23 ديسمبر، 2024 9:33 ص

هذه العبارة كانت ترددها زوجة ابي رحمها الله، وفي مناسبات متعددة، اذا ضاع منها شيء من المال، او اختلط عليها امر ما، او تشاجرت مع امي رحمها الله، واذا استغربت حدوث شيء، قالت: ( راح تيسي ، فيسي)، وزوجة ابي امرأة جنوبية غارقة في جنوبيتها، وكم حاولت ان اعرف معنى لهذه العبارة او قصة فلم اعثر على شيء، وكم سألتها عن التيسي ، فيسي ، ولكنها لم تكن تجيب اجابة واضحة، وبعد تأمل وتفكير علمت ان هذه العبارة تعني الكثير، وهي خير قول على مايجري في العراق، هناك التظاهرات والاعتصامات، والقتل والفساد والارهاب، والعصابات والسرقة، والنزاع السياسي والنزاع الطائفي، والنزاع الايديولوجي الاعلامي، والفقر والحرمان، والنزاع القومي ،والخوف وتلاشي الخدمات، والنفاق واختلاط الاصوات والكواتم والسيطرات، والازدحامات والمفخخات والعبوات، والرشوة والعمولة والقومسيون، ومجالس العزاء والافراح واطلاق النار العشوائي، ولذا فأن الامر كما قالت زوجة ابي : ( تيسي ، فيسي ) والاخ رئيس الوزراء جالس في المنطقة الخضراء لايريد مغادرتها، والسياسيون كأنهم عجائز يلوكون الاحاديث ذاتها، والبرلمانيون يملأون الفضاء والفضائيات، تتزعمهم مها الدوري وحنان الفتلاوي، اما المحللون السياسيون فهؤلاء مصيبة بمفردهم، اتخمتهم الفضائيات لكل لقاء مئة دولار، وهم يبحثون ويحللون اشياء غير موجودة على الواقع، الشعب متفرق وتعبث به الاهواء وهم ينظرون للوحدة والحرية والاشتراكية، الرشوة وصلت حدا لايمكن السكوت عليه والشباب عاطلون من خريجي الكليات الا الذين يدفعون فهؤلاء في نعمة وحبور، الشرطي منخور ويقتسم اموال اليوم في السيطرات وفي دوائر الاحوال المدنية وشهادة الجنسية ومكاتب المعلومات، والجيش مخترق ولايمكن له ان يكون موحدا، والكلاب البوليسية لم تشرف السيطرات بحضورها حتى الان، ومازال البعض يلهو مع جهاز السونار سيىء الصيت وكل هذا لم يهز شعرة في رأس رئيس الوزراء، الكل يعتقد ان الرجل متماسك، وانا اعتقد انه منهار، فالامور جميعها تيسي، فيسي.
الكثيرون يسعون الى محاكمة التاريخ والاقتصاص منه، ورئيس الوزراء واحد منهم، ولكنهم لايمتلكون الوسيلة، البعض كان يحاكم التاريخ عبر القتل العشوائي، والبعض الآخر عن طريق الفساد بكل انواعه، والتاريخ ثابت لاتتزحزح اصنامه، حتى وصل الامر بالبعض المسحوق ان يقارن الوطن بفردة حذاء، وحين يستعرض الآخرون الرموز والتضحيات، والشهداء والحضارة والعلماء يسخر منهم بانه غير معني بهؤلاء لانه حافٍ، والقائمة تطول وتعرض والهدف واحد تمزيق العراق وتقسيمه، وهذا الهدف اعلنت عنه الولايات المتحدة الاميركية في بداية احتلالها للعراق، فعلام يموت الناس يادولة الرئيس، هل ترى المجازر واعمال القتل والفوضى، عصابات تترجل من سيارات حديثة لتقوم بالاعتداء على المواطنين، على السافرة والمحجبة وشارب الخمر والنركيلة، والمدرس والطبيب، عصابات وعصابات يادولة الرئيس، لقد ضاعت جهودك بلا فائدة والامن الذي تعتبره منجزا خالصا لك لم يعد كذلك، الحالة الامنية سيئة جدا ومحمد العسكري لم يعد قادرا على رتق جميع الفتوق ولا عدنان الاسدي ايضا، انها بلية كبيرة، وكما يقول المله عبود الكرخي:
بغداد مبنيه بخرك…… وانهارها تجري عرك
شيفيد ياخويه التفك……. الحك على علاوي
بغداد مبنية بتمر…… فلش واكل خستاوي
الامور تيسي فيسي يارئيس الوزراء، وهذه الدماء ستلاحقك ولو بعد حين، فاما ان تكون اهلا للحفاظ على ارواح الناس، او تترك الامر لمن هو قادر عليه، سيقولون ان بغداد اندثرت في عهد رئيس وزراء اسمه نوري المالكي، كما اندثرت قرطاجة على يد الرومان، احزم امرك وتوكل على الله، الديمقراطية شيء وحياة الناس شيء آخر، ان الفقراء يموتون والاغنياء يتكاثرون ولاخير بمدينة بلا فقراء لانها ستكون كما قالت زوجة ابي: ( تيسي، فيسي).