23 ديسمبر، 2024 8:19 م

ثـــــــم…اقتــــديت -8 / فــــــورة كــــــــروش

ثـــــــم…اقتــــديت -8 / فــــــورة كــــــــروش

عام 2003، كان عام مليئا بالأحداث والتطورات، وفيه انهيار الحكم الديكتاتوري.. ثم فراغ في الساحة.. وحينها تسابقت العناوين والجهات لملأه ..  وفرض وجودها.. بينما يراهن الاحتلال الأمريكي على اشعال الفوضى… التي يجدها (خلاقة).. في تخطيطه..
كنت متفائل جدا..!! واتوقع ان تتجه الامور تلقائيا نحو المشروع الوطني، على المستوى العام، لان الشعب عانى كثيرا.. والان تخلص من الحكم الديكتاتوري، وجاءت الفرصة لشعبنا للسير في الاتجاه الصحيح.. الا ان ان ضجيج الهمرات والاحزاب التي دخلت معها.. اوجدت فوضى.. في كل مكان.. وأوآن !!
ويبدو ان القدر والوعاء العراقي ..كان يغلي.. ويفور.. وبعض العناوين والجهات فكرت بطريقة (الحواسم) واستعجال الفوز بالغنيمة .. دون ان ينتبهوا الى انها مرحلة (فورة).. او كما سماها اهل المثل (فورة كروش)..
ويطلق هذا المثل الشعبي على الغليان الاول للمرقة ، في عملية طبخ معدة الخروف (الكرشة) .. والطباخ العارف بأكلة الكرشة، يقوم بطبخها، اولا، ثم رمي المرقة ، لانها (زفرة) .. والاحتفاظ باللحم (الكرشة)..ليطبخها ثانية.. والاستفادة منها..
وقد يسارع الجاهل الى الاكل من المرقة الاولى (الفورة الزفرة) .. دون اي ينتبه الى انها (لا تصلح للاكل).. ولم تكن الاحداث عام 2003 ..وما بعدها.. اكثر من فورة (كروش).. تمهد للفورة القادمة..
وهذا مشابه لما حصل في العراق.. بل هذا هو مبدأ (الغربلة).. الذي تستخدمه السماء في الطبخ..!!
في هذه الفورة والفوضى.. كنا، جماعة ممن يتبع السيد الشهيد الصدر، نراقب الجهات في الساحة، وأداءها.. وكان المرحوم ابواحمد الدليمي ومعه جماعة الشيخ الطائي, وابرزهم السيد علاء المكصوصي, يزوروني، غالبا، في شقتي في حي العامل، ويحسنون الظن بي، ويحصل بيننا نقاش حول موقف المكتب (مكتب السيد الشهيد) لانه الجهة الاوسع حركة..
 وكانت الانتقادات توجه من قبلهم الى السيد مقتدى الصدر، لصغره، وقلة علمه..!! كما يقولون..
ويبدو انهم يحاولون كسبي الى صفهم المعارض للسيد مقتدى..
وبالرغم من دور هذه المجموعة في النشاط الصدري قبل 2003، وثقتي بهم..
 الا اني تحركت للتأكد من جهتين هم ثقاة عندي، الشيخ الذهيباوي في المحمودية، والسيد فاضل الموسوي في الحلة،.. وقد وجدتهما داعمين لمركزية مكتب السيد الشهيد الصدر.. اجمالا..
بدأت الصورة تزداد غموضا.. وتتلاشى ملامح المستقبل، الا اني حاولت ان احتاط والتزم بأمرين:
الاول: اطمئناني الوجداني بشرعية مكتب السيد الشهيد الصدر.. وضرورة مساندته وخدمته.. بعيدا عن الشخوص المنطوية تحت عنوانه..
الثاني: موقفي القديم والثابت والمناهض للاستعمار والاحتلال والامبريالية….
وكنت افحص واختبر مواقف الجهات الدينية والسياسية استنادا الى الأمر الثاني، أي موقفها من الاحتلال..
أما الصدريون، فقد كنت اختبرهم على اساس موقفهم من المكتب المركزي..وثوابت السيد الشهيد الصدر..
وبدأت تتجلى المواقف، على رائحة فورة الكروش، وتساقطت الجهات والشخوص.. تدريجيا..
وتجلت مواقف السيد مقتدى الصدر الوطنية الثابتة..الرافضة للاحتلال،، والمطالبة بالتحرير والسيادة والاستقلال..
وحينها،، حاول الكثير افتعال معارك ثانوية، وطائفية، واثارة قضايا فكرية وسياسية،، الا ان موقف السيد مقتدى الصدر..كان واضحا..صريحا.. وموضوعيا.. تحرير العراق اولا..
وبالرغم من طبعي، الميال للتحقق والتدقيق.. وجدت قيادته ضامنة للمشروع الوطني.. وضمانة للخروج من مستنقع الاحتلال والتدخلات الإقليمية..
وهنالك الكثير من الاطروحات والمواقف من قبل السيد مقتدى الصدر ..تستحق التوثيق والتنظير.. في الكتابات القادمة ..انشاء الله ..(1)
………………..هامش………………..
(1) هذه الصفحات هي تقديم لموضوع عام وشخصي، مفاده الاهتداء والالتزام بمشروع السيد مقتدى الصدر الوطني، بعد بحث وفحص وتدقيق من قبل الكاتب.. وكأن ذلك مصداقا لقوله تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ..(طه82)
الحمد لله على نعمته وهدايته.. وتسعدني ملاحظاتكم وآرائكم…