ألأمة ألأسلامية, من أكثر ألأمم ألمتفاخرة بماضيها, ولها ألحق في ذلك, فهي بماضٍ زاخرٍ بألأنجازات, خاصةً في بداية ألقرون ألوسطى, وبألتحديد بين ألقرنين ألتاسع, وألثاني عشر ألميلاديين.
لم يسهم شعب من ألشعوب, في ألتقدم ألبشري, بقدر ما ساهم به ألمسلمون في تلك ألفترة, فلقد ظلت أللغة ألعربية, هي لغة ألعلوم. وألاداب, وألرقي ألمعرفي وألفكري, لمدة قرون, في جميع أنحاء ألعالم ألمتمدن آنذاك, وقد فاقت ألكتب ألمكتوبة, بأللغة ألعربية, عن ألطب وألآدب, وألجغرافيا وألتاريخ, وألفلك وألرياضيات, حجم ما كتب بأي لسان آخر, وإن ألقدرة على ألإبداع, في حضارةٍ عالميةٍ, كألحضارة ألأسلامية, ألعريقة وموسوعة بهذا ألحجم, في حوالي ألقرنين من ألزمان, أمرٌ يمكن وصفهُ, ولكن لا يمكن تفسيره تفسيراً كاملاً.
إن ألغرب ألذي إستفاد بشكلٍ كبير, من إبداعات ألعرب ألمسلمين, في تلك ألفترة, وطوّرها إلى نظرياتٍ, ومناهج علمية, دُرّست فيما بعد, على مرّ ألعصور, لإعداد أجيالٍ متلاحقةٍ, من ألمفكرين, وألعلماء وألباحثين, سبقونا كثيراً في ألتطور ألعلمي, ألنظري وألعملي, فتحولت ألشعوب ألأسلامية, من مصّدِرةٍ للعلوم إلى مستوردةٍ ومستهلكةٍ لها, كما وآثروا ألتقدم, بثوراتٍ معرفيةٍ وفكريةٍ, على ألتباكي وألتغني على ماضٍ تليدْ.
ألفرق بين ألحضارتين, ألعربية وألغربية, قد يراه ألأنسان ألسطحي, فرق بسيط بين حرف ألعين وألغين, أي إنه لا يرى جوهر ألفرق, ويشغل نفسه بأمورٍ شكليةٍ, لا تخدمُ ألإنسانية, ولا تخدمنا نحن, كشعوبٍ عربية مسلمة, فإنجازات ألحضارة ألغربية, في ثوراتها ألنهضوية ألعلمية وألسياسية وألفكرية, خدمتْ ألبشرية, أكثر مما قدمناه نحن كعرب.
وعندما أراد ثائرونا ألتقليد من مقلدينا, أخذوا ألقشر وتركوا أللّب, وبدلاً من أن ننطلق من حيث إنتهى أجدادنا, لنسبق شعوباً كانت تقبع في عصور مظلمة, في وقت ذروة ألنور ألمعرفي ألاسلامي, نجد أنفسنا قد عدنا بثوراتنا الأسلامية المزعومة, إلى عصور ألجهل وألظلام.
فكل ألثورات ألتي رفعت شعارات الإسلام وراياته, لم تنقل حقيقة إسلامنا لشعوب ألعالم, إلا ثورة ألامام ألحسين عليه السلام ألخالدة, بل ألعكس؛ عندما يذكر ألأسلام, تذكر معه ألدماء, وقطع ألرؤوس وجنود غاصبين, وأسواق للرّق وألنخاسة, فهل هم حقآ ثائرين لأعادة ألأمجاد ألاسلامية؟ أم هم أداة بأيدي غربية, غايتها تحطيم بقايا مجدّنا ألباكين حوله.
ألكل يعلم أن ألوهابية, وألحركات ألسلفية ألمتشددة, مثل داعش وغيرها, هي صنيعة غربية, هدفها بث ألفرقة بين ألمسلمين وتشويه حقيقة ألأسلام, لأن ألفكر ألسلفي؛ لا يؤمن بالتجديد وألأصلاح, وإن عدوهم ألأول هو ألشيعة, فهم أشدُ خطراً من أليهود وألنصارى, حسب إدعائهم, فنصّبوا أليوم أنفسهم ولاة أمور للمسلمين, وباشروا بأنشاء ولاياتهم, ألخاضعة تحت حكم أمير ألمؤمنين, ألمنقذ ألثائر, للمجد ألاسلامي وللتأريخ ألعريق, ولكن هذه ألمرة ليست ألبيزنطينية ولا أسطنبول أنها بغداد؛.
إسلام جديد في دولة ألإسلام, لاهين بذبح ألموحدين, مدعين ثورة إسلامية, لكن ضد من؟ فثوراتهم لا تؤمن بألأنفتاح وألحكم ألديموقراطي, دموية بحتة, هدفها ألعودة لعصور ألجاهلية, بئس ألمقلدين ألأغبياء, ألذين فهموا إن ألثورة غوغاء, يموج ألثائرين فيما بينهم, أيُهما يَهّدم؛ وأيُهم يَنبش ألقبور, باحثاً عن ألنفائس.