23 ديسمبر، 2024 5:18 م

ثامر الشيخلي/90

ثامر الشيخلي/90

{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إنشاء الله}
لم يكن الطاغية المقبور صدام حسين، سني الهوى، ولم يكن السنة صداميو الميل؛ بدليل الموقف البطولي الذي أقدم عليه الشهيد ثامر رزوقي محمد صالح الشيخلي، وهو رجل ناضج في الثانية والاربعين من عمره، معارضا يتصدى لجور الديكتاتور الذي وزع ظلمه على الجميع، بالتساوي.. عادلا في القسوة، لم يفرق بين موالٍ ومعادٍ الا بقدر التملق الظاهري، الذي أسهم بنهايته، مسرعا في إنهياره، محطما العراق معه.
إبن الآعظمية، المتأصل في بغداد.. أبا عن جد، ولد أسلافه في شارع الشيخ عمر، منتقلين الى الأعظمية، يستقرون فيها، ويتماهون مع أهلها.. خيط طيبة واصل بين المجتمعين.
على إمتداد سجدة، من ضريح إبي حنيفة النعمان (رض) ولد ونشأ وترعرع الشهيد ثامر الشيخلي، لم تعقه مويجات نهر دجلة، عن تأمل ضفاف الكاظمية، مبهورا بزهو المنائر والقباب، فوق أيوانات باب المراد.. موسى بن جعفر كاظم الغيظ (ع).
من نفحات مرفأي الإيمان المطهرين، وهما يمسكان شاطئي النهر؛ أدرك الشهيد الشيخلي، ظلم صدام ووجوب العمل على إيقافه عند حد الله والدستور، من دون تمادٍ على حرمات الرب وشرائع القانون الذي همشه سائسا شؤون العراق على هواه الاهوج.
لذا وقف معارضا له!
ولد الشيخلي العام 1946وإستشهد في العام 1988، متزوج.. يعمل موظفا حكوميا، إعتقل بسبب عدم إخفائه آراءه.. يقولها بصراحة، مجرّما الطاغية ونظامه الديكتاتوري الفظيع.
قاوم كالأسد في شباك تأسره، وهو معتقل بين يدي آفة التعذيب التي تطحن السجناء من دون رحمة، آلات مصنعة خصيصا للأمن العامة العراقية، في ورش إستثنائية، تفنن مهندسوها بالـ “سادية – تعذيب الآخر” وفاقهم لذة بإيلام الناس، الشرطة المتدربون على إستخدامها في إستلاب الإعترافات عنوة، حد تسليم الروح الى البارئ! وقلوب الجلادين مبتهجة؛ فخرا بإتقان فن الموت المنهجي.
الا ان ثامر.. نتيجة شجاعة فائقة وقوة بدنية وتماسك معنوي، خيب لهفتهم، ولم يمت أثناء التعذيب، الذي يسمونه تحقيقا، وفق تدليس حزب البعث الذي يفتعل قاموسا يبرر بشاعته!
ولأنه أفلت من شرنقة الموت، إستثناءً عن سواه، ممن هلكوا جميعا في مرحلة التحقيق تعذيبا؛ فإنهم أعدموه رمياً بالرصاص، مانعين ذويه من إقامة مجلس فاتحة، عزاء له، مواصلين ملاحقتهم؛ على أمل ان يعرفوا الجهة التي وراء موقف ثامر من صدام والبعث وحكمهما المتهرئ يسوم الشعب العراقي ذلا.. يتحكم بثرواته ويجيعه ويعسكره لحروب هوجاء.
وإنهار حكمهم من دون ان يعرفوا أنه تصرف وفق ما أملاه عليه ضميره مستجيبا لصوت وجدانه، في قول كلمة حق بوجه سلطان جائر، بنت له قصورا في الجنة، وخلود ذكر في الدنيا.