ونحن نقترب من إكتمال عقد من الزمان على سقوط نظام صدام ودخول الاحتلال ( التحرير !! ) وبعد مرورنا بكل التجارب التي لا يمكن وصف افضلها الا إنها تجارب مضنية وقاسية وبائسة اشد البؤس ولا طائل منها ولم تخلف الا الدمار واليأس الذي زرعته في نفوس العراقيين كل العراقيين ، تطالعنا وسائل الاعلام والقنوات الفضائية بتصريحات من هذا المسؤول او هذا المتنفذ ومن هذا الوزير و البرلماني اوذاك القيادي – وكل هذه التصريحات لا تمت الى واقعنا باي شكل من الاشكال – ولا تعدو كونها رصيدأ مضافا الى رصيد الكذب المتراكم الذي نسمعه من المسؤولين .
يقال إن هتلر كان يؤمن بالمقولة المشهورة ( كذب كذب حتى يصدقك الناس ) وكان هتلر قد اجتاح نصف العالم وهدد النصف الاخر فما بالك بمن يكذب وهو لا يأمن الخروج عن المنطقة الخضراء بل لا يأمن وهو في داخل المنطقة الخضراء ومع ذلك كله فالكذب ليس الا كذبا وكما يقول المثل السائر ( لا يصح الا الصحيح ) .
كنت ممن يروج للاحزاب الاسلامية لانني كنت اتوقع انها تمثل الاسلام ولكني تأكدت بما لا يقبل الشك أنها ليست الا ادوات لتحصيل المنافع وتحقيق المآرب المريضة فتحولت بقناعاتي عن هذه الاحزاب الفاسدة التي لا تمثل قطعا ما يحمله الاسلام من افكار سامية لا يمكن ان تتزلزل وما زلت اتذكر ذلك الشخص المسن الذي قال في احد المؤتمرات الذي عقدتها الاحزاب الاسلامية : إننا قد فشلنا ، فقالوا له كيف ، قال عندما قال بعض العراقيين ليتنا بقينا على ما كنا عليه ايام صدام ؟؟!!
ولعلنا الان وبحساب يسير لا يستدعي كثير نظر نستطيع القول صراحةً أن العراق المدمر المنكوب ليس فيه أية منجزات ( بحجم المنجزات ) تحسب لاحد من ساسة ما بعد الاحتلال ..
• لاتوجد أي خدمات تذكر في عراق النفط والخيرات الكثيرة التي حباها الله لهذا البلد واهله وإنما انتقل العراقيون من سئ الى اسوأ ولنبدأ مع الكهرباء حيث كان المسؤولون يعدوننا في عام 2005 و 2006 ان الكهرباء سوف لا تنقطع ابدا ( ولا ترمش كما نقول في العراق ) خلال ثلاث سنوات وصولا الى عام 2008 ثم انتقلوا ليقولوا انها ستكون كذلك عام 2010 ثم قالوا عام 2012 ثم هاهم اليوم يقولون حتى العام 2014ولا يتوقع احد من العراقيين ان معجزة الكهرباء العراقية ستحل في المدى القريب وحتى المتوسط ما دامت الوجوه هي الوجوه والمسالة ليست الا مزايدة ولعبة سياسية والا كيف يمكن ان نفسر بقاء محطة كهربائية جاهزة للنصب والتشغيل مدة اربع سنوات في مخازن البصرة وبتخزين غير صحي مما ادى الى تلفها تماما كما يقول البرلمانيون انفسهم وهي المحطة التي كانت وحسب المفترض تكفي لحاجة ثلاث او اربع محافظات من الطاقة الكهربائية ولا توجد أي بوادر مشجعة باتجاه الحل ، كان القطع الكهربائي في زمن صدام حسين في اسوأ حالاته ثلاث ساعات بثلاث ساعات وربما تقلص القطع الى ساعة واحدة في بعض الاحيان والان تدهورت الحصة الكهربائية الى ابعد من هذا بكثير ( ما زاد حنون في الاسلام خردلة ) .
• المستويات الدراسية في العراق لا تساوي شئ بل ان التدني في نسب النجاح صار من اهم وابرز سمات العملية التربوية في العراق ولو اردنا ان نتلمس اوضاع الطالب والمؤسسة التربوية التعليمية إجمالا فأن الطالب اليوم يعاني من قلة الخدمات في البيت والمدرسة وايضا قلة الوسائل التعليمية بل حتى المستلزمات الضرورية للطالب وصولا الى تهالك الابنية وحتى الكراسي والمرافق العامة والخاصة في المدارس هذا من جانب ومن جانب اخر فإن الطالب لا تاتي مسألة التحصيل العلمي في اولوياته بل هي من الامور المتاخرة في حساباته وهذا بسبب ما يراه من التردي على مجمل الوضع العام حيث يفضل الكثير منهم ان يكون شرطيا او موظفا في أي دائرة على البقاء واكمال الدراسة لانهم ينظرون الى الراتب وتحسين الوضع المعيشي ويفضلوه على الدوام الدراسي ، وكذلك لغياب التوعية المركزة التي تشد وتبعث الطالب الى حب المعرفة وتحصيل العلم وهذه التوعية يحتاجها حتى التربوي والتدريسي لانهم وفي غياب الرقيب الحقيقي والطرح المبدئي والفكر الذي يبني داخل الانسان ويربطه بالوطن والمصالح العامة سيكون عرضة للمؤثرات التي ازدحمت في حياة الفرد العادي فيبتعد عن رسالية المعلم واهمية الدور الذي يؤديه ويستجيب للمغريات ، ونعود الى الطلبة فانهم ايضا ولكثرة المؤثرات الاخرى التي تأخذهم بعيدا عن العلم والتعلم مثل الانشغال بما تعرضه القنوات الفضائية والعمل على النت وبعض الامور الاخرى الواردة من المجتمعات الغربية والعالمية عموما والتي تصب في خانة اللهو وتؤثر حتى على الجوانب الاخلاقية للناشئة والشباب ينعكس كل هذا على مسيرتهم الدراسية ، وهنا اريد أن اعقد مقاربة بسيطة فمن المعلوم ان الطلبة العراقيين في الغرب هم من افضل الطلبة ويأخذون المراتب المتقدمة بين اقرانهم ويحصلون افضل النتائج وكما قال وزير الصحة البريطاني عندما سألوه كيف سيتحسن المجال الصحي في بغداد لو عاد الاطباء العراقيين الى بلادهم ، فقال اسالوني كيف سيتاثر المجال الصحي في لندن اذا ما خرج الاطباء العراقيون ، والمحصلة ان المشكلة هي في مجمل الوضع العراقي الجديد في الداخل والا فما الفرق ، ناهيك عن المحسوبية والواسطة ودفع الرشاوى المتفشية على اعلى المستويات وهنا لم يتدخل عباقرة السياسة والقيادة في العراق لانهم من المستفيدين تماما كما تركوا الامور على عواهنها حتى وصلت الى ما وصلت اليه .
• اما في مجال حقوق الانسان فليست الامور باحسن مما ذكرنا ونذكر نموذجا واحدا وهي السجون العراقية التي تفتقد ابسط الضوابط التي قررتها منظمات حقوق الانسان ، وما زالت دوائر الامن والتحقيق والاستخبارات تسحق كرامة الانسان كما كانت ايام النظام وترتكب بحقه كل اساليب الضغط الجسدي والنفسي والتعذيب غير المبرر حتى إن الكثيرين يقولون اذا كان الاساس هو ان المتهم برئ حتى تثبت ادانته فهي في دوائر الامن والاستخبارات العراقية ان المتهم مدان حتى تثبت براءته وقد شهدت كثير من دوائر الامن العراقية انواعا من الجرائم المرتكبة والتي ادت الى حالات وفاة كثيرة تحت التعذيب وحالات من العوق والتشوية ، وقد نقل الكثيرين ان من يقوم بعمليات التعذيب اناس متجردين عن الانسانية وابعد ما يكونوا عن القانون والشرع والالتزام بل هم ممن يتلذذ بايذاء البشر ونماذج من الشاذين بمعنى الكلمة وكلهم ممن انتمى وينتمي الى احزاب السلطة ( الاسلامية وما ابعدها عن الاسلام ) وهذه الحالة يعرفها الكثيرون ممن ترك احزاب السلطة فهي قد استوعبت كثير من السقطة والسفلة وقد ترك قياديوا هذه الاحزاب كل المبادئ التي صاحوا بها وصموا الاذان حتى عرف الناس حقيقتهم وانهم كما كان البعث وجيش القدس يهمهم الضجيج ليس اكثر وما من مكان للمبادئ العليا الا على السنتهم المبتذلة والمتمرسة على الكذب والتدليس .