لدى مناقشة مشروع العنف الاسري في مجلس النواب ، قال مسؤول حزب الفضيلة :” ومالضير في ان تضرب المرأة على سبيل التأديب ، وان تكرر ذلك ، يمكنها أن تشكو أمرها الى القانون ؟!” ..وهو يعرف جيدا ان اغلب النساء يخشين دخول المحاكم حياءا أوخوفا من انقلاب الامور ضدهن فالقانون العراقي ينصف الرجل أكثر من المرأة …
في الآونة الاخيرة ، ظهرت ثقافة جديدة في الشارع العراقي تمارسها جهات متنفذة في الحكومة وماأكثرها وهي سياسة (التأديب )..وهذه السياسة لاتطال حتما الا المستضعفين ، فكما يمكن للزوج أن يضرب زوجته لأنه اقوى منها وسلطته الشرعية والاجتماعية تمنحه ذلك ، منحت الجهات السلطوية نفسها الحق في تأديب كل من يخالف شرعها ويشكل تهديدا لهيبتها وتسلطها ..وهكذا ، اختفى العديد من الناشطين المسالمين كجلال الشحماني الذي نال النصيب الاكبر من التأديب كما يبدو ولحقت به أسماء عديدة منها الصحفية أفراح شوقي التي لن تجرؤ –كما اعتقد –بعد الآن على كتابة مايقض مضاجع المسؤولين ثم خضع سبعة ناشطين شباب الى (التأديب ) بالوسيلة المرعبة لكل مواطن مسالم وهي الاختطاف والاحتجاز في اماكن لايعلم بها الا الله واصحاب السيارات الحكومية المظللة مجهولة الارقام ..
لقد نجحت هذه الثقافة في بث بذور الرعب في نفوس المواطنين الآمنين وبات كل منهم يراجع حساباته خوفا من ان يجد فيها مايزعج الجهات المسؤولة فالمواطن مستضعف والجهات المتنفذة قوة ولن تكون هناك وسيلة رادعة لحوادث الاختطاف التأديبية خاصة واننا بتنا نكتفي بعودة المخطوف الى اهله ونتبادل التهاني على وقفتنا معه بالانتقاد والتضامن فقط من دون أن نحظى بتفسير او اعتذار او وعود حكومية بزرع بذور الأمان والثقة في الشارع العراقي ..
واذا كانت الزوجة التي تتلقى الضرب من زوجها وتقرر الاعتراض على سياسته يمكنها أن تطلب الطلاق منه وتنهي صفحتها معه فكيف يمكن للمواطن البسيط ان يتصرف أمام سياسة التأديب؟ ..هل يطلق الحكومة ويكف عن تلويث اصبعه بالحبر البنفسجي في كل مرة لمساعدتها على الاحتفاظ بمناصبها وهيبتها أم يطلب منها العفو والمغفرة على ذنوب لم يقترفها لمجرد المحافظة على أمانه ؟…المشكلة ان بعض المحاكم الشرعية لاتجد الزوجة المعنفة ضحية ولاالزوج مذنبا وقد تعيدها اليه بحكم الطاعة وهو مايحدث معنا في كل مرة فحتى لو فكرنا ب(النشوز) وحاولنا أن نطلب الطلاق من واقعنا المزري ، فهناك سلطات اعلى منا تسخر من تمردنا وتواصل تحكمها فينا وتعيدنا الى بيت الطاعة سواء انتخبنا ام لم ننتخب ، فهم الباقون ونحن من سيمضي اذا ماحاولنا الخروج من الحظيرة ..هناك من سيسأم من كل شيء ويغادر البلد وهناك من سيكتفي بالصمت والرضى على مضض ، ومن تسول له نفسه أن يعترض فسيخضع ربما لثقافة (التأديب ) الجديدة ويعود بالتالي صاغرا الى بيت الطاعة !!