اقترن اسم الحسين ابن علي بن أبي طالب عليهم أفضل السلام وأصدقه،بالثورة على الظلم والاستبداد والطغيان وفساد السلطة ،لذلك لم يكن مجيئه الى العراق طلبا للسلطة والجاه ونهب ثروات البلد وقتل أبناءه ونشر الفساد والمخدرات والطائفية والتفرد بالسلطة وقمع فئات الشعب باسم الدين والطائفة،هو جاء الى العراق لكي يقضي على كل هذه الأوبئة التي علقت بتلابيب السلطة القمعية التي صارت علامة فارقة لحكم (يزيد وزبانيته المجرمة ) التي أجهزت على سيدنا الحسين وعائلته وإخوانه وأهل بيته سلام الله عليهم أجمعين،في أقدس معارك التاريخ الإسلامي إلا وهي معركة ألطف في كربلاء ،وهكذا تجاسرت زمرة يزيد الطاغي وقتلت الحسين ،بعد أن تخاذل القوم الذين ولم ينصروه كما وعدوا واخلفوا خوفا وجبنا ،من سطوة يزيد وعصابته ،وقالوا قولتهم البائسة تهربا من المسؤولية الأخلاقية والعهد العربي الذي قطعوه على أنفسهم، قبل وصول سيدنا الحسين الى كربلاء،(قلوبنا معك وسيوفنا مع أمية)،أليست هذه الخيانة بعينها يا قوم ولمن، للذي قال رسول الله على أمه فاطمة (فاطمة بضعة مني)، فالحسين بضعة من فاطمة إذن فهو بضعة من رسول الله جده محمد بن عبد الله، يا ويلكم من غضبة رسول الله يا من خذلتم سبطه الثائر ،واليوم ونحن نعيش مأساة الحسين بكل ما تعنيه الكلمة من معنى،من قتل واعتقالات واغتيالات وانتهاكات واغتصابات لحرائر العراق في السجون وتفجيرات دامية يومية ، وقطع أرزاق الناس(البطاقة التموينية)ونهب منظم لثروات البلاد على أيدي كبار مسؤولي الحكومة والأحزاب المتنفذة التي تدير السلطة(صفقات الأسلحة والطائرات وغيرها)،وفساد مالي وإداري قل نظيره في العالم والتاريخ،ومئات الألوف من المعتقلين الأبرياء بلا ذنب سوى إنهم قاتلوا الغزاة وعملاءه ،لهذا الظلم كله خرج العراقيون اليوم في ذكرى يوم ألطف تاسوعاء الحسين الشهيد ،لينتفضوا بوجه هذا الظلم الكافر كما واجهه جدهم الحسين وقدم من مكة لمواجهته والانتصار عليه، وهكذا شاهد العراقيون والعالم الحشود المليونية لزوار الإمام الشهيد وهم يرفعون شعارات صارخة وصادمة ضد الحكومة والأحزاب الحاكمة معها ،إن الظلم وصل حده والسكوت عليه خيانة ثانية للإمام الحسين عليه السلام ،فتحولت ذكرى استشهاد الحسين الأليمة الى ثورة حقيقية يقودها الحسين من بغداد الى كربلاء ، وسط غضب عارم على ما وصلت إليه أوضاع الشعب العراقي المتردية الكارثية في الخدمات والإدارة والأمن والمعاناة الشديدة في الحياة الاقتصادية والصحية والأمنية ،شعارات عراقية تقطر وطنية وردات عراقية أصيلة تؤكد وحدة العراقيين وتماسكهم وتحاببهم ومحاربتهم للطائفية ورفضها الى الأبد ،باختصار كانت روح الحسين وقيمه ومبادئه وبطولته حاضرة في أهازيج واحتجاجات وردات هذه الحشود المتشحة بالسواد كله، إنها طف ثانية يقيمها العراقيون الآن في شوارع العراق ضد الطغيان والفساد ،لقد شارك كل العراقيين في هذه الحشود سنة وشيعة تركمان وصابئة وأكراد داسوا على الطائفية البغيضة التي جلبها الغزاة الأمريكان وعملاؤهم الى العراق،إنها الآن طف العراقيين يعلنونها صرخة مدوية بوجه الطغيان والفساد والطائفية ،ويؤكدون انتماءهم للعراق واحدا موحدا بوجه من يريد طمس هوية وعروبة العراق،هكذا هم العراقيون في المحن يتجوهرون ويلمع معدنهم الأصيل ،وهكذا يردون الصاع صاعين لأعداء العراق ،ويستحضرون معركة جدهم الحسين في ألطف الكر بلائي ،ليقولوا للطائفيين والعنصريين وكلاب الاحتلال ،العراق باق ،والعراقيون الاصلاء باقون ،وانتم زائلين بإذن الله وبوحدة شعب العراق العظيم ، هكذا وحدت ذكرى ألطف العراقيين ،وهكذا نهض أبناء الحسين ثانية ،تقودهم راياته الخفاقة بسماء العراق ،وتكللهم قيم البطولة والمبادئ والرجولة التي جاءت بالحسين الى كربلاء ليقول كلمته الفصل بوجه الطغاة، فكانت معركة ألطف الخالدة خلود الدهر إيذانا للحرية وكسر قيود الظلم والاستبداد، فكانت شعارات العراقيين كافية لإيصال رسالة الحسين الى من يعنيهم الأمر في العراق الجريح ،ثانية ينهض الحسين ويقود ثورته نحو الحرية والاستقلال ،مجدا لثورة الحسين ومجدا للعراقيين وانتفاضتهم الباسلة …..