23 ديسمبر، 2024 6:38 ص

ثـــــــم…إقتــــديت -11

ثـــــــم…إقتــــديت -11

… العافية بالتداريج …
عام 2004، شهد صيرورة مفاهيم عدة، تتعلق بالساحة، وتناقضاتها. واختلفت التسميات والمصطلحات التي تستخدم تجاه القوات الأجنبية، هل هي قوات احتلال أم تحرير أم تحالف أم ماذا؟

ومن الجانب الاخر، ما هو الموقف منها؟ لان الموقف هو نتيجة التسمية والمصطلح الذي تستخدمه، مثلا، اذا قلت قوات تحرير، ينتج عنه، انها قوات صديقة، وستعمل معها ولها..

ومن يستخدم مصطلح (الاحتلال) ، يكون معبرا عن رفضه لدخولها ووجودها، وهنالك من لا يريد ان يصرح بموقفه، فقال (قوات تحالف) او (قوات الائتلاف)..!!

كان للصدريين، موقفا واضحا تجاه دخول القوات الأجنبية، رافض لها، وينظر بعين الريبة للحراك الامبريالي بالمنطقة عموما، فضلا عن العراق.. ويمكن تفسير ذلك بعدة آراء منها:

اولا: الخطوات السابقة، ومنذ 1991، التي قام بها السيد محمد الصدر (رض) وهو (الوالد) للسيد مقتدى الصدر، واهمها التحشيد لمواجهة الاستعمار والاحتلال، ومن يراجع خطبه في مسجد الكوفة عام 1998 وما بعدها، يلمس بوضوح، استشراف السيد الشهيد الصدر للمخطط الامريكي في العراق..

ثانيا: تم تربية القواعد الصدرية، على الذوق ( العصامي).. المؤمن بقدراته الذاتية والرافض للتدخل الخارجي من اية جهة خارجية،، فضلا عن ذلك (التوكل) على الغيب .. والإيمان بالقدرة الإلهية على دعم الإنسان..

ويؤمن الصدريون، بضرورة اعتماد الشعوب على امكانياتها الذاتية.. في التغيير وبناء اوطانهم.. وقد يفسر هذا موقفهم (المتميز) ضد الاحتلال وضد التدخل الخارجي في العراق ، عسكريا او سياسيا، وبخلاف الذوق العام السائد الذي ينتظر الحل من واشنطن او طهران او انقرة او جدة..!!

بناءا على هذه الاسس والثوابت، كنت ادقق في مواقف السيد مقتدى الصدر، ولم تكن للعاطفية، او المجاملة، اثر في قراري بنصرته والعمل تحت رايته..

نعم، يوجد احساس داخلي، او حدس، يشدني لساحته، الا ان ذلك، لم يكن كافيا، امام سيل التهم والشبهات ضد السيد الصدر، من جميع الاتجاهات، فضلا عن اقرب المقربين اليه، والملاصقين له، في 2004.. وما بعدها.. والذين صوروا لي انفسهم ، انهم قطب الرحى، في المنظومة الصدرية.. واساءوا الظن بالصدر، وتوهموا انهم (قائمون) بذاتهم..

والحقيقية، انهم من ملازمات الصدر، وحاشيته، وليس لهم كيان بإمكانياتهم الذاتية، لكنهم استغلوا التيار لبناء مجدهم الذاتي، ثم رموا بانفسهم في متاهات المخابرات الخارجية، ليعملوا على الاضرار بالصدر وتمزيق قواعده، وهذا ما يريده اعداء الصدر من هؤلاء المغرورين.. ليسلطوا (اقزام) تابعة لهم ، على رقاب الشعب..

بالرغم من الحرب الاعلامية والنخبية ضد الصدر، الا ان الاحداث اللاحقة، وحصول فرصة، قليلة نسبيا، مكنتني من اكتشاف عظمة هذا الانسان ، الوطني، الفذ، والمثالي.. بعد ان راجعت مواقفه وكلماته، بشكل دوري ، وقارنتها مع مواقف وكلمات العناوين الكبيرة التي جالستها، وتقصدت الاحتكاك بها..

ويمكن ان اصف اهم المواقف التي وجدها عند السيد الصدر وهي:

اولا: الايمان بالقدرات الشعبية، واحترام التمثيل الشعبي، ومراعاة اختيارات الشعب..
ثانيا: لذلك، يرفض فرض اية قرارات خارجية، على الشعب، لانها تعطل النمو الذاتي للقرار الشعبي، والذي يترتب عليه نضوج العق الشعبي..

وقد وصف ذلك ببساطة وبلغة شعبية قائلا: العافية بالتداريج..

ويقصد ان نمو الحضارة والديمقراطية، عندنا، تنمو بحرية وشيئا فشيئا، وان وجدت الاخطاء، بينما ادارة البلاد من الخارج، تعطل النمو في العقل الجمعي العراقي…

ثالثا: حرمة الدم العراق.. وكان ولا يزال يثقف لذلك ويلتزم به..

وللحديث بقية..