23 ديسمبر، 2024 10:49 ص

توم وجيري مقاربة بين الضحية والجلاد نظرة مقارنة لاشكالية العلاقة بين الدولة العراقية والمواطن/1

توم وجيري مقاربة بين الضحية والجلاد نظرة مقارنة لاشكالية العلاقة بين الدولة العراقية والمواطن/1

تثير افلام كارتون توم وجيري المشهور جدا اشكالية ذات ايحاءات، مقصودة او غير مقصودة، تنطوي على بعد يرتبط بعلم الاجتماع السياسي تدفع باتجاه التساؤل: ايهم الضحية؟ ومن هو الجلاد؟ البزونة توم ؟ ام الفارة جيري؟. غالبا ما يظهر الاول، امعانا في كرهه الفطري للفار، مدبرا للمكائد ويعمل ما في وسعه وسعيه وما اوتي من قوة وخبث للنيل من الفأر غير المسكين جيري. لكن الاخير افراطا في الدفاع عن نفسه يوغل في اذية القط توم غير المسكين ايضا، ويخرج الاخير هو الخاسر في النهاية، فيصبح الضحية جلادا والجلاد هو الضحية. اذا ايهما الجلاد ؟ ومن هو الضحية ؟
الاشكالية نفسها حاضرة في علاقة الدولة العراقية والمواطن، الاخير تحمل، بعد عقد طافح بالوان الارهاب والتفجير والعذاب والمصائب والمهازل والاستخفاف به وبتطلعاته، مشاكل كان على الدولة معالجتها ” خطية ضحية مو؟”، لكنه هو من اختار هذه “النخب” السياسية بكل حرية وسذاجة و خنوع و طائفية وعنصرية ومناطقية كل هذه الاسباب او بعضها لايهم، المهم انه اختار!!! ومارس حقه المقدس في حرية التعبير!!! على الرغم من ان دوافعه في الاختيار لم تكن مقدسة، وما كان قد كان، السني اختار السني والشعي اختار الشيعي والكردي اختار الكردي والتركماني اختار التركماني والصابئي اختار الصابئي،، وهؤلاء هم من رسم، بايحاءات وترتيبات سواءٌ داخلية ام خارجية من ” اليانكي ” او غيره او كلاهما، شكل الدولة الكارتونية وانموذجها الفريد ونظامها السياسي والانتخابي طبقا لمقاسات خاصة جدا… الخ. مع ان هؤلاء لم يخدموا الا انفسهم وعلى نحو ما احزابهم وكتلهم لاغير. فهل انتهى المطاف بالضحية ان تتحول الى جلاد؟ لكن، انى يكون المواطن جلادا وهو لا يمتلك القدرة على ان يفهم ان ضعف ومستوى عقلية “النخبة” التي اختارها وهلل وصفق لها، كلا بحسب لونه وطعمه ورائحته، كان ادنى من ان يهتدي لمشروع دولة محترمة؟ وكيف له ان يميز اعراض مرض ” العَوَق الفكري” الذي كانت تعانيه النخبة السياسية واصبحت عاجزة معه من ان تنجز مشروع دولة تتمتع بابسط مقومات البقاء بما تضمره من العبوات والمفخخات السياسية في بنية نظامها السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وهو مرض لا تظهر اعراضه بدقة الا بعد معاينات سريرية تجريبية طويلة في البرلمان والحكومة عندئذ تبدأ اعراضه تدريجيا: خداع وكذب وتحايل وتتفاقم لتتحول الى الخمط واللفط واللهط بكل اشكاله؟.
فمن هو الجلاد ومن هو الضحية؟ حتى اذا ما افترضنا جدلا ان المواطن لم يكن جلادا هل نستطيع الجزم بانه ضحية؟ قطعا المواطن هو الضحية لكنه ضحيه جهله وقلة ادراكه كونه غدى مسؤولا عن اختيار هؤلاء الساسة لا لقناعة بأدائهم أو بأطروحاتهم أو كفاءتهم وكفايتهم، بل لانه انطلت عليه، نتيجة لجهله وهذه مشكلة المواطن لا مشكلة السياسي، تبريرات وجودهم كضرورة لحماية المكون (كلا حسب دينه او طائفته او قوميته) والدفاع عنه ضد من يريد تصفية وجوده وتهميش دوره في ادارة الدولة. هذه الحقيقة المرة انتبه لها متاخرا الكثير منا وانتهى به المطاف بالتبرم والتافف ندما على ما آلت اليه الامور، واخذ يمارس ويطبق كل ادبيات ” نقد الذات ” او حتى ” جلد الذات ” على ما اقترف من اثم بحق نفسه قبل كل شيء، وبدأت تعتصره مرارة الشعوره بانه مغفل وساذج وسطحي ليكون ضحية ارباع وانصاف السياسيين الذين استطاعوا، بحذلقة واعتمادا على جهله، ان يحولوه من “ضحية جهله” الى ضحية لهم! ويكونوا، في الوقت نفسه، بمنأي عن ملامة وتقريع المواطن الذي استقر به الامر ، وهذا مصير الاغلبية، يندب حضه ويلوم نفسه بدلا من ان ينتقد السياسي او الدولة او ان يتبنى موقفا يبرهن فيه على وجوده وقدرته على التغيير، وهذا هو سر تخاذل الاغلبية التي ظلت تدور في دوامة مفرغة من الجدل البزنطي: المواطن ضحية؟ ام جلاد؟. اية فذلكة هذه التي مكنت من صياغة محاكاة واقع المواطن العراقي مع افلام كارتونية للاطفال هل هي قدرة اشباه السياسيين على التلاعب بالعقل الجمعي ام انها تاثيرات النتائج المستمرة لـ ” نظرية الصدمة والرعب” فلله الحمد من قبل ومن بعد… يتبع