يقول المهاتما غاندي: (عندما أشعر باليأس,أتذكر أنه على مدى التاريخ دائماً ما ربح طريق الحق والحب) أن منطق العبودية واستعباد الناس وهدر كراماتهم وإنسانيتهم وفرض أملاءات عليهم هو طريق الطغاة والمستبدين الذين يجدون في هذه الثقافة المنحرفة نصراً لقصورهم الذاتي ومشاكلهم النفسية التي تحيطهم عوزاً, ليس لها حدود سوى أن ترى كل ما من حولها يعيشون حياة الذلة والمهانة وصولاً لمعادلة استكمال النقص ,لغرض هدف حقير ومريض,فالطغاة ليس لديهم خطوط حمراء وسوداء وصفراء,المهم أن يتحكموا بقوت شعبهم من خلال رغيف الخبر للعيش,أومن خلال أساليب قذرة ينتهجونها للوصول لمبتغاهم لنشر ثقافة الخضوع والخنوع والذلة,واستبعاد الأحرار عن طريقهم أما بقتلهم وتعليقهم على المشانق وتركهم لأيام طويلة ,في رسالة تبعثها السلطات الحاكمة أن كل من يتجرأ في التطاول على السلطة وانتقادها ولو برأي ,فالمصير هو ذاته سيلاقيه ,أو نفيهم خارج بلدانهم في دول نائية,في محاولة لكبح صوتهم الرافض للواقع المزري والمؤلم الذي تعيشه الأمة من جور الحاكم الظالم , فالعبودية أو “الرق” هي نوع من الأشغال الشاقة القسرية طوال الحياة للعبيد حيث يعملون بالسخرة القهرية في الأعمال الشاقة والحروب وكانت ملكيتهم تعود للأشخاص الذين يستعبدونهم,وكانوا يباعون بأسواق النخاسة أو يشترون في تجارة الرقيق بعد اختطافهم من مواطنهم أويهدي بهم مالكوهم, وممارسة العبودية ترجع لأزمان بعيدة منذ ان خلق الله تبارك وتعالى الأرض واستخلف البشر عليها ,وعندما تطورت الزراعة بشكل متنامٍ في مصر،فكانت الحاجة ماسة للأيدي العاملة, فلجأت المجتمعات البدائية للعبيد لتأدية أعمال تخصصية بها,وكان العبيد يؤسرون من خلال الإغارات علي مواطنهم أو تسديداً لدين,وكانت العبودية متفشية في الحضارات القديمة لدواعٍ اقتصادية واجتماعية. لهذا كانت حضارات الصين وبلاد الرافدين والهند تستعمل العبيد في الخدمة المنزلية أو العسكرية والإنشائية والبنائية الشاقة,وكان قدماء المصريين يستعملون العبيد في تشييد القصور الملكية والصروح الكبرى وكان الفراعنة يصدرون بني إسرائيل رقيقاً للعرب والروم والفرس , وكانت حضارات المايا والإنكا والأزتك تستخدم العبيد على نطاق واسع في الأعمال الشاقة والحروب,وفي بلاد الإغريق كان الرق ممارساً على نطاق واسع لدرجة أن مدينة أثينا رغم ديمقراطيتها كان معظم سكانها من العبيد وهذا يتضح من كتابات هوميروس للإلياذة والأوديسا,ان عملية تحرير الشعوب من الأنظمة الفاسدة تحتاج الى تضحية بتداءاً من الكلمة التي تخرج من فم الإنسان وفي محلها بوجه السلطان الجائر المستبيح لنفسه كل شيء والذي يحرم على الآخرين ما يرتأي تحريمه وما تشتهيه نفسه ,لقد خاض الإمام علي (ع) صراعات كبيرة وجسيمة لأجل المستضعفين والفقراء في إقامة الإصلاح وتجسيده على أرض الواقع وتحوله من الخطاب الشقشقي لحيز التنفيذ والتطبيق على الرعية ,لكن الأمام الحسين هو يخاطب الجيش الذي استحوذ الشيطان على نفوسهم وقد ارتضوا أن يعيشوا العبودية لأنهم فضلوا الحياة مع الطاغية بقوله :(أن لم يكن لكم دين,وكنتم لا تخافون المعاد, فكونوا أحراراً في دنياكم ,وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون) فالكثير من الأحرار فقدوا أعز ما يملكونه لأن المبادئ لا تجزأ عندهم و لا تشترى و لا تباع بل هي راسخة في نفس الإنسان الذي لا يريد أن يكون عبداً بل حراً.