من المحزن حقا ان نجد مثقفا واعيا أو أديبا كاتبا بصنوف الادب اوفنانا مبدعا جميلا يحمل في حسه قضية شعبه وهموم الانسانية جمعاء ليرصدها عبر مرايا الجمال الاخاذ الذي يشمل روعة الكون وروح الاتصال الفني والجمالي في حيوية الحياة وكرامة الانسان في الحرية وسموها فيفاجؤنا بموقف غريب وتغيير في اتجاهه ينتقل بنا لرؤيته عبر نصف دورة (180)درجة هذا التغيير في الموقف يجعلنا في حيرة ونحن المتابعون له والمتواصلون بمداخله وعتباته وجمال افكاره ودقة طروحاته وموضوعية تحليله وعلميته وصدق نظرته للواقع واذا به يحيل كل مابناه خلال معاصرته لأحداثنا الكبيرة الى خراب ودمار شامل ولهاث حزين وينفي كل ماقاله لنا ليحيلنا لأرض يباب …ويبقى ذنبنا اننا بشر نحب قراءة كل جديد ونروم التغيير والتطلع في مسار الحياة ونبغي المغامرة والمفاجئة ونؤمن بالأنسان وحقيقة قناعاته وماينعكس عبرعدساته الأبداعية اللامة ….
قد يكون ((جوليان باندا)) في كتابه خيانة المثقف محقا في وصفه للمثقف الكوني الشامل والذي اصابه الرعب من احداث كبيرة ارهبته فجعلته مصابا برعب كل تلك البشاعات التي صادفته وغيرت من وجهته فيهرب راميا راية القناعات ليحيل افضل ما كان فيه الى خراب ودمار شامل وعزلة مركونة ….
واعود الى مثقفنا في وطننا العربي عموما وعراقنا الجديد خاصة وليكون نموذجا لقراءتنا للواقع العربي المرير بعد احداث سبتمبرالتي هزت العالم وما سمي عندنا بالربيع العربي والتحول الجديد في الشرق الأوسط الذي حول الساحة الثقافية والفكرية الى ركام من الاشلاء والتناقضات والتصدعات جعلت الجماهير في كل مكان في حيرة من أمرها ومن خلط كل الأوراق في حروبنا الاهلية التي شتت القريب والبعيد وظاهرة النزوح والهجرة والأحساس الذي جعل الفرد غريبا في وطنه وما افرزته حروق الاحتلالات واختلالات الانظمة والسبب كما يعرف الجميع هو الثقافة ووعيها في توجه الانسان نحو ضوء الحياة والخروج من نفق التخلف وظلام الجهل ورؤية الاشياء على حقيقتها …
ونموذجنا في عراق التغيير صيغة صارخة متقلبة الاهواء والرؤى تسحبها عربة السياسي المحصن وحصانه القوي نحو مصالحه واهدافه وتطلعاته الحزبية واسباب العطش كثيرة فالمثقف مهمل ومهمش وبلا حصانة اجتماعية ولا يمتلك امكانية غيرادواته في صقل الموهبة والعيش بسلام لأنتاج الجمال والحب الذي يصنع الحياة
فالسياسي بيده السوط والعدة ومعه المؤونة والنقود والسلطة والسطوة ليغري من يغري ويهتف له من يهتف وحين تتكاثر العربات وتتوزع الطرقات حسب توزيعاتنا الطائفية وتنويعاتنا الاثنية ترى الهتافون كل حزب بمالديهم فرحون .ونظريات الأنقسامات جاهزة ترسمها اياد خفية لينتهي المأزق باتهام المثقف والأسباب معروفة …والمثقفون الحقيقيون يبقون في مداراتهم الابداعية بين التلميح بطرقه المعروفة او التصريح المبطن بالخوف وهي اليوم في عالمنا الصاخب لا تغني ولا تسمن من جوع مثل عصا المايسترو وهويواجه بها هراوة الشرطي في ساحة التظاهر او صوت موسيقى في مسيرة حاشدة بالفوضى اويبقى الكاتب باحثا عن رمز العصفور في صخب صقور تأكل الأخضر واليابس فنجسد عنف أخطائنا حين لا نسمع صوت الآخر وتنتصر الكراهية والضغينة والتخلف فيسود العنف بيننا وناقدنا الجميل الذي يردد مصطلحات الغرب الجاهزة دون الدخول عبر بوابات النص وعتباته ليشارك لعنة هذا التردي في الثقافة وليس لنا سوى ان نتفرج على هذا العالم ونسخر منه كما يقول واالت وايتمان …..