من المفاهيم الأساسية ضمن منهج التنمية البشرية المستدامة ، هو مفهوم ” ثقافة الصيانة”،maintenance culture
وثقافة الصيانة تهدف الى العديد من الغايات التنموية ،من أبرزها اطالة عمر الموجودات، الشخصية والعامة، وعدم استنزاف الموارد الطبيعية في انتاج مفردات جديدة لأستبدال مفردات قديمة قبل ان يحين أوان الاستبدال.
ويشمل ذلك اعداد كبيرة من المنتجات والمرافق التي يمكن اطالة عمرها الاستعمالي من خلال صيانتها بانتظام.
صيانة الموجودات بشكل اصولي، يساعد المجتمعات والافراد على التوفير بدل الانفاق على استبدال غير ضروري وممكن تلافيه.
( في ايطاليا توجد معامل لانتاج المواد الزجاجية والكريستال يعود عمرها الى الثلاثينيات ولازالت تعمل بكفاءة).
وبدون توفير لايوجد استثمار ( الّا اذا كان استثماراً خارجياً)
ونحن نعرف اهمية الاستثمارات الجديدة للنمو والتنمية.
كذاك، فان ثقافة الصيانة واطالة عمر الموجودات تحمي البيئة من التلوث الناجم عن رمي المفردات القديمة والتخلص منها اضافة الى حماية الموارد الطبيعية من الاستنزاف واطالة أعمارها الاستخراجية لكي تصل الى الاجيال القادمة.
ان عمليات انتاج مفردات جديدة تحتاج الى طاقة ، بمختلف انواعها، مما يساهم في التلوث واستهلاك طاقة اكثر.
يمتد مفهوم الصيانة الى الاقتصاد في استهلاك المياه والكهرباء ، التي يكلف تحضيرها وتوليدها الكثير من الموارد ويسبب الكثير من التلوث.
الاقتصاد والعقلانية في استعمال الاغذية التي اصبح رمي أجزاء منها في القمامة ، تقليداً عاماً يمارسه حتى بعض الفقراء.
في العالم المتقدم يميل المجتمع الى الشعور بالمسؤولية الجماعية عن مستقبل التنمية ومستقبل الحياة في البلد المعني.
الكل يتصرف بهذا الفهم ويقتصد ويهتم بالصيانة لدوافع شخصية ودوافع عامة.
وتعتبر صيانة البيئة من ابرز اوجه ثقافة الصيانة ، بحيث تم ادخال نوع من الحسابات القومية التي تسمى ” المعدّلة بيئياً” . ويجري بموجبها اعادة احتساب الناتج المحلي الاجمالي للبلد بعد اضافة وطرح عناصر بيئية جرى استنزافها أو تطويرها وصيانتها وكذلك اعادة تقدير الادخار الوطني بعد أخذ تلك العوامل في الاعتبار.
في الدول المتخلفة ( ولا أقول النامية، لانها ليست كذلك) تسود ثقافة التباهي والمظاهر البرّاقة ومحاولة التميّز من خلال الإفراط في الاستهلاك والاستبدال قبل الأوان.
كون الفرد يمتلك المال لايعني ان له الحق في تبديد الموارد لانها في النتيجة ملك الأمة ونتائج سلوكه تنعكس على المجتمع. وهنالك سلطات في بعض الدول، تحاسب الشخص الذي يطلب طعاماً اكثر من حاجته ويترك جزءاً مهماً منه.