23 ديسمبر، 2024 12:15 م

ثغرات قانونية في مشروع قانون مجلس الاتحاد الذي يعد أعلى السلطات

ثغرات قانونية في مشروع قانون مجلس الاتحاد الذي يعد أعلى السلطات

بتأريخ 22/9/2014 تمت القراءة الأولى لمشروع قانون مجلس الاتحاد ولأهمية هذا القانون نتناول في ما يلي قراءة قانونية للمشروع , ابتداءا يعد هذا القانون من القوانين الدستورية التي نص عليها دستور جمهورية العراق حول وجوب تشريعها ضمن المادة (65) التي نصت ( يتم إنشاء مجلس تشريعي يدعى مجلس الاتحاد يضم ممثلين عن الأقاليم و المحافظات غير المنتظمة في إقليم و ينظم تكوينه و شروط العضوية فيه واختصاصاته وكل ما يتعلق به بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب ) , فضلا عن النص الوارد ضمن المادة ( 48 ) من الدستور و المتضمن ( تتكون السلطة التشريعية الاتحادية من مجلس النواب و مجلس الإتحاد ) .

وأول المأخذ على مشروع القانون المطروح أمام مجلس النواب هو شكلي حيث ورد في صدر المشروع أن التشريع تم استناداً إلى أحكام البند ( أولاً ) من المادة ( 61 ) و البند ( ثالثاً ) من المادة ( 73 ) من الدستور فكان على من قدم المشروع أن يضيف المادة ( 65 ) من الدستور إضافةً للمواد آنفاً كونها أوجبت تشريع القانون و هذا الخطأ الشكلي يتكرر من قبل مجلس النواب عند تشريع القوانين فيكتفي بالإشارة إلى المواد ( 61 ) و ( 73 ) و لا يشير إلى المواد الدستورية التي توجب إصدار التشريعات , و بإلقاء نظرة شاملة على مشروع القانون نجد انه يتكون من 24 مادة تتضمن تشكيل المجلس و اختصاصاته و إليه عمله و معظم مواد القانون تعتبر مناظرة لمواد تخص مجلس النواب وردت في الدستور أو في القانون الانتخابات و سنركز في قرائتنا للمشروع على المواد الخلافية التي تثير الجدل و تختلف فيها الآراء .

و نبدأ بالنص الوارد من الفقرة (ب) من ثانياً من المادة الثانية التي بينت وجوب توفر نفس الشروط المطلوبة في المرشح لمجلس النواب , و نقطه الضعف في هذا النص تكمن في إن مجلس الاتحاد سيشكل سلطة لمراجعة مشروعات القوانين الصادرة من مجلس النواب أي انه بمثابة سلطة رقابية أو تدقيقية على التشريعات مما يتطلب في أعضاء هذا المجلس مستوى علمي وخبرة تؤهله للقيام بهذه المهمة لذا نقترح أن يشترط في المرشحين لعضوية هذا المجلس حصولهم على شهادة البكالوريوس كحد ادنى مع خبرة و ممارسة في دوائر الدولة أو النشاط الخاص بما لا يقل عن خمسة عشر سنة و أن لا يقل عمرالمرشحين عن (40) سنة نصت المادة (3) من المشروع على سريان قانون انتخابات مجلس النواب العراقي على انتخابات مجلس الاتحاد و هذا يعني ضمنا سريان المادة (13) من قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم (45) لسنة 2013 النافذ حاليا التي تنص على وجوب أن لا يقل عدد النساء المرشحات عن الربع في القائمة و أن لا يقل نسبه تمثيل النساء في المجلس على الربع و لوجود خشية من تعديل النص في قانون انتخابات مجلس النواب بالاتجاه السلبي نرى ضرورة و جود نص على نسبة تمثيل النساء في مجلس الاتحاد و بما لا يقل عن (25%) من عدد الأعضاء .

و تشكل المادة (13) من مشروع القانون الاختصاص الرئيسي للمجلس المتمثل بصلاحية المجلس بتقديم مقترحات القوانين و آلية ذالك كما ورد ضن الفقرة ( أولاً ) من المادة المذكورة في حين تضمنت الفقرة ( ثانياً ) من نفس المادة آلية التعامل مع مشاريع القوانين المحالة عليها من مجلس النواب حيث عالجت الفقرة (أ) حالة موافقة المجلس على مشروع القانون المشرع من قبل مجلس النواب بإعادته إلى مجلس النواب خلال (15) يوم لغرض استكمال آلية تشريعه , بينما عالجت الفقرة (ب) حالة عدم حصول المشروع على الاغلبية المطلوبة في المجلس و التي قضت بإعادته لمجلس النواب مع بيان الأسباب في حين بينت الفقرة (ت) حالة موافقة مجلس النواب على أسباب الاعتراض و في هذه الحالة على مجلس النواب إشعار مجلس الاتحاد بذلك ورفع المشروع إلى رئيس الجمهورية للمصادقة و الإصدار .

و تناولت الفقرة (ث) أهم الحالات و هي رفض مجلس النواب لأسباب الاعتراض التي أبداها مجلس الاتحاد و إعادتها إلى مجلس الاتحاد و التي خيرته بين حالتين أما الموافقة على القانون أو الإصرار على اعتراضه و إعادته إلى مجلس النواب الذي يبقى أمامه خيار واحد لتشريع القانون و اعتباره مقراً يتمثل بوجوب حصوله على اغلبية الثلثين من اعضاء المجلس و بخلافه يعتبر المشروع مرفوضا و هنا تكمن السلطة الحقيقية لمجلس الاتحاد على التشريعات و نقطة المرونة التي يمكن أعمالها في هذه الحالة تتمثل بالاكتفاء بأغلبية أعضاء مجلس النواب من الحاضرين في الجلسة كاملة النصاب بدلاً من ثلثي أعضاء المجلس .

و من بين أخطر المواد القانونية الواردة في مشروع القانون نص المادة ( 14 ) التي نصت على ( يكون لممثلي المحافظات المنتظمة بإقليم و المحافظات غير المنتظمة بإقليم حق نقض القوانين التي يسنها مجلس النواب في حال مساسها بالحقوق أو بالصلاحيات الدستورية و القانونية لأقاليمهم أو محافظاتهم ) و تتمثل خطورة هذه المادة بالرجوع إلى نص المادة (12) من القانون التي بينت في الفقرة ( أولاً ) تحقق نصاب انعقاد جلسات المجلس بحضور الأغلبية المطلقة لعدد أعضاءه ( 50% + 1) و بينت في الفقرة ( ثانياً ) بأن قرارات المجلس تتحقق بالأغلبية البسيطة بعد تحقق النصاب أي ( 50% من الحاضرين + 1 ) و ترجمة هذه النسبة إلى أرقام على فرض أن عضوية مجلس الإتحاد تضم ( عدد الأقاليم و المحافظات مضروباً في 4 ) هو (64) عضواً أي أن عدد الأعضاء المطلوب تصويتهم لنقض القوانين هو (17) صوت فقط , و هذا يشكل خطورة كبيرة ومن جانب آخر فإن هذه المادة تتعارض مع اختصاص المحكمة الاتحادية العليا المؤسسة بموجب المادة (92) من الدستور و التي نصت الفقرة ( أولاً ) من المادة (93) من الدستور على أبرز اختصاصاتها المتمثلة بالرقابة على دستورية القوانين و الأنظمة النافذة مما يتطلب إعادة نظر شاملة بهذه المادة و جعلها لا تتعارض مع النصوص الدستورية .

و في الختام من المفيد أن نشير إلى أهمية تشريع قانون مجلس الإتحاد لكونه يشكل جزءً أساسياً في بناء الدولة إضافةً إلى كونه يحد من المركزية المطلقة في إدارة الدولة من خلال مجلس الإتحاد الذي يمثل تكافؤا لسلطة الأقاليم والمحافظات بغض النظر عن عدد سكانها أو مساحتها أو أهميتها الاقتصادية من خلال التمثيل المتساوي للأقاليم و المحافظات إضافةً إلى إن هذا المجلس سيشكل صمام أمان من خلال إعادة دراسة تشريعات مجلس النواب , يضاف إلى ذلك انه سيوجد مبدأ ثنائية السلطة التشريعية كعنصر إيجابي من خلال زيادة الرقابة على السلطة التنفيذية , و نأمل أن يستمر مجلس النواب في استكمال تشريع القوانين المهمة التي تشكل أركاناً أساسية في بناء هيكلية الدولة منها قانون مجلس الإتحاد .

ملاحظة : تم اعداد المقالة من خلال الاستعانة بآراء الخبير القانوني زهير ضياء الدين