لم تدخل “المملكة السعوديّة” في أيّة حرب أو مواجهة عسكريّة مباشرة منذ تأسيسها ولغاية اليوم, أي طيلة قرن من الزمن عدا مشاركتها الرمزيّة بحرب الكويت, ولا حتّى بحروب عصابات عدا بعض التحشّد أمام “خصمها” قطر ,وأحيانًا ..فالمملكة قرية آمنة مطمئنّة “يأتيها رزقها” ,رغم ما تكدّس كلّ عام أطنان من أحدث أنواع الأسلحة الأميركيّة والغربيّة وعلى مدى القرن الماضي كلّه “بعد نزع من قطع السلاح كلّ ما هو مضرّ بإسرائيل بالطبع” وهذا الأمر تزكية للسعوديّة بإشارة مموّهة من احتمال شنّها حرب ضدّ هذا العدوّ عند سنوح فرصة معيّنة لها قد تستخدم هذا “الجزء المنزوع” لتحرّر فلسطين فيما لو ترك ولم يُنزع.. ولو أنفقت هذه القرية الآمنة ودول الخليج تلك التريليونات من الدولارات من التسليح على شؤون العرب والمسلمين لكان وضع المنطقة محجّة اقتصاديّة ومنطقة لجوء آمن للعالم أجمع وللعالم الغربي نفسه..
الحوثيّون وداعش كليهما في العرف العسكري تنظيمين مسلّحين أُعِدّا, أو أعَدّا نفسيهما لحروب عصابات مسلّحة ,فما هو فرق الفشل إذًا في مواجهة الأولى “الحوثي” كي ينجح هذا الحلف في الثانية “داعش” كما أعلن مؤخّرًا فيما لو أقدم عليه هذا الحلف الجديد؟ مع أنّ “داعش” أكثر رعبًا بكثير جدًّا كما ادّعت ذلك وسائل الإعلام بالترعيب وبالتحذير امتلأت منه مسامعنا وأعيننا على مدار الساعة وبدرجة خطورتها العاصفة على العالم أجمع موثّقة بأشرطة وأفلام لإعدامات بالعشرات محكمة التأثير على المشاهد ونحر وتقطيع أوصال والتهام جثث لا حصر لها ,في حين يُفترض أهداف الأولى “الحوثي” سهل الانتصار عليها ؛كون اجندتها بسيطة للغاية وسهلة المنال ومن هدف واحد لا غير لا من عدّة أهداف, إذ لا يتعدّى هدف الحوثيّين سوى السيطرة على قبلة المليار ونصف المليار من المسلمين “فقط لا غير” لا كما داعش “تريد النيل من التحضّر الغربي”؟.. فكيف فشل إذًا الحلف في اليمن ضدّ الحوثيّين؟ ليوقّع عقد جديد للقضاء على داعش؟.. تُرى هل أُريد للحلف الملتئم ضدّ الحوثيين يطول “لزيادة التدريب الحيّ” ففشل لواجبات تنتظر الحلف أشمل وأوسع بكثير لذا جاءت النتائج في اليمن إبقاء الوضع على ما هو عليه رغم كمّ الأطنان الرنّانة من القذائف الفتّاكة يرافقها كمّ هائل من صور الهلاك والدمار “لا نعلم مصدر الصور ولا حقيقتها” فقد اختلطت علينا مشاهد دمار زلازل ايران بزلازل تركيا بكارثة تسونامي بإعصار كاترينا بكارثة اجتياح البحر اليابان بمشاهد تفجيرات رامبو معسكرات للسوفييت بأفغانستان بتفجيرات العراق الملياريّة بالخراب السوري ,بأيّ منها تنشر فهو مطابق ,لا انتصار ولا فوز سوى نفاذ معامل الذخائر والأسلحة العالميّة من مخزونها وحتّى “صعّادات” الاحتفالات نفذت, لربّما بصفقات بيع سرّيّة بمجموعها وعلنيّة وصلت بضع تريليونات من الدولارات لو تمّ إحصائها ,ذلك عدى نفاذ اللونين الأحمر والبرتقالي من الأسواق العالميّة ,في حين كان بالإمكان الانتصار على هذه الجماعة الرعويّة المسلّحة بأسلحة محدودة الإمكانات جدًّا هوّلها الاعلام كعادته على أنّها بعبع من جبابرة متخفّون بزيّ رعاة عنز وشياه ينتظرون المغرب ليدمجوا مع صلاته صلاة العشاء “بحكم طبيعة عملهم” يتحلّقون بعدها حول صحن كبير من طعام الثريد ثمّ يلفلفون رؤوسهم وينامو مكشّفون تحت السماء يدفئهم أحضان “القات” ليستيقظوا غبشةً على الحقيقة المرّة وهكذا دواليك ؟.. في الحقيقة ,وكما يبدو ,بعد ركض ولهاث أميركيّين ,مريرين ,طيلة سنتين, بات من شبه المؤكّد عدم رغبة العملاق الأميركي بشرق أوسط جديد ولم يعد له “واهس” به ,علاوة لما أصبح الاقدام عليه يشكّل عناء مرهق وخطر على الوجود الغربي في المنطقة حال استقرّ على ما سبق وأن ادّعت أميركا أنّها تريده وتسعى إليه, خاصّة وتفاصيل غير متوقّعة من بين داخل الحلفاء باتت تتشكّل على صورة “تجّار حروب” تؤثّر على مجريات صراع المنطقة فقد تحوّلوا إلى ما أشبه بطبقة الكمبردوريا تدرّ عليهم أرباحًا غير متوقّعة بالنسبة إليهم ,إذ استمرار الحروب بهذا الشكل المتقطّع يولّد مصالح لا حصر لها لطبقات لفئات مشاركة فيها كثيرة ,حتّى باتت المخيّلة العامّة لقادة العمليّات السياسيّة غير قادرة على استيعاب نجاح من هذا النوع بواسطة “الحلف الإسلامي العسكري” الّذي أعلنت عن الرياض الّذي اجتمع لأجله العاهل السعودي بمسعود برزاني وبعده بالمعارضة السوريّة” أو سيحقّق شيئًا ,إطلاقًا ,حتّى وإن طال تدخّل هذا الحلف كما خطّط له, ف”المقابل” له خططه الفوريّة والجاهزة من “تحالف” سريع أيضًا, ما يجعل الصراع حالة مشابهة للحرب على الحوثيين لحالة بيجي أو الأنبار أو الموصل أو تكريت رغم الحشد العالمي من الدول الغنيّة والمدمّرة على السواء..