ثق بالله ربك ذي المعالي …. وذي الآلاء والنعم الجسام (أمير المؤمنين علي بن أبي طالب)
تكريم بني آدم:
وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِىٓ ءَادَمَ وَحَمَلْنَٰهُمْ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلْنَٰهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍۢ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (الإسراء 70).
الكرامة عامة تامة لا يسبقها شرط ولا يتبعها شرط هي لبني آدم فثق بالله ربك.
الناس تراها دوما في تعاملها مع الله تختلف ما بين المبالغة من زعمها القرب إلى الله وما بين التشكيك بان الله راضي عنها رغم صلاتها وصيامها وقيامها، وذاك من التعبد الذي ينبغي أن يرافق منظومة العقل في حركاته وسكناته ولا يتعامل بالجانب السلبي الذي يطرح تعجيزيا وبشكل يفقد الأمل ويريد أن يحسس الإنسان انه مدان وان صلاته وصيامه لا قيمة لها وان الخطأ جريمة والخطيئة كارثة كبرى وان لله ملائكة تنتظر البشر بأسواط من لهب وأنها ستريهم من العذاب العجب.
التسخير رزق:
الإنسان مادام صافيا يعمل بما اؤكل إليه لا ينتهك حقوق الآخرين ولا يفسد في الأرض فهو بتفكير سليم أي قلب سليم، وهو ما يلاقي الله برضاه، فلا يشكك في قبول الله لأي عمل يقوم به مهما كان صغيرا وهو بهذه السلامة، فاذا استيقظت للفجر فلا تشك أقبلت صلاتك أم لم تقبل، لأنك استيقظت فذاك يعني أن الله أراد أن يعطيك اجر صلاتك الفجر حضورا في وقتها، إن ارسل لك من يطلب منك مساعدته فهذا يعني أن الله سيتقبل عملك ومساعدته، إن سخرك للصيام فهو سيتقبل منك الصوم، أما من ليس له من صيامه أو قيامه إلا جهدها في احاديث مصححة، فهذا ليس من قام وسُخِّر بالنية وهو لا يدان من أهل الأرض، أو ليس فاسدَ السلوك سيء المعاملة مع الآخرين، فمن كان كيسا ولين بالتعامل لا يغمط حقوق أو يعتدي على احد فالله العادل؛ ولولا انه سيقبل أعماله لما سخره للقيام والصلاة أو الصوم والإنفاق والزكاة، فهذه أرزاق من رزق الله لعباده وهي بيد الله فهل يعطيك درب المغفرة والتوبة ورضاه وهو غير راض عنك أو يريد أن ترتقي الطاعة والتوبة ويريد أن يغفر لك، والا لحان وقت الصلاة وتغطيت، وكان الصيام فتغديت، وان تعاملت مع الآخرين اعتديت.
لكن ما بالنا نرى أناس تصلي وتصوم وتظلم، تلك الناس التي شوهت تفكيرها وعقليتها ونفسيتها وخلطت بين الشطط والتمكين، وبين الظلم وطلب الحق، نسيت الله عقلا وتدينت غريزة فكانت غريزة التدين من تقودها وليس القلب السليم؛ فهي متخلفة في التفكير والفهم، لا تفهم معنى أهلية الناس الواجبة كحق لغير المتمكن أو الضعيف على من تمكن في الحكم أو السلطة أو الجماعة أو البلدات الصغيرة وحتى في الأحياء التي تشكل البلدات.
نحن لا نصنف هنا ولا نقيد رحمة الله وحكمه للعباد فهذا امر لا قبل به لاحد من خلقه، ولكن لا ينبغي ألا يرى الإنسان لطف الله به فتضيع منه فرص التقرب إليه ومن رض الله عنه فقد ربح تمام الحياة.
الخلاصة:
إن الإنسان خلق مميزا على ما نعرف من المخلوقات بمنظومته العقلية وعزيمته منها والإرادة الحرة بمعنى الأهلية والقدرة على صنع القرار، والنجاح والفشل هو في استخدامه للمنظومة العقلية في إدارة حياته وعلاقاته وانفتاحها وتقبلها للأمور بالفهم والتمحيص وليس الانغلاق والعصبية هذان السطران يمثلان أساس التقييم ومنطلق فهم العلاقة مع الله البارئ المصوّر، فانت لست في معركة القبول والغفران بل الإنسان مقبول أصلا لكنه من يبتعد ومن يظن السوء ومن يتصور أن أعماله هباء فيقنط، والإنسان من يظلم نفسه بغمط حق ربه، فلا ينبغي الاستهانة بحقوق الناس والأمانات أو باستخدام قدراتك بظلمهم، أو مغالطة نفسك بما لا يحق لك وما بقي ستعلم مدى يقربك من الله بما تُسخر لفعله أو يعينك الله على أداءه.
إن علاقة الآدمية بالله علاقة بينية وعلاقة بالمجتمع والناس؛ والبؤس كل البؤس من غبن الناس حقهم أو أصر على العصيان، لكن الله فاتح بابه كل وقت وحين فاحذر من الم للناس لا يغفر واستغفر الله كل حين وثق بالله ربك.