15 أبريل، 2024 12:38 ص
Search
Close this search box.

تَعطيل … أم … عُطَلْ …

Facebook
Twitter
LinkedIn

التعطيل هو إحداث الخلل في حركة العمل أو جزء منها لمدة غير ثابتة ، أما العطل فهي مدد محددة ومعلومة ولأيام مخصوصة يتوقف فيها العمل في دوائر الدولة الرسمية ، مع بعض الإستثناءات المتعلقة بتقديم الخدمات الأساسية مثل الأمن والصحة والنقل ، وعليه حدد القانون رقم (110) لسنة 1972(1) المعدل ، العطلات الرسمية مصنفة على أساس المناسبات الدينية ، مضافا إليها بعض الأيام المختلف على شرعيتها ( الوطنية ) ، فيحتفل بها أعواما وتلغى سنوات ، وهكذا تجري الإحتفالات حسب أهواء ورغبات الحكومات ، والشعوب تصفق لحكامها تارة ، وتهتف بأسماء رؤسائها حينا ، وتكيل لهم بعد ذلك صـبا من الضرر والأذى أحيـاء وأمـوات ، ولكنها تتمتع بالعطلات التي بلغ عددها (61) يوما في السنة قبل الإحتلال ، لتصبح بعد الحذف والإضافة (119) يوما في السنة الأولى من الإحتلال ، ومعنى ذلك فقدان ثلث أيام السنة العملية تمتعا بالعطلات الرسمية فقط ، وإذا أضفنا إليها عدد أيام التعطيل الكيفي وغير الرسمي ، وما يتمتع به الموظف من الإجازات ، لبلغ عدد أيام العطل والتعطيل والإجازات ، ما لا تحسد عليه دولة ولا شعب يريد التغيير والبناء ومحاربة الفساد ، وقد تضاف إليها أيام أخريات ، وقد يكون الدوام والعمل في قابل الأيام ، لا يعني غير التعطيل بديلا عن العطلات.
إن استعراضا بسيطا لمدد العطلات الرسمية فقط ، التي يتمتع بها الموظف خلال السنة الميلادية الواحدة ، على أساس المناسبات المشتركة والخاصة ، يبين لنا مدى الفرق بين ما يتمتع به كل موظف دون آخر وكما يأتي :-

1- المســـــــلمون (119) يوما .

2- المسيحيون (122) يوما .

3- الموسويون (124) يوما .

4- الصـــــــــــــابئة (125) يوما .

5- اليزيديـــــــون (133) يوما

وعليه نرى وفي ظل حاجتنا الماسة والضرورية إلى العمل وزيادة الإنتاج ، إلغاء :-
1- عطلة يوم السبت من كل إسبوع ، المستحدثة بموجب الأمر رقم (18) لسنة 2005(2) ، وفي هذا إعادة (52) يوما إلى سنة العمل والإنتاج ، لأن سبب إستحداثها الأمني لم يأت بالنتائج المتوخاة بعد خمسة عشر سنة على الإحتلال .
2- عطلة الثلاثون من شهر كانون الثاني ( يوم الإنتخابات العامة ) ، المضافة بموجب الأمر رقم (25) لسنة 2005 (3) ، لزوال الأسباب الموجبة بعد تعدد أيام الإنتخابات التي لم تأت بجديد الأشخاص ولا السياسات ، ولم تنجح في إحداث المتغيرات والإصلاح ، بل زادت نسب الفساد وعدد الفاسدين ، حتى أصبح العراق وللأسف الشديد في مقدمة دول العالم الفاسدة والفاشلة سياسيا وإداريا وإقتصاديا ، إلى حد قيام عناصرها بالتزوير الفاحش في الإنتخابات مع سوء الإختيارات .

كما نرى إضافة البند (رابعا) إلى قانون العطلات الرسمية المذكور آنفا وبالنص الآتي :-
( رابعا – لرئيس مجلس الوزراء وبإقتراح من رئيس الإقليم أو رئيس مجلس المحافظة غير المرتبطة بإقليم ، إقرار عطلة رسمية مؤقتة في حالات الضرورة القصوى ، على أن لا يزيد مجموع أيامها على ثلاثة أيام في السنة ، ويتحمل تكاليف الضرر المالي الناجم عن التعطيل لأكثر من الأيام المقررة ، من يخالف ذلك ) ، لعدم وجود السند القانوني الذي يجيز إقرار تعطيل العمل والنشاطات العامة لدوائر الدولة من قبل المذكورين ، حيث لا يجوز أن يعطل المحافظ عمل دوائر المحافظة ، ولا رئيس الإقليم دوائر الإقليم ، ولا رئيس مجلس الوزراء دوائر الدولة ، على وفق ما يراه كل منهم ومن دون سند قانوني أو تخويل رسمي ؟!، مع العلم أن قانون العطلات الرسمية قد حدد حصريا وبموجب البند (ثالثا) منه ، أن ( لرئيس الجمهورية أن يقرر عطلة رسمية مؤقتة لمناسبات وطنية أو مهمة ، على أن لا يتجاوز مجموعها سبعة أيام في السنة ) .
لقد كانت زيادة أيام العطلات ، من إنجازات سلطات الفشل والفساد بعد الإحتلال ، التي فرضتها كيانات بث الكسل في كل الأحوال والأوقات ، غير مبالية بتداعياتها السلبية على مجمل أعمال وعناصر التنمية الشاملة والإنتاج ، ولا يعنيها ما يدعى لإحداثها من الأسباب ، خاصة تلك التي تستند في الإقرار إلى المناسبات الدينية التي تتوافق ومعتقدات المذاهب ، وهي التي تعلن ويتمتع بها من غير سند قانوني ، مع إن عدد أيامها أكثر من تلك المنصوص عليها في قانون العطلات الرسمية المذكور في مقدمة هذا المقال ، مثل قرار مجلس الوزراء المرقم (300) في 14/8/2012 ، الذي ينص على أن ( تكون عطلة عيد الفطر المبارك للوزارات ودوائر ومؤسسات الدولة كافة إبتداءا من يوم الأحد الموافق 19/8/2012 ولغاية يوم الخميس الموافق 23/8/2012 ) ، في حين أن مدة العطلة الرسمية (3) ثلاثة أيام ، والشرعية (1) يوما واحدا إستنادا إلى حديث رسول الله محمد (ص) القائل ( قد أبدلَكم الله تعالَى بهما خيرا منهما يوم الفطر ويوم الأضحى ( ، كما هو الحال في يوم عيد الأضحى المحدد رسميا ب (4) أربعة أيام ، والتي نرى تحديدهما بيوم واحد لكل منهما إستنادا إلى نص تشريعهما .
ولعل مما زاد الطين بلة ، أن جعل التعطيل الرسمي لبعض الأيام بناء على توجهات ومعتقدات دينية مذهبية ، بقرار من مجلس الوزراء أو من مجالس المحافظات(4) . كما تقرر تعطيل الدوام الرسمي في مؤسسات ودوائر الدولة كافة , إعتبارا من يوم الخميس الموافق 4/3/2010 , ولغاية يوم الاثنين الموافق 8/3/2010, لغرض تأمين حسن سير عملية الإنتخابات التشريعية (5) . ولعل ما يؤكد جهل القائمين على إدارة شؤون البلاد بعد الإحتلال ، إقرار تعطيل الدوام الرسمي ليوم 25/12 بمناسبة عيد الميلاد في كل سنة (6) ، على الرغم من كونه عطلة رسمية بموجب المادة (2) من قانون العطلات الرسمية النافذ منذ العام 1972 .
لقد بلغ مجموع أيام العطل الوطنية والدينية الرسمية وغير الرسمية والإجازات التي يتمتع بها الموظفون ، قريبا من ثلثي أيام سنة العمل ، وذلك ما لم يسجل في قاموس الأرقام القياسية لدنس ، ولا تحسد عليه أكثر الشعوب تخلفا وجهلا في العالم ، ذات الحاجة الماسة إلى أيام العمل الإضافي ، لتجدد فيها إعمار ما خربته آلة الحرب والعدوان ، وتنير طريق المعرفة بثقافة العمل والإنتاج ، بدلا من ترسيخ ممارسات الكسل بزيادة أيام التعطيل المنبوذة فكرا وممارسات ، كونها من سمات الدول المتخلفة التي كلما دخلت ساحة عمل سابقاتها لعنت أختها ، مستبدلة المناسبات الوطنية بمثيلاتها وإن إختلفت المسميات ، فكل وطنية الأيام الماضية بائدة ومقبورة وزائفة ، وكل ما سيحل محلها أياما معدودة بعناوين جديدة معكوسة ، ولن يكون مصيرها بأفضل من سابقاتها ، مادامت تواريخ أيام الهزائم نصرا ، والإحتلال تحريرا ، و9/4/2003 عيدا وطنيا ، وإنسحاب القوات المحتلة مدحورة مذمومة في 31/12/2011 يوم وفاء وإستقلال ، مع كل ما ينقصها من روح وجمالية الشرف وسيادة الأوطان .
ولا أدري على أي سند أو تشريع قانوني تقرر العطلات ، ولا أعلم غير قانون العطلات الرسمية المذكور سندا يجيز منحها على وفق أحكام الضرورات ، ويجهلها أو يتجاهلها أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية ؟، في ظل غياب رئيس الجمهورية عن ممارسة مسؤولياته خلافا لأحكام الدستور ، وإن كان ذلك من العجائب والغرائب التي لا تنتهي ولا تقف عند حد خرق وتجاوز القانون ؟!، فتراها من آخر مبتكرات وإبداعات السلطة البائسة ، أن تقرر تعطيل الدوام الرسمي ليوم الخميس 29/10/2015 ، بالإستناد إلى هطول الأمطار وغرق المدن بما فيها العاصمة بغداد ، تكرارا سنويا وبإمتياز ، نتيجة سوء الخدمات وفشل الحكومة وعجزها عن معالجة الخلل لسنوات مضت وطوال .
لقد أصبحت هواية إقرار التعطيل الرسمي في ظل المناداة بالإصلاح ، من سوابق السلطات المتخلفة للأسف الشديد ، حيث بلغ مجموع ما يتمتع به الموظف من عدد أيام العطل والتعطيل والإجازات (180) يوما في السنة ، بمعنى مناصفة أيام السنة بين التعطيل والدوام ، ولا يدخل هذا في حساب عدد أيام دوام المدارس والمعاهد والكليات ، التي تقل فيها عدد الأيام وعدد ساعات الدوام الرسمي بسبب كثرة التعطيل ، وإنتكاسة مستوى التعليم ورداءة المخرجات ، ليصدر مجلس الوزراء قراره المرقم (32) في 22/1/2014 ، الذي نص على (( إلغاء عطلة يوم السبت وإعتباره دواما رسميا لطلبة المدارس والكليات والمعاهد والمؤسسات التربوية والتعليمية كافه في وزارتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي ، ويسري ذلك في فترة عطلة نصف السنه ولغاية إنتهاء الفصل الأخير لهذه السنه فقط )) . ثم يقرر(7) بناءا على ما عرضه وزير التربية بشكل طارئ خلال جلسة إجتماع مجلس الوزراء , وما جاء في كتاب وزارة التربية ذي العدد ( 12636) والمؤرخ في 21/9/2014 ، الموافقة على إعتبار يوم السبت من كل أسبوع دواما رسميا للمدارس في مراحلها المختلفة وفي المحافظات كافة , وتأجيل النظر بمنح مخصصات الدوام الإضافي .
ولا أعتقد أن الله يبارك بشعب ينام أكثر مما يعمل ، ويأكل أكثر مما يزرع ، ويستهلك أكثر مما يصنع ، وينادي بالإصلاح ويمارس الإنتخابات ، وقد لا يعرف أعضاء مجلس النواب الجديد ذلك ، وما عليهم إتخاذه من موقف سليم يعيدون فيه هيبة الدولة المحتلة ، وهم مقبلون على ممارسة مهام وواجبات السلطة التشريعية . ورفض أن تدار الدولة بصيغة ( حارة كلمن إيدو إلو ) ؟!. في ممارسة الإدارة والتصريحات .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (2184) في 19/9/1972 .

2- نشر الأمر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (3995) في 3/3/2005.

3- نشر الأمر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (3996) في 17/3/2005.

4-أ- لاحظ قرار مجلس الوزراء المرقم ( 249) في 6/7/2010 ، الخاص بتعطيل الدوام الرسمي ليوم 8/7/2010 بمناسبة ذكرى وفاة الإمام موسى الكاظم (ع) ، في العاصمة بغداد حصرا ، عدا الوزارات المعنية بتنظيم مراسم الزيارة والمحافظة على أمن وصحة الزائرين . وكذلك قرار مجلس الوزراء المرقم (17) في 24/9/2014 ، بمناسبة ذكرى إستشهاد الإمام محمد الجواد (ع) الموافق في 25/9/2014 ، على سبيل المثال .

ب- عارضت الأمانة العامة لمجلس الوزراء ، قرار مجلس محافظة بغداد على إعتبار يوم الغدير عطلة رسمية لجميع دوائر الدولة ، فيما أعلنت محافظات ( النجف الاشرف وكربلاء المقدسة والديوانية والمثنى وبابل وواسط وميسان وذي قار والبصرة ) ذلك اليوم عطلة رسمية . دون مسوغ قانوني يجيز ذلك الإجراء .

5- لاحظ قرار مجلس الوزراء المرقم (78) في 24/2/2010 .

6-لاحظ قرارات مجلس الوزراء المرقمة (449 في23/12/2008 و425 في22/12/2009 و 564 في 22/12/2013 ) .

7- لاحظ قرار مجلس الوزراء المرقم (23) في 24/9/2014 .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب