23 ديسمبر، 2024 1:45 ص

لكل شيءٍ ثمن يتناسب مع قيمته الحقيقية ، ولكل فعل ثمن أيضا . ونلاحظ في الآونة الأخيرة ازدياد الدعوات من أطراف مختلفة للتهدئة وعدم تصعيد الأمور أكثر حرصاً على سلامة العراق والعراقيين ومنعاً من انزلاق البلد نحو الهاوية السحيقة . وهذا يعني الرضوخ لأمرين لا ثالث لهما ، امّا القبول بالانتخابات المزورة وبنتائجها غير العادلة ، أو السكوت على مضضٍ وعدم المطالبة بالحق وفسح المجال للتوافق من جديد على تشكيل الرئاسات الثلاث . وأعتقد من وجهة نظري ( الشخصية ) أن هذين الأمرين لا يقلان خطورة عن الأمر الذي يخشون الوقوع فيه . لأنهما يؤسسان لمستقبل غير نظيف ، ولبناء غير خاضع لمواصفات الديمقراطية السليمة . واذا كان ثمن الاحتجاجات والاعتراضات المستمرة على الانتخابات ونتائجها ( في نظر البعض ) تهديد للسلم المجتمعي ولأمن البلاد والعباد ، فان ثمن الرضوح والقبول بانتخابات باطلة غير شرعية تم التلاعب بنتائجها بامتياز ثمن باهض جدا . لأن السكوت على الباطل ( حتى وان كانت له مبرراته ) سوف يفتح الأبواب على مصاريعها لاستقبال التدخلات الخارجية بجميع شؤوننا الكبيرة والصغيرة ، وسوف تصبح الانتخابات القادمة لا قيمة لها ، وانما ستكون مجرّد عملية عبثية تكلف خزينة الدولة مبالغ لا ضرورة لها طالما أن عمليات التزوير والاملاءات الخارجية هي التي ستكون اللاعب الأساسي فيها وفي نتائجها . وان دعوات التهدئة ( ان كانت عن قصد أو غير قصد ) هي بحد ذاتها اسلوب تربوي جديد يراد منه اجبار العراقيين على التعود على الخنوع والاذعان لأي أمر سيفرض عليهم بالمستقبل ، فالشعب الذي يقبل ويرضى صاغراً بسرقة أصواته الانتخابية والتلاعب بها سيكون جاهراً ومستعدا لقبول كل مشاريع العار والاذلال ، وهذا هو منطق صحيح لا يمكن تجاهله . كما أن التهدئة والسكوت على كل ما حصل في الانتخابات سيؤدي حتماً الى معادلات جديدة تعتمد في سياقاتها واتجاهاتها على فرض الأمر الواقع بالقوة ، وعودة أنظمة مشابهة في غطرستها ودكتاتوريتها لنظام البعث وصدام حسين . وخلاصة الموضوع ان التهدئة لها ثمن باهض جدا سوف يكلف العراق والعراقيين عقودا قادمة مليئة بقوانين الغاب ومبدأ ( البقاء للأقوى ) وربما سيكون العراق ولاية تابعة للولايات المتحدة الأمريكية .