12 أبريل، 2024 9:36 ص
Search
Close this search box.

ثـــــــم…اقتــــديت -3 / شارع المكاصيص

Facebook
Twitter
LinkedIn

عام 1996، بدأت تصل الينا استفتاءات صادرة من السيد محمد الصدر .. وكانت تثير بيننا نقاشات طويلة.. واحيانا يتصاعد الخلاف بيننا.. لان اجوبة السيد تفاجئنا بانهيارات مواريث ..كانت لدينا من المقدسات..
اهم الحواجز بيننا وبين السيد الصدر.. هي حالة اليأس التي وصلنا اليها بعد فشل انتفاضة 1991..
كنا مستسلمون لقدرنا.. ونميل للتدين التقليدي.. وكأننا موتى .. تقلبنا يدي الغسال..
واخذ الاستعداد للموت والكفن جزءا من تفكيرنا ..وسعينا..
ونحسن الظن بالعمائم النجفية، كلها،.. ونجدهم مجاهدين..فضلا عن إعطائهم العذر.. وتحميل المجتمع المسؤولية..
في ظل هذا السلوك والتفكير التقليدي..  واستسلامنا للواقع.. نتفاجئ بتصريحات للسيد الصدر ..اكثر من خيالية..
كان السيد ينتقد الحوزة واداءها..!! ويكشف ان السيد الفلاني ليس سيدا..!!
ويريد اقامة صلاة جمعة!!
ويتكلم بجرأة غير متوقعة.. ويكشف زيف احد المراقد المقدسة في المحاويل..(1)
ويعطي موافقات لقتل رفاق في حزب السلطة (البعثية)..!! ..(2)
وقد تبنى عدد كبير من الشباب الملتزم اطروحات وتصريحات السيد الصدر.. وكنت اناقشهم ,, واعترض عليهم..بحدة..وانفعال ..
وبالرغم من ثوريتي قبل 1990.. وتفكيري الوجودي.. الا اني..وبعد فشل الانتفاضة.. وضغط الديكتاتورية والحصار الاقتصادي.. بدا عندي توجه ديني ..أشتد بسرعة.. واتخذت المنهج التقليدي..وكنت على تواصل مع مجموعة الاستاذ (جبار) وهو صاحب مكتبة من اهل الحلة.. وهو يرجع الى السيد السيستاني.. والتقيت لعدة مرات مع السيد السيستاني ..لاحقا..في مسجد الخضراء،، الملاصق لحرم الامام علي (عليه السلام).. واقتصر كلامي مع السيد على اسئلة شرعية..لاننا كنا نخاف ان نساله عن امور سياسية، دفعا للاحراج..وخوفا من الجو العام..
كان لاخ زوجتي ابو حسين (رائد) دورا في فتح عيني على الحوزة.. ولاكثر من مرة،، زرنا بيت السيد الخوئي والسيد محمد تقي.. والسيد السبزواري وولده البار (السيد علي).. وزيارات للشيخ الغروي والشيخ البروجوردي..
وحصلت جلسات كثيرة مع السيد حسين بحر العلوم،، لكونه منفتحا،، وغالبا يجلس معه السيد الشوكي..وصار السيد بحر العلوم داعما للسيد الصدر،،لاحقا ،، ومؤيدا لاطروحاته..(3)
وبعد تصدي السيد الصدر،، دخلنا في صراع كلامي مع مؤيديه، ولاني كنت من مقلدي السيد السيستاني، كنت أثير التساؤلات ضد الصدريين.. وغالبا تكون أجوبتهم موضوعية.. الا ان شبهات دارت في ذهني،،
الشيء العجيب،، ان السيد الصدر، خاطب الناس بشكل مباشر، بواسطة (الكاسيت).. وبعض المنشورات الصغيرة،، والبيانات.. وكان الكلام المباشر منه..ذو اثر في نفسي طيب عندي.. وكانت اجوبته – تبدو- مخصصة لتزيل الشبهات التي علقت في ذهني..وكان اجوبة السيد معدة لتجيب على الاسئلة التي حيرتني..
وفي اخر المطاف.. استسلمت لكلام السيد الصدر..لانه يناقش القضايا المثارة ضده،،باسلوب علمي ومنطقي،، ويطرح عدة اجوبة ،،لكل سؤال،، فتجد – غالبا – احد الاجوبة المناسبة في كلامه..
ويبدو ان ردة فعل ، قد حصلت عندي، فصرت اهاجم الطرف الاخر بشكل حاد، وادافع عن السيد الصدر..حتى يوم استشهاده..
بعد ذلك،، وصلت اخبار الانتقام الصدري، في مناطق عدة، ومنها المسيب، وحسب ما نقل لي عادل،،
كنت متحمس لفكرة الثورة او ما شابه،،
 وكنت احيانا،، اذهب الى سكرتير دائرتنا الهندسية،المرحوم ابواحمد الدليمي، وكان يسكن في حي العامل،، عسى ان يرتب لي مهمة ما ،، بالتنسيق مع صديقه الشيخ قاسم،،
وفي يوم ما، ونحن نتمشى في احد شوارع حي العامل،،
 فاجئني بقوله:: اتعلم انك تمشي في اخطر شارع في حي العامل..؟؟
ثم قال: هذا شارع المكاصيص..(4)
كنت انتظر مهمة ما، اقدمها لمكتب السيد الشهيد الصدر (رض)..فقال: جماعة النجف يسلمون عليك ويحتاجون تصاميم لكاتم الصوت..!!
كانت التصاميم لدينا في الدائرة الهندسية،، وقد وقعنا على سرية المعلومات،، وان اخراج مثل هذه المستندات من الدائرة،،  تعتبر بمثابة انقلاب على الحكم الصدامي..
قلت له: الابعاد في راسي،، ويمكن ان اشرف على تصنيع كاتم الصوت خارج الدائرة..
قال: هم يريدون المستندات فقط؟؟ سلمني اياها..وانا ساتكفل باخراجها..
اتفقنا لاحقا.. على ان انقل الرسم والابعاد على ورقة عادية واسلمها له..
وقد حصلت عمليات صدرية ضد البعثيين.. واعتقل بعضهم في البصرة،، بعد عملية اغتيال السعدون (قائد بعثي)…
وعلمت لاحقا..ان السيد مقتدى يدير عمليات ضد ازلام السلطة.. بشكل مباشر،، وبشخصه،،او عن طريق مجاميع،، بعضهم من ابطال الكاراتية،،..(4)
..الهوامش…
(1) من الناحية الشرعية يجب فضح من يدعي النسب الهاشمي،، وقد صرح السيد بعدم ثبوت الهاشمية لاحد الاسماء البارزة في النجف الاشرف،، كذلك،، حينها،،، صدرت فتوى من السيد الصدر، تمنع زيارة مرقد علي بن الحسين في المحاويل لعدم وجود ادلة تثبت وجود اصل المرقد..وقد اثارت هذه الفتاوى جدلا واسعا..
(2) يبدو ان السيد الصدر يحاول كسر شوكة السلطة الديكتاتورية، وانا سمعت بقضية ضد السيد، لانه اعطى اجازة لعدد من الشباب، لقتل مسؤول بعثي / ممن تلطخت يديه بدماء الابرياء..
(3) هذه اللقاءات بدات منذ 1990، بعد دخول صدام الى الكويت، وحصل انفراج امني نسبيا، لم يدم طويلا، وانتهى بعد الانتفاضة ، وخلالها التقيت بالسيد محمد الصدر، داخل الحرم العلوي، حيث كان يصلي جماعة، وجلست معه لاكثر من مرة في مكتبه (الراني) في شارع الرسول .. واما عن السيد الشوكي، وهو سيد جليل القدر، وملازم للسيد حسين بحر العلوم،، استمر في دعمه لمكتب السيد الصدر،لاحقا، ويبدو انه سلم مبلغ حوالي 500 مليون، من الحقوق،، الى مكتب السيد الصدر..استنادا الى وصية السيد بحر العلوم..
(4) العمليات ضد ازلام السلطة غيرت المعادلات في الساحة،، واصبح ازلام الحزب الحاكم يحذرون غضب المواطن المستقل (الغير بعثي) ..بدلا من التعرض له واستفزازه.. ومقارنة مع حالة قبل عام 1991 وفيها تعرض المستقلين الى ضغوط واستفزازات من جهة الحزب وازلامه،، لان السلطة الديكتاتورية حاكمة ومهيمنة،، الا ان انتفاضة 1991 بقيادة السيد السبزواري والسيد الصدر اوجدت ظروف اخرى… وخاصة ،، جهود السيد الصدر بعد 1996في تحييد شريحة من ازلام السلطة، فضلا عن العمليات النوعية التي استهدفت رموز السلطة.. وكان عدد من ازلام السلطة يتصلون بالمستقلين –مباشرة – ليسجلوا عندهم حسن سيرة..او يتقربون بطريقة ما،، لتوضيح انهم تابوا..!! وقد اخبرني ابو احمد الدليمي ان ضباط امن اتصلوا به وشكوا حالهم بسبب فعاليات ومضايقات السيد الصدر لهم..!! كذلك اخبرني المهندس سعد السعد ان عدد من قادة الحزب جلسوا عنده وبينوا معارضتهم لصدام.. !!
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب