23 ديسمبر، 2024 4:32 ص

توظيف القوة الناعمة عسكريا!

توظيف القوة الناعمة عسكريا!

المخططات الستراتيجية التي تصنعها الدول الكبرى الساعية وراء تحريك الامور وزحزحتها من أجل الحصول على التغيير الذي يريدونه والاهداف المرجوة عادة توضع بيد العاملين في أقسام المخابرات الدولية وغالبا ما يكون اعضائها علماء فلسفة ونفس واجتماع يضاف اليهم كتاب ذو مهارات قصصية ابداعية فيتفننون في عمل الخطط التي يصعب كشفها سريعا لأنها تكون عبارة عن أحجية لا تكون مفهومة الا بعد تجميع قصاصاتها و ربما بعد أن يحققوا اهدافهم أو تنكشف بعد حين لدخول عامل خارجي على المشهد لم يكن بالحسبان . الغرب بالحرية وتغيير المفاهيم الاخلاقية لديهم التي اكتسبها افرادها خاضوا غمار الاشياء على اختلافها واصبحت المنافسة مفتوحة بينهم لحد خروج من لا يواكب التطور أو الابداع لذلك رأينا طفرات ابداعية جلها تبدأ خيالية أو شبه مستحيلة وحتى محرمة دولياً لكن الباب كان مفتوحا لهذا التطور والتغيير .

تسائلات لطالما أرّقت منامي وهي لماذا امريكا تصبر على ايران الفارسية بل وتتفق معها وتتعاون وتساعدها في مرات عديدة ولا تقضي عليها كما دمرت وقضت على الحكم الوطني في العراق وهي التي تهدد جميع دول المنطقة عدا اسرائيل اللقيطة ,وكانت الاجابات المختصرة التي كنت اتلقاه واحيانا ارددها وابرر بها هذا الصبر هو ان أمريكا مستفيدة من وجود (كلب مجلوب ) بمنطقة الشرق الاوسط من أجل استنزاف دول الخليج العربي واضعاف جبهة مقاومتها لاسرائيل اللقيطة دون أن تمحي هذه الاجابة أو تقنع غريزتي بالحصول على جواب شافٍ يكوّن قناعة ثابتة لدي خصوصا وان كل تصرفات ايران كانت تدل على انها دولة مارقة تحاول ان تنتهز الفرص التي تقدمها أمريكا اليها من أجل تحقيق استراتيجيتها التوسعية من أجل الحلم الذي لن يرى النور وهو عودة امبراطورية كسرى الاستعمارية .

الجميع لا بد وأن لاحظ تحول في العلاقات الدولية وبعد أن كانت روسيا الشيوعية العدو الاول للغرب تحول هذا العدو الى صديق يمارس معهم أدواراً تخدم مصالح الجميع أي أمريكا ودول أوربا ويلاحظ أيضا استبدال القوة العسكرية (بالقوة الناعمة) التي تمارس الضغط وتحقيق الاهداف بقرار اجماعي يكوّن ضغطا كبيرا لا يسع اِيران او غيرها الا الرضوخ له ,لذلك لاحظنا أن أمريكا ابقت على ملالي ايران الفارسية رغم كل وقاحتهم واجرامهم المباشر أوعلى يد ذيولهم وتحديهم للغرب وأمريكا بالذات واستبدلوا قوة الردع العسكرية بقوة ردع عبارة عن عقوبات اقتصادية , توحيد بالاراء وتأييدها ومنها توسيم افراد وجماعات بانها قوى ارهابية ..وهذه تعتبر (قوة ناعمة) مؤثرة بديلا لنظرية الردع العسكري الذي استبدلت لفترة بالردع بالنيابة أي أن تجعل البلد أو من يؤيده هو يقاتل نفسه بنفسه من خلال خلق مجاميع ضعيفة النفوس تغريها بالمادة من أجل ان تخون وطنها وتتحول الى ميليشيات تدمر نفسها وبلدها لا سيما وان الدول الكبرى تحتاط من أجل ان تجعل جميع هذه القوى غير قادرة على الحسم العسكري لصالحها. ومثال على ذلك منع السعودية من حسم القتال ضد الحوثي لصالح الشعب اليمني الامر الذي أدى الى تكاليف باهضة خسرتها دول الخليج العربي .لقد كان لقرار ابقاء ايران تستهتر دون ضربها عسكريا وأن أدى ذلك لغشاوة بالاعين من أن أحيانا أمريكا تخشى أن تضرب ايران وتظهر أن ايران المهترئة قادرة على ضرب أمريكا في العراق والخليج مثلا اسقاط طائرة التجسس المسيرة وضرب قاعدة أمريكية بالعراق بصواريخ رغم أن أكثرها كانت فارغة ! مما يدل على تفاهم مشترك لا سيما وان ترامب قد ذهب لينام بعد الانتهاء من هذه الضربة !, ثم لاحظنا أن أمريكا قد أعطت الضوء الاخضر للمجوس من أن يضربوا بقوة منشاَت أرامكو النفطية ومنع السعودية أو خشيتها من الرد (و لا أدري لماذا تخشى دول الخليج العربي وبالذات السعودية من الدخول بحرب مع ايران المهترئة كما ذكرت لأني على قناعة من أن ايران لن تستطيع الصمود وهي بحالتها هذه أكثر من اسبوع خصوصا اذا تم استهداف المدن الكبرى بطيرانها القادر للوصول الى أي نقطة يريدونها وستتجزأ وتنقلب على نفسها من الداخل .) أما الاراء التي تخوف دول الخليج العربي من أن ايران ستقطع امدادات البترول فان ضرر ذلك سيكون بلا شك على ايران أكثر من الدول العربية وأن العالم بكامله صينيه وروسيه وغربه سيقف ضد ايران من أجل اعادة تدفق تصدير البترول رغم وجود انابيب اخرى بعيدة عن قدرة ايران . لكن هي القوة الناعمة التي تجعل من القوي يتردد أمام وعود فارغة بالحماية من الغرب من أجل ايصاله وحصره في الزاوية التي ليس لها الا طريقاً واحدا .
لا أريد أن أطيل فالقوة الناعمة قد مورست ضد ايران وضد دول الخليج العربي في ان واحد من أجل ايصال المرحلة والوضع الى عدم الثقة بأمريكا ووعودها مع الغرب وجعل دول الخليج العربي تبحث وهي في هذه الزاوية عن حلول أخرى وكان امامها حلا وحيدا بائناً وواضحاً فاسرائيل تقصف أي هدف ايراني وفي أي مكان داخل الاراضي الايرانية والعراق وسوريا ولبنان دون أن تستطيع ايران أن تردعها لذلك فكان هدف هذه القوة الناعمة هو استبدال عدو بعدو الامر الذي يبرر وبقناعة بلماذا لم يتم تدمير ايران أو استبدال حكومتها رغم وجود البديل الجاهز او تجزئتها رغم انها مهيئة لهذا التقسيم الذي كان سيؤدي لتحرير دول القوميات الغير فارسية والتي تعاني من بطش المجوس اذن هذا هو السبب الرئيسي العلمي والنفسي الذي يعطي جوابا مقنعا بلماذا لم يتم ردع ايران عسكريا .. لذلك هرول العرب باستبدال العدو الصهيوني بالعدو الفارسي اَملين أن يخلص العرب من شرورايران بالردع الصهيوني أو أن تقوم أمريكا بتنفيذ خطة تجزيء ايران الى عدة دول فايران بعد التطبيع العربي مع الصهاينة لا لزوم لها. مساكين!