23 ديسمبر، 2024 1:51 م

بعد انقضاء عهد النظام السابق والذي طغت عليه صفة الديكتاتورية حيث كانت معظم موارد البلد بيد افراد معدودين اما يكونوا في صلب النظام او حواليهم اوعلى صلة قربى او صلة مكانية مع (القائد الاوحد)، وحرم منها حوالي 90% من الشعب العراقي ، وسخرت جميع واردات الدولة النفطية والضرائبية لبناء منظومة أمنية معقدة تبدأ من القمة وهي دراية القائد بكل صغيرة او كبيرة وصولاً الى ادنى مستوى وقد يصل الى التوجس بين افراد الاسرة الواحدة ،اضافة الى انفاق جل الخزينة العراقية على حروب ( القائد) الطائشة وتسخير الواردات الى صناعة عسكرية بدائية او استيراد الاسلحة من الاسواق السوداء بعد صدور قرارات من مجلس الامن بحظر توريد الاسلحة الى العراق ، خلاصة القول ان الشعب بقي محروماً من خيرات هذا البلد في ظل النظام السابق ، واستبشر خيراً مع بزوغ فجر الحرية برحيل هذا النظام التسلطي ولكنه صُدم كثيراً وخصوصاً مواطني المحافظات العراقية باستثناء مواطني اقليم كوردستان ، فقد أصيبت شرائح كثيرة من الشعب العراقي بالاحباط والنكسة جراء التغيير ( الديمقراطي ) في العراق ولم يطرأ عليها تغيراً يذكر ، وشهدت الخدمات تراجعاً خطيراً رغم توفير نسبة كبيرة كانت تذهب في مغامرات رئيس النظام السابق ، والشارع العراقي يتسائل عن مصير هذه الاموال والموارد ، لقد طفى على السطح السياسي العراقي قوى لاننكر تعرضها الى الملاحقة والاضطهاد ، وتدعي هذه القوى السياسية انها حرمت من المغانم والمكاسب التي كان النظام السابق يتمتع بها ، وانها عادت الى الساحة السياسية لتنال نصيبها من الغنيمة التي خلفها النظام السابق وراءه ، وبدأت حرب المنافسة على نيل اكبر قسط من المكاسب ، وهذه المعركة تستعر بأسم الطائفة المضطهدة والقومية المهمشة والكتلة السياسية المستبعدة ، اي ان الدافع في نيل المكاسب هو تبني قضية فئة عانت من قبل النظام السابق ثم استئثار مايأتي من منافع لحسابها وحساب اتباعها من اشباه السياسيين الذين استهواهم العمل السياسي ليس في سبيل تحقيق مشروع نهضوي للبلد او على الاقل للفئة التي ينتمون اليها بل لتحقيق مكاسب ومناصب تعود عليهم بالنفع العظيم ، وعليه بدأت السجالات السياسية وتبادل الاتهامات  والظهور امام الشعب بصفة المدافع عنه واستمالة مشاعره بغية الحصول على صوته الذي يوصله لاحتلال مناصب خصومه لتبدأ رحلة جني الارباح والمكاسب على حساب موارد الشعب ومعاناته وتعاظم همومه .فالعراق امام تحدي كبير يضاف الى تحدياته التي لها بداية وليست لها نهاية وهو طغيان ثقافة المكاسب بغض النظر عن الطريقة او الوسيلة او نوع التكتل او الوجهة السياسية فمادامت المحصلة واحدة وهي الجلوس في مقعد سلطوي واذا لم تحظى بذلك فربما أتيح لك الوقوف خلف من يجلس في مقعد سلطوي لتحظى دون غيرك ببعض مايكسبه سيدك ، والساحة السياسية العراقية عموماً والموصلية خصوصاً تشهد بين الحين وألاخر بروز اشبه مايكون بـ ) فقاعات) على شكل تجمعات حزبية او سياسية هدفها استبدال اسلافهم في المناصب والحلول محلهم ويدفعهم في ذلك ما عانى الشعب العراقي من جميع السابقين ومن لحقهم وتبعهم وسار على خطاهم ، ويحثهم ما لاقى الشعب من تهميش وأقصاء وتجاهل ، بل ومعاملته على انه مسطبة او سلم يرتقون على آلامه ومعاناته بأقدامهم ليجلسوا قريري العين ويطالبوا فوق ذلك من الشعب بتقديم فروض الطاعة لقراراتهم وسلطتهم .. هذه الثقافة جلبت للعراق أسوء سمعة بين بلدان العالم ، حيث عد العراق من افسد بلدان العالم مالياً وادارياً وأخطر بلدان المعمورة على المدنيين والصحفيين والفنانين والادباء والكفاءات العلمية والاطباء نتيجة التجاذبات السياسية واستشراء الفساد في جميع مفاصل الدولة لتحدث ردة فعل قادت البلد الى الدمار والتخريب.وقد وصلت هذه الثقافة السيئة الى مستويات متدنية في القطاعات الادارية والاجتماعية للدولة حتى وصلت الى ابسط موظف او مكلف بخدمة عامة وكانه ينتزع( شعرة من جلد خنزير)، لقد باتت ثقافة المكاسب آفة خطرة على مستقبل البلد كونها افرزت عادات وظواهر مخلة بالانتماء الوطني والذريعة هي ( الحرمان في السابق) والفرصة متاحة في الوقت الحاضر والمال العام سائب والشاطر من يغتنم الفرصة التي اذا اتيحت له قد لاتتكرر ، ربما نعجز في هذا المقام ان نضع حلاً او حلولاً فالقضية هي قضية أبتلاء عام وشامل وتقع مسؤولية الخلاص منه على جميع الفئات والكتل والسياسيين ورجال الدين ومنظمات المجتمع المدني (الشفافة) وترسيخ ذلك في المناهج والخطاب الاعلامي العام ووسائل أخرى لم يصل عقلي القاصر الى معرفتها……