وأنتشار هذه الأنحرافات ولعل الوضع الاجتماعي و الثقافي المتخلف يعتبر من اقوى العوامل المنشطة لهذه القوى ، علما ان المنظومة القيمة لمجتمعنا تشوهت بفعل عوامل وايادي علنية وخفية كثيرة اضافة الى بعض المفاهيم الخاطئة من الأساس .
ليست الغاية من الديمقراطية حرية الاختيار فقط ، بل يجب ان يكون الخيار دقيقا وعندها فقط سنجني ثمارها ، ودقة الخيار لن تأتي بضربة حظ او صدفة بل تحتاج الى وعي حقيقي ناتج من ثقافة المجتمع وظروف طبيعية يعيشها هذا المجتمع ، والا فأنها ستساهم بالتخلف ووضع العصي بعجلة التطور السياسي والامني والخدمي ، أن هكذا وضع سيفرغ الديمقراطية من مضمونها ومحتواها وتصبح مجرد وسيلة او الية روتينية تعطي صفة شرعية حتى لمن لا يؤمن بها ولعل الديمقراطية تخدم مصالح هؤلاء أكثر من متبنيها في ظل الظروف  والعقبات التي أشرنا لها ، ما فائدة حرية الخيار والاختيار أن كان فاشلا او حتى ان قدم الصالح على الاصلح ، هذه العملية تكون شبيهة بقصة ذلك التمثال الصيني المنحوت من الطين والذي اكتشف بعد مرور ٢٠٠٠ سنة على ان الطين غطاء للتمثال الاصلي المنحوت من الذهب الخالص ، هكذا حالها تفرز طينا وتتجاهل ما بها من ذهب . 
ان النظام  السياسي والانتخابي في العراق يعاني من فوضى ومشاكل ناتجة من طبيعة المجتمع المتأثرة بعوامل سلبية لاتحصى تعاضدت في ظل اطار ديمقراطي لترفع مجموعة من السياسين والقادة  الاميين  وتجعلهم متحكمين في مصير الدولة وما فيها بتصرفات متهورة تنم عن جهل سياسي عجيب وافلاس ثقافي وفكري يجعل البلد في خطر دائم ، ولم تفرز الانتخابات (الديمقراطية) حالة متردية وبائسة كمقتدى الصدر ومجموعته التي وصلت للبرلمان باصوات قوائم مغلقة (شيلني واشيلك والسبع يغلب) وعقول المتخلفين من ابناء هذا البلد الذين تسيرهم قرقعة السلاح ومنطق القوة على العزل والابرياء . 
من الامور المعروفة ان مقتدى الصدر تساعدت في خلقه ودخوله العمل السياسي ظروف وعوامل عديدة لا أرادة له فيها ، لذا ستكون الممارسة السياسية لهكذا سياسي تخبطية تخضع لرأي من تجلس معه وتسير بأهواء غير واقعية تضيف لأي وضع تتدخل به ازمة معتقدة انها تمتلك سبل الحل ، وهذا هو حال مقتدى الصدر الذي لايعرف مايريد هو فكيف يستطيع معرفة وتشخيص مشاكل بلد مثل العراق؟. 
أن وجود كتلة برلمانية مكونة من أربعين نائبا تتبع للصدر وتأتمر بأوامره وتنفذ رغباته دون نقاش يعتبر مصدر قوة له تجعل قراره مؤثرا في المشهد السياسي العراقي ، ومما لاشك فيه سيكون هذا التأثير سلبي . ان البيئة الامنة المستقرة تعجل من انحسار هكذا نماذج واختفاءهم نهائيا من المشهد السياسي بينما نجد ان ارضيتهم الخصبة التي ينشطون بها هي الازمات والاحتقانات والفوضى  وحيث انتشار الجريمة وهذا ما يفسر محاولة هذا التيار ابقاء الاوضاع كما هي ومساهماتهم بخلق محاور متصارعة  . 
  المتتبع لتصرفات مقتدى يجد نفسه أمام جملة تناقضات وتصريحات مبهمة عسيرة على الفهم (لا يعرف ما يقول) ، وتزول الدهشة بمعرفة المستوى الثقافي والاكاديمي له فضلا عن كونه طارئ لا جذور له . يضع الخطوط الحمراء بسهولة ويرفعها بيسر ، يشترك بالحكومة ثم يتظاهر على الاداء ، ثم يحول تظاهراته المعارضة الى مؤيده ! يؤسس حكومة ثم يجلس  في اربيل  لحل هذه الحكومة، ينقل رسالة ويحدد سقفا زمنيا لتنفيذ المطالب ثم يمدد وبعدها ينكر التمديد !!!  ويتراجع ثم يقول ان مشروعه الهي ،اي انه يمثل الله في الارض، وهذا القول يتضمن كفر صريح بالديمقراطية والدولة المدنية (امثلة بسيطة) .) 
يقول فرويد (المجتمع مرآة الأنسان فكما ينظر اليه الناس يرى نفسه ) ، وينظر (الجهلة) الى مقتدى الصدر على أنه قائد اغر لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . (الجهلة:كلمة يصف بها مقتدى الصدر اتباعه) .