23 ديسمبر، 2024 9:02 ص

ثـــــــم…إقتــــديت -13 المحــــــــــــــــرك

ثـــــــم…إقتــــديت -13 المحــــــــــــــــرك

على باب السيد :

دخل السيد مقتدى الصدر غرفته المتواضعة، نظر يمينا وشمالا، اتجه الى وعاء معدني فيه بقية من الماء.. حرك شفتيه، وشرب، ثلاث رشفات متقطعة..

نظر الى ساعة جدارية، انها الثانية ليلا، رفع كلتا يديه ونزع عمامته، المتربة، وضعها على أريكة قديمة، قريبة منه، ثم مسح جبهته.. بيده اليمنى..

جلس على الارض، مطأطئ الرأس.. وجه نظره صوب (كومة) أوراق، وتفحص بعضها ..

إنها طلبات وشكاوى واقتراحات واعتراضات وقصائد ودراسات .. من مكاتب وإفراد.. او رسائل تعريفية من جهات او أحزاب.. من الفاو إلى الموصل او كركوك او من الشمال..

وفيها رسائل من خارج العراق.. من افراد او جهات..

كلها تحتاج قرار او حل او كلمة شكر او بيان او رد.. او استفتاء..

قضايا ومشاكل تنتظر حلا.. من شاب صلى الفجر، وخرج من بيته، يحمل خشبته على ظهره.. وهو يتحدى قوات الاحتلال.. لا يرى كبيرا الا خالقه.. ولا يثق بدولة .. ولا ينظر لجهة .. الا شعبه..

قضى يومه، بين مداولات حوزوية ثم لقاءات عشائرية، وروابط طلابية تصر على مقابلته، وتنظيمات سياسية وأخرى مهنية تقف ببابه، جاءت من بغداد، ولا ترجع الا بعد لقائه.. !!

ومجموعة نسائية تنتظر ارشاداته..!!

شاعر صدري متعجل لقراءة قصيدته.. واخر مظلوم لا يرى الا حاجته.. وسفير وصل بموعده..!

مشكلة في ميناء ام قصر، وتصرف أهوج من قيادي في ديالى، ووفد من تلعفر.. وشيوخ دين وعشائر وصلوا لأجل امر خطير..

خبر (مفبرك) سبب ضجة، ومراسلون ينتظرون موقف تجاه ما يجري.. واستفسارات حول إعدادات صلاة الجمعة لهذا الاسبوع.. ولجان تحقيقية تنتظر عرض قرارها على السيد، وموفد من احد المراجع خارج العراق، لا يمكنه الانتظار..

مشكلة من مكتب السماوة، واخرى من الناصرية، ومشاكل بين صدريين في مدينة الصدر، وانشقاق قيادي في كربلاء، وشكاوى من الحلة.. وتقارير وردت حول اتصالات مع الكرد.. وأخرى مع أحدى الجهات السنية..!! او طلب من احد الأحزاب اليسارية بخصوص فتح مقر له..

…… شاب وميراث:

اغلب الجهات والافراد، التي جاءت اليه.. تأمل ان تفرض رأيها على السيد الشاب، وأخذ ما تريده.. أو تحاول ابراز خبرتها، من خلال تقديم النصيحة له ..!!

ومنهم من ينظر الى سماحته، على انه يافع ، قد ورث ميراثا أكبر من حجمه..!!

هكذا تصورت المشهد، عندما اخبرني احد الأصدقاء، عن حجم العمل على عاتق السيد مقتدى الصدر.. لقد شكوت الحال، حينها، لأننا كنا نتحرك يمينا ويسار، نريد أن نبرئ ذمتنا، ولكن ، كان ، كل شيء غامض، وكأننا في سفينة، تهزها العواصف والرياح، ونحن، نحاول ان نثبتها بأجسادنا الضعيفة، ولا يبقينا إحياء الا الأمل بحصول معجزة.. او توقف القلب عن العمل..

قال لي، صديقي، بعد ان رجع من النجف..

هم كذلك، في مكتب النجف.. مثلنا، يركضون، وسيد مقتدى ما ينزع عمامته الا الساعة (ثنتين) بعد (نص) الليل..

حينها، فوضى أمنية في بغداد، انتشر قطاع الطرق، وكثرت اخبار سرقة السيارات.. ويفترض ان اكون الى جنب عائلتي، في الكرخ، قرب حي الجهاد، الاشد خطرا..

الا ان كلمات الصدر (الوالد) لا زالت (غضة) في اذني.. (لا تقصروا).. (بذمتكم)..

كان الموت في الشارع، يهدد الجميع.. وانا اجد (الموت) في بيتي..

لا يمكن لي، وقد انتظرت هذه الفرصة طويلا، الا ان اكون مع (الصدر).. مهما كلفني الموقف..

كان (المحرك) والدافع الذي يجعلني اترك عائلتي، واطفالي، في الخطر.. واخرج في ساحة الفوضى.. ساعيا لخدمة مكتب الصدر.. هو (محرك) داخلي.. وجداني.. لا يمكن لي ان اصفه..

لكن هذا (المحرك) يقوى.. يوما بعد يوما.. وكلما راجعت ذاكرتي.. وراجعت مواقف وخطط السيد الصدر..

ويقوى (الايمان) بقيادته الفذه.. ومشروعه الانساني والوطني.. واخلاقه العملية السامية ..

وتزداد الثقة بالمستقبل بوجوده.. وبمشروعه العادل الكامل.. وللحديث بقية..