23 ديسمبر، 2024 1:45 ص

توقيتات العبادي ومواعيد عرقوب

توقيتات العبادي ومواعيد عرقوب

يحتار المرء في وصف رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي يعطي مواعيد وتوقيتات ولا يلتزم بها ، ومن الامثلة على ذلك نورد هذين المثالين نموذجا :
* فعند توغل القوات التركية شمال العراق في7 كانون الاول عام 2015 ، أمهل العبادي القوات التركية بتاريخ 8 /12/2015 بالخروج من العراق خلال 48 ساعة .
ولحد الان لم تخرج القوات التركية وربما يعتقد العبادي ان المهلة لم تنتهي بعد .
* وفي 29 مايس الماضي صرح رئيس الحكومة العراقية القائد العام للقوات المسلحة العراقية حيدر العبادي، اليوم الأحد، بأن المرحلة الثانية من معركة تحرير الفلوجة من سيطرة داعش ستنتهي في غضون 48 ساعة المقبلة.
وأعلن العبادي في كلمته خلال الاستضافة داخل البرلمان العراقي في جلسة عقدت اليوم الأحد، “انتهاء الصفحة الأولى من معركة الفلوجة وانتهاء الصفحة الثانية خلال الـ 48 ساعة المقبلة والقوات المسلحة حريصة على حماية المدنيين”. ولحد الان لم تتحرر الفلوجة ولربما يعتقد العبادي ان مهلة 48 ساعة لم تنتهي بعد .
فهل ساعة العبادي من النوع الرخيص التي يطلق عليها العراقيين تسمية ” ساعة راس كوب “، ام انه يعمل بتوقيتات رب العالمين التي وصفتها الآية الكريمة بقولها : وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ.
ومن يسمع توقيتات العبادي وعدم تنفيذه لها لايملك الا ان يتذكر اقرب مثل له في تاريخنا العربي هو مواعيد عرقوب .
وعرقوب: هو رجل من العماليق كان يعد الناس و يخلف الوعد ، و لا يفي بوعده.
لقد كان له أخ ذهب إليه يطلب منه شيئاً . فقال عرقوب : إذا اطلعت هذه النخلة فلك حملها . فلما أخرجت ” طلعها ” أتاه ، فقال له : دعها حتى تصير ” بلحاً ” . فلما أبلحت أتاه فقال له : دعها حتى تصير ” زهواً ” . فلما أزهدت قال له : دعها حتى تصير “رُطباً “. فلما أرطبت قال له : دعها حتى تصير “تمراً “. فلما أتمرت ، قام عرقوب بجذّها بالليل قبل أن يأتي أخوه في الصباح . فلما جاء أخوه في الصباح ليأخذ التمر لم يجد شيئاً، و لهذا قالوا فيه : مواعيد عرقوب . فاأصبح عرقوب _ ولايزال _ مَضرِبَ المثل بالمطل وعدم الوفاء :
“أمطلُ من عرقوب”، “وأخلفُ من عرقوب”، “مواعيدُ عرقوب أخاه بيثرب”.
ولم يكن ذلك فحسبُ، فقد جادتْ قرائحُ الشُّعراء في وصْفِ الواقعة قال الشاعر: الْيَأْسُ أَيْسَرُ مِنْ مِيعَادِ عُرْقُوبِ وذكر القصةَ الشاعرُ كعبُ بن زهير في قصيدته الشهيرة في مدح النبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – والتي مطلعها:
بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبُولُ
ثمّ قال:
وَلاَ تَمَسَّكُ بِالْعَهْدِ الَّذِي زَعَمَتْ إِلاَّ كَمَا يُمْسِكُ الْمَاءَ الْغَرَابِيلُ
فَلاَ يَغُرَّنْكَ مَا مَنَّتْ وَمَا وَعَدَتْ إِنَّ الْأَمَانِيَّ والْأَحْلامَ تَضْلِيلُ
كَانَتْ مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا مَثَلاً وَمَا مَوَاعِيدُهَا إِلاَّ الْأَبَاطِيلُ
ومهما قيل بحق رجل كهذا ، ومهما قدمت من تبريرات فهو لن يعدو في نظر الناس وبكل صدق وبساطة واختصار الاّ: كذاب .