23 ديسمبر، 2024 6:37 ص

توقعات نهاية داعش….اهم الاسباب

توقعات نهاية داعش….اهم الاسباب

بالإضافة إلى ما امتازت به داعش من عمليات ارهابية صاخبة ودموية فانها امتازت كذلك بإعلام صاخب تهويلي يعطي للمتلقي انطباعا على قوة التنظيم وقدرته وانتصاره على العدو ، وهذا بطبيعة الحال ينطلي علي قصيري النظر ممن لا ينظرون للامور بعين التحليل المعمق وقراءة الأحداث بموضوعية.
ان نتائج الحرب التي تخوضها القوات الامنية العراقية حاليا ضد داعش في الانبار وغيرها من المدن العراقية وكذلك المتغيرات والاحداث التي يشهدها وضع داعش في سوريا تدل دلالة واضحة بأن داعش تمر بأسوء وضع لم تشهده سابقا ، وباستطاعة المتابع ان يرى ذلك وان يتنبأ بنهاية هذا التنظيم.
 وبالإمكان بيان ذلك من خلال الأسباب التالية:
1-    تطور قدرة العراق على الحسم الجوي : استطاع العراق بعد استيراد المروحيات القتالية الروسية (مي35) وكذلك طائرات الاستطلاع والتصوير ان يقضي على اهداف مهمة للتنظيم وخصوصا المعسكرات الصحراوية وهذا لم يكن ممكنا فيما سبق ، وبهذا استطاع ان يصل الى مراكز القيادة السيطرة البعيدة ويستهدفها استهدافا دقيقا ويكبد التنظيم خسائر فادحة بالارواح والمعدات ، لم يكن ليصلها لولا هذه التقنية الفنية الجديدة وهذا من اهم عوامل اضعاف داعش في العراق. لقد اصبح الهدف المخفي والبعيد عن ايدي القوات الامنية عبارة عن هدف مستمكن وواهن تحت الشمس.
2-    تحول داعش الى المواجهة المباشرة بدل حرب العصابات: لقد اضطر التنظيم الى الظهور والمواجهة الثابتة مع القوات الامنية وهذا من اشد مايحذر منه منظروا الجماعات الجهادية المسلحة ويدعون الى تجنبه ، لان التنظيم المسلح محدود الامكانات مهما كانت قوته وخصمه من الجيش والشرطة غير محدود الامكانات المادية والبشرية واللوجستية . كان ذلك تحقق بعد الضربات الجوية التي وجهت الى معسكرات التنظيم ورفع الخيم الذي ادى الى كشف اعضاء التنظيم فكانت فرصة اصطياده اسهل واكبر بالنسبة للقوات الامنية العراقية.
3-    سياسة الحكومة الناجحة تجاه الازمة : لقد اتبعت الحكومة العراقية سياسة ناجحة بإمتياز وتعاملت مع الازمة  في الانبار بحكمة بالغة افقدت المتصيدين بالماء العكر فرصة استغلالها لاغراض سياسية كتهييج الشارع ضد الحكومة وبالتالي كسب تعاطف الناس مع التنظيم ودفعها على الانتقام من الحكومة. لقد استطاعت الحكومة ان ترفع خيم الاعتصام دون اراقة قطرة دم واحدة ودون اي احتكاك وتم ذلك بطلب من الحكومة المحلية ، كما انها لم تحرك الجيش الا بعد استغاثات ونداءات الناس والحكومة المحلية وغير ذلك من التصرفات المهنية والحكيمة التي فوتت الفرص على المتربصين والمتخرصين وافقدت التنظيم فرصة كسب الشارع له ليصبح حاضنة وماوى .
4-    الدعم والتغطية الاعلامية : لقد احدث الاعلام العراقي قفزة نوعية جديدة في هذه الازمة لم نشهدها سابقا في اغلب الازمات السابقة التي حيكت ضد الحكومة العراقية ، فقد انبرت اكثر من قناة وطنية لتخوض حملة دعم للقوات الامنية التي تقاتل داعش ، وهذه المرة تمتعت بالمهنية العالية وقامت بفضح التنظيم والسياسين  المعاديين للعملية السياسية ، وقد توجت عملها بما يسمى بالمراسل الحربي ونخص هنا بالذكر قناة العراقية وقناة افاق اذ كان حضورهما متجسدا بمراسلين تمتعوا بشجاعة التواجد داخل رحى المعركة ولازالوا يرفدونا بالصورة والصوت لكل ما يجري من معارك وانتصارات تفضح وبشكل لايقبل الشك كل التخرصات والابواق الكاذبة وتكشف هزائم التنظيم المتلاحقة وتفضح جعجعته وماكنته الاعلامية التي انكشف زيفها وكذبها حتى امام مريديها.
5-    موقف عشائر الانبار :  لقد كان للموقف الشعبي لاهالي الانبار اثرا ماديا ومعنويا كبيرا هز موقف التنظيم واضعفه هناك ،فقد كان يعول على موقف مؤيد من قبل الاهالي يناصره – بدل ان يقاتله – بحجة انهم طائفة مضطهدة ومغصوبة الحقوق وان داعش انما اتت للدفاع عن تلك الحقوق ، وبذلك تكون داعش قد فقدت الحاضنة التي كانت تعتمد عليها لتكون منطلقا لعملياتها ضد الحكومة. لقد قاتل ابناء عشائر الانبار ببسالة  ضد تنظيم داعش وكبدوها خسائر كبيرة خصوصا في قضاء الرمادي ولازالت عشائر البو فهد والبو نمر والبو عبيد والبو علوان والبو دندن وغيرها تطارد فلول داعش وتقتلهم وهي تقاتل جنبا الى جنب مع القوات الحكومية .
6-    انفصال داعش عن التنظيم الام : لقد ادى انفصال داعش عن تنظيم قاعدة الجهاد العالمي الى تحديد الدعم المادي والمعنوي عنه بصورة كبيرة وجعلت منه تنظيما يعاني العزلة الكبيرة ، وهذا طبعا سيحجب عنه المساعدات والتبرعات المادية التي تأتي اليه عبر ( ايمن الظواهري ) وكذلك ستمنع عنه المباركات والتاييد ،ووجوده الشرعي سيتعرض الى التشكيك والمراجعات واعادة النظر من قبل الجهاديين وخصوصا الشخصيات القيادية الكبيرة في داعش والتي تعتبر نفسها الى الامس القريب انها احد فروع القاعدة الام وابنتها البارة ، وقد يكون هذا العامل من اقسى الاسباب التي تؤدي الى ضعف داعش وافول نجمه في عالم الحركات الجهادية المسلحة.
7-    القتال على اكثر من جبهة : لقد فتحت داعش – وبسبب اغترارها بنفسها – على نفسها اكثر من جبهة فهي تقاتل بالاضافة الى الحكومتين العراقية والسورية كل من الجبة الاسلامية وفصائل الجيش الحر وجبهة النصرة في سوريا وانصار الاسلام وباقي الفصائل العراقية المسلحة والصحوات في العراق ، وكل هؤلاء هم اعداء اقوياء لايستهان بقدراتهم القتالية وتسليحهم ولا اتصور ان لداعش القوة والامكان لادامة اوار الحرب مع كل هؤلاء لمدة زمنية طويلة ، وباستطاعتنا القول ان اشد ما تخافه داعش من بين هؤلاء هو الحرب التي اشتعلت بينها وبين اختها التوأم جبهة النصرة المرتبطة ب(ايمن الظواهري ) فهؤلاء يعرفون داعش اكثر من غيرهم ويعلمون من اين يكسر نخاع داعش فهم اخوة تربوا وترعرعوا في بيت واحد وولدوا من نفس الرحم وعلي لا ابالغ اذا قلت بأن الايام ستنبئنا بمقتل ابو بكر البغدادي على يد مقاتلي جبهة النصرة اعرف الناس بداعش.
8-    قرار السعودية الاخير من الجهاديين السعوديين : لقد حسمت اخيرا السعودية موقفها من الشباب السعودي الذي يخرج من ارضها ليجاهد مع الحركات الجهادية المسلحة خصوصا داعش وذلك عندما اصدرت امرا ملكيا يقضي بمحاسبتهم في حال ذهابهم الى القتال وحددت احكاما بالسجن لذلك ، كما انها ستقاضى من يفتي بوجوب الخروج للقتال خارج السعودية ويغرر بالمواطنين حول ذلك ، وكذا سيحاكم الداعمين للتنظيمات الجهادية بالاموال . طبعا كلنا يعرف ان الشباب السعودي  يمثل حصة الاسد بين المقاتلين في التنظيمات الجهادية في العالم ولا يكاد اي فرع من فروع القاعدة او داعش  يخلو من السعوديين . ان هذا القرار سيحد من اعداد المقاتلين والانتحاريين النوعيين اللذين تستفاد منهم داعش في عملياتها النوعية المؤثرة فهؤلاء يمثلون المادة الاولية المهمة في عملهم القتالي والتي لاغنى عنها.
الجدير بالذكر ايضا ان السعودية تدعم حاليا مايسمى ب (الجبهة الاسلامية ) التي تضم اكثر من فصيل مقاتل في سوريا وهي من اكبر الفصائل التي تخوض حاليا معارك شرسة ضد داعش وتستهدفها في جميع الاراضي السورية . اذن داعش كحركة جهادية بدات تحارب من قبل السعودية وطبعا التنظيم الجهادي المسلح الذي يحرم من دعم السعودية ماديا ومعنويا – فضلا عن محاربتها له – يصبح هزيلا ومصيره الهلاك ، لانها مالم تدعمه بفتاوى علمائها وقوات من شبابها ورصيدا من اموالها وتخطيطا من مخابراتها فوجوده كعدمه ولن تقوم له قائمة .
9-    مقتل اهم قادة التنظيم : لقد خسر ابو بكر البغدادي مؤخرا الكثير من قادة التنظيم الاشداء وجنوده النوعيين اللذين كان يعتمد عليهم اشد الاعتماد ، وهذه النماذج يصعب تعويضها سيما في الظروف الحالية التي يمر بها التنظيم والتي بيناها فيما سبق . لقد قتل في سوريا مؤخرا قائدا كبيرا من قادة داعش وهو حجي سمير او مايسمى بالحاج بكر وهو من ضباط نظام صدام البائد وشغل مناصب مهمة في داعش كمسؤول التطوير في داعش وكذلك كمخطط للعمليات النوعية والاستهداف وكان ابو بكر يعول على وجوده كثيرا ، كما خسر ابو بكر بعض اعضاء المجلس العسكري اثر معارك وحوادث ، وقامت القوات الامنية العراقية مؤخرا باستهداف مقاتلين اشداء في التنظيم واوقعتهم بين قتيل ومعتقل ومنهم من يعتمد التنظيم على خبرتهم في القتال والتفخيخ والاغتيال كسيد مشتاق ووالي الجنوب ابو اياد العزاوي ووالي الموصل ابو عقيل الحمداني وقبلهم المدعو ابو مصطفى العزاوي وزير امن داعش ، وبعض اهم شرعي التنظيم امثال شيخ ظافر المصلاوي وابو ايمان وطالب المياحي وابو محمد كرمة وشيخ فوزي الجبوري، وهؤلاء كان لهم الاثر الكبير في كسب الشباب ورد الشبهات الشرعية التي تصدر ضد التنظيم . كل ما سبق صعب على ابو بكر البغدادي زعيم التنظيم مهمته في قيادة واستمرارية العمل لان تنظيم كداعش يعتمد كثيرا على الرجل النوع وليس الكم فهذا التنظيم يجتهد كثيرا في صنع المقاتل الذي يجيد اسلوب الكمين والاغارة ويكون ذو عقيدة صلبة وايمان شديد بعمله وتنظيمه.
10-    تشديد الاجراءات على الحدود العراقية : لقد كثفت الحكومة العراقية من اجراءاتها العسكرية والامنية على الحدود مع الشقيقة سوريا وخصوصا بعد اعلان توحيد العراق والشام في امارة واحدة ، وذلك لتفويت الفرصة على التنظيم من ادامة التواصل والتنقل بالسلاح والمقاتلين . لقد قامت القوات الامنية العراقية المتمثلة بعمليات الجزيرة والبادية بعدة عمليات نوعية تصدت خلالها لعمليات تهريب للسلاح وعبور المقاتلين من والى العراق وهذا بطبيعة الحال يضعف من دعم التنظيم لبعضه البعض ويربكه ويفوت عليه فرصة ادامة زخم المعركة .
ان الحاجة ماسة الان لتقوم الحكومة العراقية باستخدام الاساليب الفنية التلكنلوجية المتطورة لمراقبة الحدود سيما وان مساحتها مع الشقيقة  سوريا تبلغ حوالي 600 كليو متر مما يجعل من مراقبتها بشريا عملية مستحيلة.                 
11-    الفرقة الذهبية : لقد تفاجأ داعش بالاداء القتالي المبهر للعمليات الخاصة العراقية المتمثل بالفرقة الذهبية  ، وصدم بالقدرة الفائقة والمهنية العالية التي تمتعت بها هذه القوة ، لقد حسب التنظيم انه سيقابل قوات قليلة التدريب لا تصبر في ساحة المعركة وتفر من اول صولة . لاتزال تلك الفرقة الذهبية تسطر اروع البطولات في تصديها وملاحتقها لمجاميع داعش في الانبار ، وبفضل تلك القوات تغيرت المعادلة منذ البداية لصالح القوات الامنية فأن داعش لم تستطع لهذه اللحظة ان تحتفظ بارض تدخلها في الانبار لايام قليلة اذ لا تلبث ان تدخل حتى تقوم الفرقة الذهبية بطردها وملاحقتها وتكدبيدها افدح الخسائر . ان هذا الاستنزاف لداعش يضعفها كثيرا من النواحي المادية والمعنوية ويصيب جنودها بالاحباط والتعب كلما خسر موقعا وواجه هذه القوات الفتاكة والمدربة تدريبا عاليا وتتمتع بحس وطني وعسكري عالي.
ان الاسباب التي مرت وغيرها  تنبأ بأن تنظيم داعش لن يدوم طويلا وسينتهي قريبا لانه ببساطة فقد اهم اسباب الديمومة والبقاء، وهذا من سنن التأريخ في الارض ، والمنطق يقول مالم تتوفر الاسباب والمقدمات لاتتحقق النتائج .
ان الإستراتيجية التي تتبعها الحكومة  في ملاحقة داعش يجب ان تستمر دون توقف فضلا عن كونها يجب ان تتطور ، لان فرصة القضاء على داعش مواتية جدا الان فيجب جعل مسالة القضاء عليه من اولى الاولويات لكي يستريح الشعب العراقي  ويفيق من كابوس ارقه اكثر من عقد من الزمن وكلفه الكثير من الخسائر بالارواح والثروات ، وليبدأ رحلة البناء والاعمار والذي تتوفر كل اسبابه والحمد لله في وطن اسمه العراق.        
[email protected]