من المعروف لدى جميع المتابعين للوضع السياسي بعد عام 2003 م ، وفي عراقنا الديمقراطي الجديد عندما تريد تأسيس تيار سياسي ،او حركة ، أو حزب تحتاج الى العمل سنوات مع صرف الأموال لعمل نشاطات ومبادرات ، و أعطاء رواتب للمنتظمين حتى ينهض التيار ، و تكون لديه قاعدة تنظيمية و جماهيرية كبيرة وبعدها يعلن عنه رسمياً في الأعلام .
الا في تيار الحكمة الوطني الذي ولدِ حديثاً من رحم الالم العراقي، وفي ظروف أستثنائية ، مع وجود تحديات صعبة ، يعيشها العراق ،و فقدان الثقة ، لدى أغلب المواطنين من التيارات و الحركات التي تشابهت عناونيها وأفعالها !.
وفِي تاريخ 24/7/2017 أعلن الحكيم عن تيار الحكمة الوطني، العابر للمكونات الذي يمتلك القاعدة التنظيمية والجماهيرية الكبيرة ، التي جددت العهد، والولاء المطلق، لقائدها الحكيم، بعد خروجه من المجلس الأعلى ، وقد تكون هذه الخطوة مجازفة في ظل الظروف الحرجة ، ولم يفعلها زعيم أو قائد، لتيار من قبل غير (الحكيم عمار)، ليثبت للجميع إن خدمة الوطن لا تنحصر بتيار أو أسمٍ ما ، فالمجلس الأعلى يمتلك تاريخاً مشرفاً ، طالما لمع بريقة ،و الذي يمتد الى مئة عام ، فتأسس المجلس الأعلى عام 1982م على يد عمهِ شهيد المحراب ، وعندما أستشهد السيدمحمد باقر الحكيم(قدس الله سُرَّه)، أنتخبت الهيئة القيادية عزيز العراق الخالد(قدس الله سره)، رئيساً للمجلس ، وفِي عام 2009 توفي السيد عبدالعزيز الحكيم ، وأنتخب السيد عمار الحكيم ، من قبل الهيئة القيادية أيضا، رئيساً للمجلس وبالإجماع ، ومر المجلس بمنعطفات كبيرة ، وتحديات، وصعوبات، بعد رحيل عزيز العراق ، فكان السيد عمار الحكيم، له الدور البارز والمهم ، للعبور الى بر الإمان ، والحفاظ على ديمومة وسياسية المجلس المنبثقة من نهج شهيدالمحراب، وللحكيم بصمة في تهدئة الأوضاع السياسية .
وعند تسنمه رئاسة التحالف الوطني ، أيقض التحالف من غيبوبته ،التي لم يستفق منها ، الا بزعامة الحكيم ، فشيد أركان البيت الشيعي ، وعمل على بناء المؤسسات داخل التحالف، فشكل فيه الهيئة القيادية ، والهيئة السياسية العامة ، فكانت تحركاته، وفق رؤى مدروسة .
أما عن تنازله فقدم درساً عظمياً لطلاب السلطة والمتمسكين بمواقعهم ، وزعاماتهم للأحزاب والتيارات ، فأراد أن يرسخ مبدأ التنازل للأخر لزرع روح الإخوة والتعاون ، حيث خروجه من المجلس الأعلى ، بكل هدوء، دون ضجيج ، وتناحر وتصفيات ، مثلما تحدث في التيارات المنشقة والمختلفة ، فخرج مرفوع الرأس وبين يديه مشروع متكامل ، ومتجدد عابر للطائفية والمناطقية وفاتح أذرعه لجميع أبناء الوطن ، من ملوحة مياه الخليج حيث الفاو الصابر ، الى قمم جبال كردستان الشامخة ، ومن عمق الاهوار الى نواعير حديثة .
وبلدنا العزيز يمتلك الكثير من الطاقات الشبابية، والكفاءات النزيهة ، و نحن بأمس الحاجة الى هكذا تيار سياسي جديد يمتلك العزيمةَ ، والإصرار ، ويحتضن الكفاءات المتحمسة ذات الروحية الوثابة ، ولا سيما الشابة منها والتي تجمع بين الأصالة والتجديد والعشق الوطني الخالص ، فمن منطلق التنافس الشريف لخدمة العراق أسس السيد الحكيم هذا التيار الوطني ، المتنوع شكلاً ومضموناً ففيه الشباب الواعي ، ويؤمن بتقديم كفاءات واعيةٍ
ومتحمسة وذات افق سياسي متنور ، وامكانياتٍ إداريةٍ وعلمية رصينة ، من اجل تسنُمِ المواقع القيادية في الدولة والمجتمع ، والعمل بجد على تفعيل الثورة الإدارية والمعرفية ، وإعادة هيكلة البناء المؤسساتي للدولة ، ومن هذا المنطلق الوطني يريد الحكيم إن يمكنِ الشباب لأن يكون لهم الدور الفاعل والمؤثر في قيادة مؤسسات الدولة ، نتيجة للتطور الحاصل والعولمة، حتى يزجهم في مفاصل الدولة ، للتخلص من الركود الموجود في الدوائر ، وأعطاء الفرص للشباب ليأخذوا دورهم . وفِي الكلمة التاريخية التي أعلن فيها تأسيس تيار الحكمة الوطني ، حيث وجه السيد عمار الحكيم رسالة الى أخوته في قيادة المجلس الأعلى ( نقول أنكم لم تقصروا يوما بواجبا او نصيحة و وقفتم ، في المنعطفات الكبيرة ، والتحديات الصعبة ، وقد تشاركنا الالم والفرح والدموع معاً ، وأمتزجت دماؤنا وعرقنا، وأمالنا وطموحاتنا، فلكم منا كل التقدير والأحترام، وكنتم دائماً كرماء ، ونراكم دائماً على خير وفِي الخير، وسنعمل معاً، في بيتنا الأكبر، وساحتنا الأشمل، حيث العراق الذي يجمعنا اليوم ، كما يجمع رفاة شهداءنا الذي سقطوا على طول الطريق ، وستكونوا دائماً قريبين على القلب، كما هم كل العراقيين المخلصين الشرفاء.
فهذا هو عمار الحكيم ، إن كنتم تجهلون ، الزاهد بتياره الذي أنطلق منه للعملية السياسية ، فتركه لرفاق درب شهيد المحراب ليعطهم حق وفاءهم لشهيدالمحراب وعزيز العراق الخالدين( قدس الله سرهما) .