23 ديسمبر، 2024 10:01 ص

ثقافة المسرح ، وحوار المنافي

ثقافة المسرح ، وحوار المنافي

* هو اسماعيل خليل أمين ، مسرحي من العراق ، تنقل بين سوريا ، وبيروت ، واليمن ، وبلغاريا ، والمانيا التي استقر بها وطنا بديلا وملاذا للحياة وللعلاج . انتهى المطاف بها بعد حملة الهجرة الاولى للخلاص من الوطن الذي لا يوفر السلام . يقول اسماعيل : هناك لملمت افكاري وقمت بالتعاون مع لطيف الحبيب باصدار كتاب يحمل عنوان ( المسرح المغيب ، شاهد على العصر ) . وفي العام 2001 عملت بمشاركة صالح كاظم وبكر رشيد على تأسيس اول مهرجان للمسرح العراقي في المنفى . ومن المانيا بالتحديد كانت الانطلاقة . وكنا نطمح ان نثبت لانفسنا ، بأننا فاعلون هنا في المنافي وبامكاننا ان نوصل صوتنا الى الوطن ونتواصل مع بغداد وفنانيها . لكن التواصل مع بغداد وثقافة الداخل كانت شبه مستحيلة ان لم أقل معدومة ، رغم ذلك كان يحدوني امل في نقل تجربة الحداثة من المسرح العراقي لمنفاي ، عزاءا او بديلا عن لوعة الفراق . وفعلا نقلت ما استطعت حمله من تجربة الى اليمن الجنوبي املا في تواصل التجربة التي بدأناها في بغداد . وانطلاقا من ان اسس الحضارة واحدة ، وقاسمها المشترك هو الانسان ، والوعي الانساني . ومن تجربة اليمن التي اصابت النجاح ، ما دعا الحكومة اليمنية ارسالي الى بلغاريا في دورة تدريبية عام 1987 كي أتخصص فيها بالاخراج وباشراف البروفيسور البلغاري : ساشو اوستيانوف في معهد الدولة العالي للمسرح VTIS ، قدمت خلالها مسرحية ( عرس الدم ) للشاعر الاسباني : لوركا ، اطروحة لتخرجي وحصولي على الدبلوم العالي في الاخراج . عدت بعدها الى اليمن . ومنها وفي العام 1996غادرت الى المانيا وبالتحديد الى مدينة برلين . التي اختارها بعد ان ضاق به الحال في الوطن – العراق ، وكبر في داخله الاعتقاد من ان في تغير المكان والابتعاد أمل في حياة اكثر انفتاحا ، تسمح لطموحاته ان تجد طريقها الى النور . يقول : الصدفة وحدها قادتني الى اليمن التي انشئت فيا مسرحا اطلق اليمنيون عليه مسرح حديث . شكلت في عدن ( فرقة مسرح أكتوبر ) اخرجت لها العديد من المسرحيات بدأ من مسرحية ( الملك هو الملك ) للكاتب سعد الله ونوس ، التي اعتبرها المعنيون انطلاقة جديدة للمسرح اليمني الجنوبي من حيث الحركة ، التشكيل الحركي (

الميزانسين ) ، الاضاءة ، اللون ، والتمثيل الذي قال عنه أحد النقاد : ( نحن نعرف هؤلاء الممثلين من قبل ، لكنا الان نعرفهم بشكل آخر مغاير وجديد ) . ورغم انها كانت تجربة مهمة ولكنها كانت صعبة – حسب اسماعيل – لكنها وضعت اللبنة الصحيحة الاولى في طريق المسرح اليمني . تبعتها تجارب اخرى لا تقل بذات الاهمية ، فكان المسرحيات التي قدمها حسب تسلسلها ( الملك هو الملك ) للكاتب : سعد الله ونوس ، ( عبيدو ، والصراط ) للكاتب : توفيق اخلاصي ، ( الشهداء السبعة ) وهي حكاية يمنية كتبها العراقي : هادي الخزاعي ، ( حصار بيروت ) للكاتب : شاكر لعيبي ، ( العودة المفاجئة ) للكاتب : مارتن أسلن ، ترجمة : سعدي يوسف . مسرحية ، ( الفيل يا ملك الزمان ) للكاتب : سعد الله ونوس . شاركت في مهرجان أيام قرطاج المسرحية 1991 . مسرحية ( ابو حيان التوحيدي ) للكاتب : قاسم محمد .

خاض اسماعيل خليل نوعين من الصراع ، صراع مع السلطة التي كبلته ، والثاني مع الذات التي منعته من الانزلاق في الانتماء الضيق في الحياة او في السياسة . هو الذي يدعو الى الحرية المطلقة للفنان باعتباره اساس الحضارة وقاسمها المشترك ، كما تؤكد ذلك جميع الآثار واللقى والايقونات . ولأن الوعي يحتاج الى الحركة بديلا موضوعيا عن اللغة غير ذات الأهمية في الكثير من الاحيان ، وعليه فـ ( الحركة ) كفيلة بايصال المعنى غير المسبوق ، متعدد الآفاق البكر ، بسلاسة ويسر . ان الحركة ذات الفكر التنويري والحرية بلا قيود ، ذات المهمة العسيرة هي الوحيدة القادرة على بقاء المسرح بعيدا عن الولآأت . وما الخراب الذي اصاب المسرح الا بسبب النظرات الضيقة التي تحاول ان تفرض رؤيتها واجندتها على كل شئ . واذا ما حسم الصراع باتجاه الحرية فمن المؤكد اننا سنشهد نهضة للمسرح لا مثيل لها . ولأن مهمة النهوض بالمسرح مهمة عسيرة لابد لها من فكر علماني – تنويري . في عقدي نهاية الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي – حسب اسماعيل خليل – الذي يقول : خضنا تجربة الوفاء التام للابداع ، ورفضنا الوصايات ، الضيقة منها والواسعة ، فلم نكن وقتها ننصاع كليا لتلك الوصايات ، ولقد وضعنا هامشا واسعا للحرية في سلوكنا ، وسياسة العقوق لاولياء الامر والاوصياء التي سلكناها ، جعلتنا نحقق الكثير ونقف بجدارة مع من سبقونا وقوف الأنداد ، مع عدم رضانا عن هذا النوع من السلوك وعلمنا بعدم رضاهم – أيضا – واعتبارنا عاقين .

في العام 1948 ، ولد اسماعيل خليل في محلة البتاوين ، خلف مسرح بغداد وسينمات شارع السعدون حيث تسكن جدته لأمه . معمدا بخليط عرقي غير طائفي من سكان بغداد ، مسسلمين ومسيحين وايزيدين ويهود وصابئة ضيعت ملامح انتماءاته العرقية وسلحته بخصال من اخلاقها المعمدة بحب العراق ، انه خليط من طيب سكانها . هو القائل عندما صار مهما : “حين أقدم على تأسيس عمل مسرحي اخراجيا لايفارقني اقراني من المسرحين أخشى مراقبتهم التي تحيطني بالمعرقبة وتخشى علي من الزلل ، انهم يحتلون تفكيري ويشعروني بالرهبة ، يراقبوني وانا أعمل ، لكنني ازداد اطمئنانا باحاطتهم لي فأعرف بانني أسير على طريق سليم ، اتعمد استشارتهم ولو كذبا أحيانا من أجل سلامة خطواتي ، حتى اذا تعديت اليوم الاول من العرض ووقفت على ارائهم تنفست الصعداء ” . أكد ذلك لي حين هاتفته ليل 17-18/آب/2015 ومن غير سؤاله مؤكدا ذات الرأي الذي كنا نسير عليه جميعنا نحن تيار ( المجددين ) من جيل الشباب في السبعينات الثائرين على كل عناصر المسرح حينها ، على التأليف والاخراج والتمثيل بفعل تأثيرات الأدب الحديث والرؤية البعيدة عن المعالجات التقليدية في العمل على النص – حسب اسماعيل خليل – ومنطلقات جيلنا .

صلاح القصب ، عوني كرومي ، فاضل خليل ، جواد الأسدي ، فاضل سوداني ، علي ماجد ، عبد المطلب السنيد ، هادي الخزاعي ، عقيل مهدي ، عزيز خيون ، حسن عبد ، محمد زهير حسام ، كاظم الخالدي ، وآخرين جميعهم يشكلون المبدعين ممن جايلوا اسماعيل خليل ، وشكلوا جميعا ظاهرة الجيل ، أو الرعيل الثالث من المسرحيين في العراق . ونادرة صباحات بغداد التي نصحو بها بعيدين عن بعضنا . وغالبا ما تجمعنا وجبات طعام مشتركة زهيدة الاجر ، او وجبة غداء تجمعنا في بيت جدته لأمه التي رعته وصيرته فيما بعد مبدعا تباهت بحضوره الفاعل في الساحة المسرحية مثلما تباهينا به نحن جيله . هو اول المخرجين من جيلنا اعتمدته الفرقة القومية للتمثيل مخرجا رسميا بعد اعداده بجدارة في فرقته الأم ( فرقة المسرح الفني الحديث ) ومروره ضيفا او عاملا في بقية الفرق المسرحية العاملة الأخرى ( فرقة المسرح الشعبي ، فرقة المسرح الحر ، فرقة مسرح اليوم ، فرقة اتحاد الفنانين ، فرقة 14 تموز و24 فرقة مسرحية اهلية ذات التمويل الذاتي تتنافس فيما بينها على صدارة المشهد المسرحي ) . جيل المسرحيين من الرعيل الثالث كان يقطع يوميا مئات الكيلومترات متنقلا بين شارع الرشيد وشارع

السعدون والوزيرية عبر باب المعظم والباب الشرقي لبغداد ، حيث بيوتات أهل نرتادهم باستمرار بحثا عن مأوى ننام به او نقود تؤمن لنا قوت يومنا . آوتنا فنادق بغداد زهيدة الثمن اغلبها يقع في شارع الرشيد حملت اسماءا توحي باجورها الرخيصة ( فندق الايمان بالله ) و( فندق وردة الصباح ) و( فندق ليالي دمشق ) ( فندق مؤيد ) وفنادق اخرى اقل اهمية آوتنا مع حقائب كتبنا التي تضم احيانا قميص نوم او بدونه ، فمنا من كان ينام بخلع البنطلون والقميص لينام بالملابس الداخلية ، او ينام بالبنطلون والقميص عندما لا تتوفر الملابس الداخلية . ننام حتى أذان الظهر لننطلق الى مطاعم الـ (الفوكه)* حيث الرز والمرق وكميات هائلة من الخبز (الصمون)** كيف لا وهي الوجبة الاهم التي نقتات بها حتى الساعة الثالثة ليلا عندما ننهي يومنا من المقاهي بعد نقاش ومشاهدة فلم في احدى سينمات بغداد ( سميراميس ، غرناطة ، الخيام ، النصر ، بابل ، وسواها ) أو احتساء كأس او اكثر من العرق او البيرة في بارات ( كاردينيا ، أو بلودان او فوانيس ، البارات زهيدة الدفع والثمن ) لنذهب بعدها والصبح اوشك على الاشراق حيث عربة ابو شامي للمقليات ( العروك والبطاطا والباذنجان والبيض المخلوط بالعروك المفتت ( المخلمة ) تحت نصب الحرية وتحت عنق الحصان الجانب الاعظم من نصب الحرية حيث ينتظرنا العشاء الكبير في العديد من السندويتشات ( اللفات بالعراقي ) . نأكل ونأكل بلا حساب فبالامكان عند ابو شامي ان نسجل ما نأكل على الحساب الذي بقي الكثير منه دينا في رقابنا سددناه بعد التخرج ومن اجور من اشتغل من بعضنا . الكيلومترات التي قطعناها وقطعتنا مشيا كانت تنتهي بنا عند ( مسرح بغداد ) او ( مسرح اليوم ) او ( مسرح الـ 60 كرسي ) ، وفرق مسرحية اخرى بلا صالات عرض كانت هي الاخرى مقراتها في شارع السعدون او محلة البتاوين او في منطقة الصالحية او مدخل شارع النهر . كنا نذهب اليها – الفرق المسرحية – اما للتمرين او للعروض المسائية ، وأسعدنا من كان يحظى باسبوع مجاني كالذي حصل معنا في ( النخلة والجيران ) ومع ( فرقة 14 تموز ) في عرضهم لمسرحية ( الدبخانة ) . كانت تلك مكرمة تمنحها لنا الدولة على خشبة مسرح الدولة ( مقر المسرح القومي ) في كرادة مريم – المنطقة الخضراء فيما بعد – حاليا لا يقطنها الا المسؤولون . وبالتالي فالهموم اعلاه ، ورحلة الاميال سيرا على الاقدام ، مصحوبة بالجوع المزمن او التخمة بالوجبات الخالية من الفيتامينات بها او بسببها شل العديد من مبدعينا ممن لا تعتني بهم الدولة ولا الايام ، دفع الكثيرون منهم

ثمنها بأمراض مزمنة أو ما يقابلها من الهموم . هي التي اقعدت اسماعيل خليل ، الذي اصبح يشكو من امراض عملاقة ، اقعدته ، وابعدته عن الابداع ، بعيدا عن الوطن الذي لا يعتني بمبدعيه ، لكن المنفى احتضنه مواطنا من الدرجة الاولى وعالجه بارقى المستشفيات وما زال في العلاج باهتمام من كبار مسؤولي المنافي من امثال الكبيرة ( ميركل ) رئيسة وزراء المانيا ، التي فرغت بيتها لاستقبال من وصل من اللاجئين .

اسماعيل خليل الذي عمده الكبار ، ابراهيم جلال ، ويوسف العاني ، جعفر السعدي ، جعفر علي ، قاسم محمد ، سامي عبد الحميد ، اسعد عبد الرزاق ، بدري حسون فريد ، ابراهيم الخطيب ، بهنام ميخائيل ، وسواهم . وبعد ان انجز ادواره في المسرحيات ، النخلة والجيران ، تموز يقرع الناقوس ، في انتظار كودو ، عطيل ، ماكبث ، وسواها على مسارح بغداد . كل هذا الجهد خلق منه مخرجا من جيل الصبية – نحن – كما يحلو للكبار تسميتنا وقتها . اذن هو واحد من اؤلئك الصبية الفرحين بالتسمية ممن طمنوا الكبار بولادة جيل حمل رسالة السعي المرهق من التصورات الخاضعة لقوانين التطور الاجتماعي والانساني في الحياة والمسرح . اطلقنا عليه العديد من الصفات ، الحكيم ، الهادئ ، النبيل ، الطيب ، الذي نادرا ما يخرج من رزانته . رجل بهذه الصفات هل يصلح لأداء شخصية ( ياجو الشرير ) البعيد عن كل صفات اسماعيل في مسرحية ( عطيل ) التي اخرجتها أنا – فاضل خليل – باشراف متميز من – ابراهيم جلال -واخترت لها ( اسماعيل خليل – ياجو ) بصفاته المغايرة عدى الصفات الخارجية من وجهة النظر المتفق عليها عالميا في ضأآلة الجسم ، وفي لحظات الصمت قبل الكلام ، وبالصوت الحكيم المتأني . نعم جازما كنت ومقتنعا ان يكون ( اسماعيل – ياجو )، فـ “سحنته التي تدل على عمق نظرته ووعيه وهمه المسرحي”(1) الذي يرتقي به الى مصاف أهم النجوم الكبار في العراق والعالم . والطيبة كيف ستتفق مع شرور ياجو ؟! حملت اسئلتي ومخاوفي وتوجهت بها الى ( البروفيسور ابراهيم جلال ) المشرف على مشروع تخرجي ( مسرحية عطيل كما اراه ) ، فاتفق معي على اختيار ( عبدالجبار كاظم ) لاداء شخصية ( عطيل ) ، مع شعوري في أننا سنختلف على اختيار ( اسماعيل خليل ) لاداء شخصية ( ياجو ). لكن موافقة ابراهيم جلال سبقتني على صواب الاختيار ، قائلا : اذا اردت ان تسند دور الشرير الى ممثل

مشاكس سيقدم الشر ناقصا . وستكون فرصة امام اسماعيل لأن يلعب الشر الذي لم يعرفه في الحياة على خشبة المسرح . وهكذا لعب ( اسماعيل – ياجو ) على المسرح بنجاح كبير .

وفي الوقت الذي كان فيه التجديد في المسرح لا يعدو اكثر من تغيرات طفيفة على النص او في الديكور وسواها كان يعالجها بحلول تقليدية ، و يبحث لها عن اشكال أكثر غرائبية ، مثيرة للجدل كما في اخراجه لمسرحية ( ماكبث ) عندما رسم خارطة العالم على بالونة تمثل الكرة الارضية يضعها بين يدي ماكبث يرمي بها حيث يشاء . و(ماكبث) كانت اطروحة تخرج اسماعيل للحصول على شهادة البكالوريوس ، طامحا في عمله عليها ان تكون غير ما اعتاد عليه الاخراج ، يأمل ان تكون خارج المألوف ، بدأ من اختصارها نصا في جعله – النص 7 صفحات – ورؤية لاتماثل بقية الشكسبيريات في المعمار المدهش واللغة القريبة من الكلام في الانجيل والكتب المنزلة وسوى ذلك من الخروقات التقليدية التي لا تجانب طاعة الوالدين في المسرح العراقي . هذه التصورات دفعت باللجنة الى منع عرضها ، الامر الذي يجعل اسماعيل الى ترك الدراسة . لم يرض ذلك اساتذته ( جعفر علي ، جعفر السعدي ) اللذان انبريا لاقناع ابراهيم جلال – استاذه المشرف – ان يوافق على عرض ( ماكبث ) من اجل مستقبله في الحصول على شهادة التخرج ، فوافق ابراهيم وتشكلت لجنة الاختبار من كبار الاساتذة اللذين منحوه درجة الامتياز في الاخراج المسرحي . ولا يفوتنا ان نذكر يأن الصحف ايضا تناولت هذا الحدث بما يستحق من الاهمية . من هنا تولد عنده موقف رافض للنقد الذي يكتبه نقاد غير متخصصون ، جاءوا اليه من اختصاصات ادبية مغايرة . وهو ما جعل نقودهم مصابة بالضعف المعرفي والفكري ، اجهضت كتاباتهم العديد من التجارب الناجحة في المسرح . لا تعدو كتاباتهم غير انطباعات تناولت النص فقط ، وهو الجانب السهل من المعادلة والقريب من اختصاصاتهم . فلم يتطرقوا الى التجسيد وما يتبعه من اساسيات تشكل التكامل الفني في العرض المسرحي . وان مهمة الناقد كما حددها برتولد بريخت بامكانها استدراج الجمهور إلى المسرح ، والناقد هو من يدفعنا إلى التنازل عن قناعاتنا وفقا لآرائه . وهذا النوع من النقاد غير متوفر – حسب اسماعيل – وهو الذي اثار اشكالية ان ” النقد كالفكر ، أو هو فكر لا يتغذى ولا ينمو إلا بالتساؤل المستمر”(1) . وبعد ان تدنى مستوى المسرح في الاونة الاخيرة صار الناقد الذي يشكو من العروض التي تستحق الكتابة وها هو الكاتب المصري لويس عوض يقول : ” ماذا أنقد ؟

للأسف أن ما يعرض حاليا لا علاقة له بفن المسرح ، لا من قريب ولا من بعيد”(2) . فالرأي النقدي اذن لا يولد من لا شئ بل هو ينمو وينتعش في ظل المعرفة والعروض الكبيرة .

* انه هو اسماعيل خليل أمين ، عراقي اينما حل – حسب شعوره – تنقل بين سوريا وبيروت وبلغاريا واليمن والمانيا التي استقر بها ملاذا للحياة وللعلاج ، وسواها من المنافي الهامشية ، ضمن حملة الهجرة الاولى للخلاص من الوطن الذي لا يوفر الحياة والسلام لابناءه . ولد في بغداد 1948. انطلق صغيرا من برنامج (جنة الاطفال) للمربي الكبير (عمو زكي) . 1967 انتمى الى (فرقة الصداقة) التابعة للمركز الثقافي السوفياتي فمثل لها واخرج العديد من المسرحيات . 1968 التحق باكاديمية الفنون الجميلة لدراسة المسرح . 1969 تم اختياره ممثلا في مسرحية ( النخلة والجيران ) وما تبعها من المسرحيات لفرقة المسرح الفني الحديث منها على سبيل المثال لا الحصر ( تموز يقرع الناقوس ) تأليف عادل كاظم واخراج سامي عبد الحميد .

هوامش

* الحرية المطلقة ، شرط الابداع ، حوار أجراه : صالح حسن فارس ، مع المخرج اسماعيل خليل .

1* أدونيس ، كلام البدايات ، دار الآداب ، بيروت 1989 ، ط1 ، ص190.

2* د.لويس عوض ، أزمة المسرح المصري..ومثلث النص ، الممثل ، والنقد . جريدة الجمهورية ، الخميس26/4/1984 ، ص