في منتصف من شهر الأخير لسنة 2017 أعلن العراق انتصاره العسكري على قوى الظلام الداعشية، وانهى بذلك مرحلة امتدت لثلاث سنوات ونصف تقريبا، من معاناة اخذت من الشباب الكثير واجهدت الشعب والحكومة، في ظل تردي الوضع الاقتصادي، تزامنا مع هبوط اسعار النفط، انعكس بشكل سلبي على الخدمات المقدمة، وفي مقدمتها الصحة والتربية.
ماذا بعد داعش؟ سؤال حير الكثيرين، ونَظّر له كثير من المراكز البحثية، وأراد به صنع خوف جديد، وقراءات مظخمة بصور بعيدة عن الواقع، حتى انجلت تلك الغمامة السوداء، وبأن كل مختال فخور.
العراق مقبل على ثلاث سيناريوهات:-
الأولى: هو تأجيل الانتخابات، وهو ما تعمل عليه اغلب الأحزاب السنية، ويشاركها بعض من الشيعة، ممن فقدوا توازنهم، وخسروا مصداقهم في الشارع الشيعي، وهذا بدوره يؤدي إلى السيناريو الثاني: وهو دخول العراق بمرحلة الفراغ الدستوري، والحكومة الانتقالية، ودخول العراق تحت طائلة البند السابع، وخسارته كل الدماء التي ضحت، والأرواح التي ازهقت خلال العقد الأخير، خصوصا في مواجهة داعش، والحفاظ على الدولة من الضياع، وهذا السيناريو ضعيف الحدوث، كون العراق مر بظروف أسوأ من ما نعيشه اليوم بكثير، وفي ذاك الوقت عملت كثير من الجهات السياسية على إعلان حالة الطوارئ، وحل البرلمان، وكل تلك المقترحات باءت بالفشل، بعد رفض العقلاء والمتصدين من الشرفاء، ومرجعية النجف، التي وقفت بشكل صريح ضد أي هدم للدولة وضياع بوصلة البناء.
السيناريو الثالث: هو خوض الانتخابات؛ رغم كل الانتقادات والمعوقات، التشريعية والتنفيذية والقانونية، والإشكالات التي يشكلها، البعض على قانون الانتخابات، وطريقة توزيع المقاعد والظرف الذي تعيشه، بعض المحافظات المحررة، من نقص كبير في الخدمات والبنى التحتية، وقضية الأهم وهي عودة النازحين، كل تلك المعوقات، أهون بكثير من دخول العراق، بفراغ دستوري ونفق مظلم، لا يعرف ماذا ينتظره بعدها، لذا القوى الوطنية والمرجعيات الدينية، وغالبية العقلاء يؤكدون خوض تجربة الانتخابات، بكل سلبيات المرافقة لها، ومحاولة تصحيح وإصلاح ما يمكن إصلاحه، في الوقت الراهن، لحين خروج البلد من هذا المستنقع الذي أنتجته السياسات السابقة للحكومات المتعاقبة، وستكون المراهنة القادمة على الشباب الواعي المثقف، وكيف سيحدث تغيير ضمن منظومة الدولة، بكل سلطاتها التشريعية والتنفيذية وحتى القضائية، وبدورها ستنقل العراق لمرحلة جديدة، نتوقع منها نضج سياسي يرافقه بناء مجتمعي، ينعكس على الواقع الخدمي والرؤية المستقبلية لوطن يعيش فيه الجميع ضمن تحمل المسؤولية للفرد وتقاسمها مع المسؤول ضمن نظرية كلكم راعي وكلكم مسؤول عن رعيته.