منذ ان عرفت البشرية كيفيت تسير حياتهم من خلال الطرقات، وتنظيم المعيش على اساس انشاء المسالك لتربط بين مدنهم والمدن الاخرى، لتواصل والحفاظ على دروان عجلة الحياة، وبعد ان ابتكروا الطريق والة انشائها عمدوا على اعطائها اسماء لتميز فيما بينها ودلالة على العناوين، وتسهيل علم الجغرافية ودراسته، غالبا ماكانت اسماء الطرق تطلق على تلك الممرات التي بناها الانسان على اليابسة وعمد اليها كدلالة في حياته اليومية، وتسهيل التنقل بين المناطق المختلفة، وكما لطرق الياسبة اللقاب وعناوين للطرق المياه ايضا اسماء ودلالات.
فلو تبادر لذهنك عزيزي القاريء كيف للمسطحات المائية طرق ومسالك فالمياه مستوية على مد البصر؟ ستجد الجواب في مناطق الاهوار ذات قصب البردي، والنباتات العائمة على سطح الماء، حين تقوم بجولة صغيرة بين ثروة وطنية مطمورة ومهملة من قبل الحكومة والمختصين في علم التراث والموارد المائية في دولة العراق، وسيجوب بك احد اهاليها بين ممرات ومضايق في ثنايا الاهوار، وحيث وضعوا لها اسماء منذ امد بعيد، ف “السحاكي” و “المنثر” و”البغدادي” “وابو سوباط” هي اسماء اطلقها سكان الاهوار على اراضيهم ومنازلهم العائمة على وجه الماء، ليتمكنوا من عرفت الدرب السالك لوجهتم التالية.
منازل عائمة على سطح المياه، اراضيها حصيرة من البردي والنباتات البرمائية ورثوا من اجدادهم كيفيت بناء منزالهم على الماء وكيفيت تربية المواشي والحفاظ على مبادئهم وعاداتهم، فحين نزور تلك المناطق الواقعة في جنوب العراق متوسطة بين محافظتي ميسان والناصرية، ترى صورة مصغرة لعالم مليئ بالاسرار، فالمشحوف ( وهو رزوق صغير يستخدمه سكان الاهوار للتنقل على المياه) يعتبر الوسيلة الاساسية في حياتهه وبواسطتها تشق صدر الاهوار وتسافر في رحلة اشبه بالخيال وانت تتخطى عيدان البردي وقصب الذي كان ومازال يستخدم في صناعة ورق كراس الدافتر المدرسية، حيث يعوم بك المشحوف على الثروة السمكية والتي اشهر انواعها مثل ” ال بني و بياح وال بني وغيرها من الانواع التي تطهى في الهواء الطلق وبعيدا عن مؤثرات غاز الطبخ، يعمد اهالي المنطقة على شواء الاسماك في نار الحط وقطع الخشب.
بعد ان تطوي صفحة لايمكن فيها ان تحصى مدى اهمية الاهوار وثرواتها، عمق تراثها واهمية موقعها للطيور المهاجرة من مختلف دول العالم، سيقع ناظرى على قبة في كبد الاهوار الذي يعتبر رمزا للشهيد، من الامور التي تعد كنار على العلم، هي التضحيات وعدد الشهداء الذين سقطوا في ظل الدكتاتور البائد وكذلك في تلبية نداء فتوى الجهاد فالاهوار كانت ومازالات الام الودلاة للرجال والقادة الذين قارعوا لسنين طويلة، كل من حاول تدنيس ارضهم وتراب وطنهم.
بس ان تستعرض الجزء اليسير من سر اسرار هذا العالم، سترى مايدمي الجراح، فالاهمال من قبل الجهات المختصة لاراضي الاهوار شيء لا يمكن ان يعتبر في خانة الهفوات الي ينسبها المسؤولين على تقشف الموازنة وسرقة بعض الاموال المخصصة لدعم واتشيد الاهوار تحت شعار ” انعاش الاهوار” منطقة سياحية بقيمة اهوار العراق تفتقر الى ابسط مقومات الحياة وارخصها توفرا للسياح القادمين من مختلف مناطق العراق والدول الاخرى.