23 ديسمبر، 2024 2:35 م

ثالوث الازمة العراقية

ثالوث الازمة العراقية

الارهاب والفساد وغياب الخدمات تمثل ثالوث الازمة في الواقع العراقي العام بأطارها الكلي.

هذا ما يقوله ويؤكد عليه ويكرره بأستمرار الساسة والمثقفين ومختلف النخب وعموم المواطنين، وان اختلفت صيغ التعبير عنه الا ان الجوهر والمضمون واحد.

ولعل رصد سريع واستطلاع ميداني عابر لاحداث ووقائع يوم من الايام لا على التعيين، من خلال وسائل الاعلام والمنابر السياسية وحركة الشارع يوصلنا الى نتيجة مفادها ان الجزء الاكبر مما يقال وينشر ويبث يتمحور حول الارهاب والفساد وغياب الخدمات.

في كل يوم تقريبا تقع عمليات ارهابية تودي بحياة عشرات المواطنين الابرياء من مختلف الاعمار والانتماءات وفي محافظات ومناطق مختلفة.

وفي كل يوم تتجلى مظاهر وظاهر الفساد وتبرز ارقام وحقائق ومعطيات جديدة، ويتخذ الفساد الاداري والمالي صورا واشكالا مختلفة، والكثير منها تحظى بغطاء رسمي عبر اشخاص ومؤسسات حكومية، وارقام الفساد المالي تكون في بعض الاحيان فلكية ومرعبة، ويقابلها-وهذا امر طبيعي ومتوقع-تدني او غياب للخدمات الاساسية كالكهرباء والماء الصالح للشرب وشبكات الطرق والنظافة وما الى ذلك، ناهيك عن الاعداد الهائلة للعاطلين عن العمل والمحرومين من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومرضى الامراض المزمنة والخطيرة ووو.. القائمة تطول.

   هذا الثالوث –الارهاب والفساد وغياب الخدمات-كل عنصر فيه يكمل الاخر ويساعد في تعزيزه وتقويته، لاسيما في ظل غياب الحلول والمعالجات الحقيقية والجذرية والجادة. فالارهاب لا يأتي من فراغ، وافضل بيئة مناسبة له هي الفساد الاداري والمالي، وهذا الاخير يعني ضياع الاموال، وتبديد الجهود والطاقات، وتهميش الكفاءات والخبرات، وابعاد واقصاء المخلصين والنزيهين والصادقين، وفسح المجال للانتهازيين والوصوليين والسراق واللصوص وعديمي الخبرة والكفاءة لتبوأ المواقع وشعل المناصب لاسيما المهمة والحساسة منها.

  وفي ظل معادلة من هذا القبيل لايمكن ان نتوقع وننتظر اصلاحا حقيقيا للواقع السيء امنيا وسياسيا واقتصاديا وخدميا، وعلى كل الاصعدة والمستويات.

   وهذا الثالوث الخطير الى ابعد الحدود يعني مزيدا من الخراب والدمار واليأس والاحباط والضياع، بدلا من البناء والاعمار والامل والتفاؤل والاستبشار بالغد.

  وهذا الثالوث الخطير للازمة العامة في البلاد-شئنا ام ابينا-محوره الازمة السياسية التي مفتاح حلها بأيدي كبار ساسة البلاد ومن بأيديهم زمام الامور والحل والعقد.

  ومفتاح الحل للازمة السياسية يتمثل ببناء شراكة وطنية حقيقية تتجاوز صيغة المشاركة بطريقة تحاصصية للمواقع والمناصب والامتيازات، لتكون شراكة في المسؤوليات والمهام والادوار، والشراكة الوطنية الحقيقية هي الاساس لاستتباب الامن، وهذا بدوره المدخل الرئيسي للبناء والاعمار وتوفير الخدمات والقضاء على الفساد بكل اشكاله ومظاهره، وبالتالي تصحيح وتعديل المسارات الخاطئة في العملية السياسية والوضع العام للبلاد بجوانبه المختلفة.
[email protected]