تعهداتُ وزير الكهرباء الحالي الَّتِي أعلنها عند تسنمه إدارتها، لم تكن فِي واقعِها الموضوعي مطمئنة للمستهلكين بعد أنْ تسرب الشعور باليأسِ مِنْ إمكانيةِ تلمس حلول واقعية لمشكلةِ إمدادات الطاقة الكهربائية، وَالَّتِي ارتقت بفعلِ شدةِ آثارها السلبية إلى مستوى الأزمات الوطنية الكبرى الَّتِي رافقتها خيبة أمل شعبية عظيمة، وشعور باليأسِ مِن إمكانيةِ تأهيل فعاليات هذا القِطاع الحيوي؛ جراء تبدد الآمال حول إمكانية إدارته النهوض بمهماته، وَلاسيَّما بعد تبخر المعطيات المترتبة عَلَى إعلانِ نائب رئس الوزراء لشؤون الطاقة عَنْ نيةِ إدارة الطاقة تصدير الكهرباء فِي نهايةِ عام 2013م إلى خارجِ العراق!!.
لا مفاجأة في القولِ إنّ مشكلةَ الكهرباء المتنامية الأثر فِي العراق، لا يمكن تفسير أسبابها الموضوعية – عَلَى الرغمِ مِنْ تعددِها وتباينها – إلا بفقرِ الرؤى الاستراتيجية، وما تبعها مِنْ إجراءاتٍ تمثلت بأعدادِ برامج التأهيل، وإقرار الخطط الخاصة بتطويرِ موارد القِطاع – سواء أكانت طويلة أم قصيرة المدى – بمعزلٍ عَنْ الركونِ إلى دراساتِ الجدوى؛ إذ أَنَّ سوءَ تقدير الإدارة وتقييمها، يعبر بوضوحٍ عَنْ افتقارِ مؤسسة الكهرباء إلى الرؤى المستقبلية، فضلاً عَنْ المساهمةِ بترسيخِ آليات بيآت العمل الفاسدة القائمة عَلَى المحسوبية ونبذ الكفاءة، ولعل ضياع نحو (40) مليار دولار فِي المدة الماضية، مِنْ دُونِ الوصولِ إلى معالجاتٍ حاسمة لمشكلةِ الكهرباء خير مصداق عَلَى ما تقدم ذكره، بالإضافةِ إلى ما نجم عَنْ هذا الواقع المرتبك مِنْ خسائرٍ أخرى غير منظورة، وبخاصة تعطيل المعامل والمصانع، وتشويه مقومات البيئة المحلية الجاذبة للمستثمرين، إلى جانبِ التأثيرِ عَلَى مرتكزاتِ مهمة الاستقرار الاجتماعي، وتضييق سبل راحة المواطن والاساءة إلى حالته النفسية، وَالَّتِي بمقدورِها التأثير في معدل إنتاجيته فِي العمل.
إنَّ ارتفاعَ درجات الحرارة فِي هذه الأيام، وما يصاحبها مِنْ زيادةٍ فِي مؤشرِ الأحمال الكهربائية، مِنْ شأنِه المساهمة فِي تنامي ثقافة الإحباط الَّتِي يعود تاريخها إلى سنواتٍ عدة؛ جراء عدم جدوى الإجراءات المتخذة مِنْ إدارة الكهرباء، وَالَّتِي أغفلت إخفاق ما سبقها مِنْ إدارات، وركنت إلى تركيزِ جهودها صوب ركوب موجة خصخصة قِطاع الكهرباء تحت عنوان الاستثمار، حيث فرضت هذه المهمة عَلَى وزيرِ الكهرباء التمسك بمحاولةِ تنفيذ آلية الخصخصة مِنْ خلالِ السعي الحثيث لإقناعِ بعض الأطراف المؤثرة في صياغةِ قرارات السلطة التشريعية. ولعل مِنْ المفارقاتِ الكبيرة ضمن هذا الإطار هو انضمام بعض أعضاء اللجنة الاقتصادية فِي مجلس النواب إلى قائمةِ المباركين لهذا التدبير التنفيذي المثير للجدل، بعد أنْ كانوا مِنْ أشدِ المعارضين لفكرةِ خصخصة قِطاع الكهرباء، بل والرافضين حتى لمناقشتها بقصدِ إقرارها مِنْ عدمه.
إنَّ تمسكَ وزيرِ الكهرباء بخصخصتها، لا يمكن أنْ يكون بديلاً موفقاً عَنْ السعيِّ الحثيث مِنْ أجلِ وضع الأسس الكفيلة بضمانِ سلامة وضع شبكة الكهرباء الوطنية، وقدرتها عَلَى مواجهةِ تحديات قساوة الظروف المناخية، وَالَّتِي بلغت هذه الأيام مثلما هو حاصل فِي العام الماضي نصف درجة الغليان.
فِي أمَانِ الله.