احد المؤمنين سألني , ربما يدور هذا السؤال في أذهان الكثيرين هذه الفترة العصيبة , وهو:.. هل يمكن أن نقدم أبناءنا وفلذات أكبادنا من اجل الدفاع عن المنطقة الغربية.؟ , لان الصورة توضحت بجانبها السياسي الذي اختلقه السياسيون الساكنين في فنادق الأردن وقطر وتركيا .والكتل السياسية التي تعيش على الفرقة والفتنة .؟ . ونحن نقدم دماء عزيزة وغالية علينا , وترمل النساء , ويتيتم الأطفال ولا معيل أو مصدر عيش لهم , ما رأي الإسلام في هذه الأعمال القتالية ..؟ وما قيمة الدم في الشريعة الإسلامية , وأين يقع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , في خضم الحوادث الجارية في العراق والعالم الإسلامي الآن …؟ … الجواب ….
ثمن الدم , والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , كلاهما يمران بمراحل ثلاث , كل مرحلة لها حكم يختلف شكلا ونوعا عن الحالة السابقة , فلا يمكن ان نعمم أي حالة على الحالات الثلاثة , بل يجب التفريق بينهما تماما …
الأولى : يحرم الدم حرمة تامة على نفس الإنسان وعلى الآخرين, أي الاعتداء على الناس{ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} هناك آيات عديدة تحرم الدم وان فاعلها مخلد في جهنم وعليه غضب الله.. الخ.
ثانيا : جواز القتل , يهدر الإسلام فيه الدم بحالات : قتل القاتل , حق القصاص بالمثل لوليِّ القتيل { وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا } يقول الرسول {ص} “والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا” وأحكام أخرى يجوز فيها القتل , كلها تتعلق بالقصاص العادل ,{ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}.
الثالثة :.. حين يتعرض البلد للخطر , ويتعرض الإسلام والمسلمون للخطر ومحق بيضة الإسلام وإزالته من الأرض , تسقط حرمة الدماء , ولا قيمة لها مقابل الهدف الأسمى والأكبر هو { كلمة الله هي العليا } خلال تجاربي القليلة علمت أن كلمة الله هي العليا دائماً. لأنها تحقق البقاء والحرية للشعوب وهي صاحبة الكلمة. وهذه لها ضرائب باهظة وغالية أهمها الدم , ولا توجد امة في الأرض ارتقت وارتفع شانها بدون دم يراق على مذابح الحرية ..
أما المراحل الثلاثة التي تترتب على المسلم الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر … سأبين الثالثة فقط . إذا كان في الأولى والثانية حالات تستوجب عدم الأمر بالمعروف ولا النهي عن المنكر , لأنها قد تؤدي إلى مشاكل وبلاء , ودخول في صراع يكون الإنسان في غنا عنه , فان الثالثة تكون إلزامية , حين تتعرض بيضة الإسلام للتهديد ,ويصبح الكفر يصول ويجول , عندها تسقط حرمة الدم ولا عذر لمن يمكنه أن يدفع الباطل ويأمر بالمعروف أن ينزل للساحة ويدفع الشر والبلاء عن الناس وعن الدين وعن الوطن .. وبذلك يسترخص الإسلام الدم من اجل غاية اكبر وأعظم واشرف ..
وقد أعطى الله تبارك وتعالى أهمية للجهاد والمجاهد والشهيد دون النظر إلى النتائج التي ستقع على عائلته بسبب استشهاده , فقال تعالى : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ* يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ } ..