19 ديسمبر، 2024 1:50 ص

ثمة رجال دائمو التحول

ثمة رجال دائمو التحول

قال الشاعر محمد مهدي البصير: “يا شعب هاك من الرجال نماذجا.. يتلونون تلون الحرباء” وقال الفنان كاظم الساهر، خلال لقاء تلفزيوني: “لم يجبرنِ النظام السابق على الغناء له”.
نبي الشعر.. الكفيف، قال بعيني بصيرته، كلاما يعري الرجال المتحذلقون، دفاعا عن الرأي ونقيضه، وفق مصالحهم، وتحدث شجي الحنجرة الطروب، بصدق، كان بأمكانه مجانبته، فيكسب من ولائه للنظام السابق، تعاطف النظام اللاحق.
لكن عملاقي الموقف، آثرا ان يعطيا القدوة الحسنة، التي تمثل نقيضا لرجال تكاثروا في حياتنا بعد 9 نيسان 2003، يدعون تاريخا شخصيا، نقيضا لسيرتهم الحقيقية، ويستحدثون ادلة داعمة له.. يفترونها بالباطل، يصدقهم الجاهلون ويغتر بهم السفهاء ويتضامن معهم المغرضون.
ثمة من يديمون التحول باثر رجعي، عندما حل البعث بانقلابه المشؤوم، العام 1963 ارتدوا جلباب الحرس القومي ووقفوا على مفارق الطرق، وانسراحات الجسور، يحرسون القومية العربية من اعدائها امميي الاتحاد السوفيتي، وتنصلوا، عندما هوى البعث بعد تسعة اشهر من جور فظيع ساموا الشعب خلاله خسفا واعتدوا على اموال ومعتقدات واعراض الناس.
الثعابين المتلونة كالحرباوات، كانوا مع البعث في طغيانه المبكر، تنكروا له، حين زال صولجان السلطة من مخالب القسور، وعادوا له خانعين حين عادت له السلطة، يرتدون الزيتوني ويتصدرون مفارز المداهمات الى بيوت الهاربين من عسكرية الطاغية المقبور صدام حسين، التي هي من دون تسريح.. لا ضوء في نهاية النفق.. بداية لا نهاية لها.
ليت الذين اعنيهم تعلموا من الساهر ادب الصدق؛ لأن الصدق، صفة انسانية راسخة، ضمن المكونات الاساس للشخصية السوية، لا تحتاج موهبة خارقة كموهبة الساهر في الغناء.
وليتهم استحوا من بيت شعر البصير، فهو مطلق يشمل نهازي الفرص بخفقة من جناح اليمامة،… ، في كل زمان ومكان.
الانسان الصادق، سواء أكان حاكما ام محكوما، لا يتقمص ثوبا لم يكن ارتداه من قبل.. كانوا مع صدام، في حكمه، والان يدعون انهم معارضون له، وسموا جبينهم بطرة الباذنجان، على طريقة الخوارج، ولم يحرقوا البدلات الزيتونية خشية ان يستكمل دولاب الزمان دورته، فنجد البعث حاكما باسم حزب (العودة) والريحان.
ثمة تقارير لم يكتبوها، ما زالت مخزونة في ذاكرتهم، تترصد المصلين في مجالس الرئاسة والوزراء والنواب والكتل والتيارات والاحزاب، على أهبة كتابتها، متى عاد البعث الى السلطة، وأن لم يعد، فهم في مواقعهم القيادية ماكثون، يكتنزون الذهب والفضة ويسبحون باسماء شخصيات عظيمة سفحت اعمارها فداء المبادئ كي يعتاش نهازو الفرص القافزون على السوانح متغذين من دم الشرفاء يزين وجه التاريخ!
انهم ما زالوا يديمون التحول ثلاثمائة وستين درجة، باستمرار من دون تحول، فيما يزداد الساهر شرفا بتاريخ لم يتنكر له، بينما هم يتنكرون لما يحتاجون التنكر له، ويلتزمون ما يحتاجون التزامه، متلونين تلون الحرباء.

أحدث المقالات

أحدث المقالات