23 ديسمبر، 2024 10:54 ص

توظيف الأسلام والقرأن في خدمة السلطة

توظيف الأسلام والقرأن في خدمة السلطة

المقدمة :
في زمن الرسول تأطر الأسلام وفق أطر معينة ضم بين دفتيه ، العبادات / وهي الشعائر وفروض العبادة ، مثل الصلاة والزكاة والصوم والحج ، وهذا ما بينه وأوضحه الحديث التالي ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله و إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان / متفق عليه أخرجه البخاري برقم 8 ) ، يضاف الى ذلك الغزوات والمعاملات ونشر الدعوة وغيرها .. ، ولم يكن هناك / بشكل أو بأخر ، أشارات مستقبلية الى تأسيس دولة أو سلطة أو حكم أو ملوك أو خلفاء !! ، وختم الرسول دعوته ، وفق الأية ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا / سورة المائدة 3 ) ، أي أن الأشارات كانت لدين وليس لدولة أو لسلطة أو خلافة ! ، ولكن بعد أنقضاء الدعوة وموت الرسول ، الأمر والحال تغير ، وذلك لأستخدام الأسلام وكتابه القرأن ، وسيلة وخدمة للحكم والحكام والسلطة والسلطان ، يحركه ويوجهه رجال وشيوخ السلطة / وعاظ السلاطين – أشارة لقول د.علي الوردي ، وفق مقتضيات المرحلة ومجريات الحدث ، وفق الرسول ومنهجه !! تارة ، وبعيدا عن سنة الرسول تارة أخرى . هذا ما سنحاول بحثه في التالي .

النص :
سأتناول بعض الوقائع أو الأحداث ، ثم سأبين مدى أستخدام الأسلام كدين أو القرأن ، كوسيلة من أجل توجيه الحدث أو الواقعة لمصلحة السلطة أو الحاكم ، منها الأتي / وهذا على سبيل المثال وليس الحصر :
1 – حُرُوْبُ الرِّدَّةِ : هي سلسلةٌ من الحملات العسكريَّة التي شنَّها المُسلمون على القبائل العربيَّة التي ارتدَّت عن الإسلام بعد وفاة الرسول ، خِلال الفترة المُمتدَّة بين سنتيّ 11 و 12هـ ، المُوافقة لسنتيّ 632 و633 م ، وكان أبو بكر هو الداعي إلى قتالهم والتصدي لهم . وكان أبو بكر قد تم مبايعته من أجل تولي خلافة المسلمين من بعد الرسول ، حيث إنّ هناك عددا كبيرا جداً من القبائل التي ارتدت عن الإسلام ، ما عدا أهل مكة ، ووصف البعض حالة الردة على أنها كانت عبارة عن انشقاق عن الدولة الإسلامية ، ورفضهم تسليم الخلافة لأبو بكر ، وقد كان السبب هو الزعزعة التي حدثت في قلوب بعض من ضعاف الإسلام بعد وفاة الرسول ، حيث كان باعتقادهم أنّ الرسول لا يموت . اختلفت طريقة ارتداد القبائل ، فالبعض منهم قام بالارتداد من خلال إقامة الصلاة فقط ، بينما امتنعوا عن دفع الزكاة ، والبعض الآخر قام بترك تعاليم الدين الإسلامي بشكل كامل . كما أنّ هذه الفترة شهدت ظهور عدد كبير من المكذبين الذين ادعوا النبوة ، والذين من أهمهم مسيلمة الكذاب ، والذي التف حوله عدد كبير من الأشخاص واتبعوه على أنه نبي ، وكانت حروب الردة حروبا جهادياً .. / نقل بتصرف من موقع الويكيبيديا ومن الموقع التالي mawdoo3.com .
أضاءة :
أولا – العرب على وعيهم القبلي ، أعتقدوا أن ولاءهم للرسول بالذات ، وبموت الرسول أنتهى الوعد الذي ألتزموا به ، لذا أرتدوا ! وهذا منطق وعقلية قبلية ، ثانيا – حروب الردة تدلل على أن أبو بكر كان غير مرغوبا به كخليفة ، ولأجله أرتدوا ، من الممكن كانوا يأملون عليا خليفة ! ، لقرابته من الرسول / أبن عمه ، ثالثا – الألتزام القبلي للرسول أثقل كاهل القبيلة ماديا وماليا ، وخاصة بالنسبة لمشاركة القبائل بالغزوات … أن موت الرسول ، يعني بشكل أو بأخر نهاية الدعوة ، وأن الخليفة أبو بكر ، بذل كل جهده مستغلا الأسلام دينا من أجل خلافته ، ولغرض بسط سلطته وحكمه بالقوة ، وأرجاع الزكاة خاصة ، لأنها الأمر الرئيسي للقضية ، لما تشكل من رافدا ماليا رئيسيا للخلافة الطرية ، أن ترسيخ الأسلام كدين ليس غاية حروب أبو بكر ، وأنما الدين كان وسيلة لأثبات أول خلافة سلطوية بعد تزعزع الوضع القبائلي بعد موت الرسول .

2 – رفع المصاحف على أسنة الرماح / معركة صفين 37 هجرية : ( قال المسعودي « وكان الاشتر في هذا اليوم ـ وهو يوم الجمعة ـ على ميمنة علي ، وقد أشرف على الفتح ، ونادت مشيخة أهل الشام : يا معشر العرب ، الله في الحرمات والنساء والبنات ، وقال معاوية : هلم مخباتك يا ابن العاص فقد هلكنا ، وتذكر ولاية مصر ، فقال عمرو : ايّها الناس ، من كان معه مصحف فليرفعه على رمحه فكثر في الجيش رفع المصاحف ، وارتفعت الضجة ونادوا : كتاب الله بيننا وبينكم ، من لثغور الشام بعد أهل الشام ، ومن لثغور العراق بعد أهل العراق ؟ ومن لجهاد الروم ؟ ومن للترك ؟ ومن للكفار ؟ ورفع في عسكر معاوية نحو من خمسمائة مصحف ، ثم نقول : هذا حكم بيننا وبينكم .. ) / نقل بتصرف من موقع al-milani.com/library/lib-pg.php … وهنا قال علي بن أبي طالب قوله المأثور ، ( عن بُسر بن سعيد عن عُبيد الله بن أبي رافع أن الحرورية هاجت وهو مع عليّ بن أبي طالب فقالوا : ” لا حُكـــــــم إلا لله ” فقال : عليّ : ( كلمـــــــة حق أريد بهــــــا باطل ، إن رسول الله وصف ناسًا وأشار إلى خلق من أبغض خلق الله إليه ، فيهم أسوَد ، إحدى يديه طبْيُ شاة أو حَلمَةُ ثدي .. ) / نقل بتصرف من موقع منتدى كل السلفيين .
أضاءة :
في سبيل حب السلطة والقوة والحكم من الممكن لمعاوية بن أبي سفيان وداهية العرب عمرو بن العاص أن يستغلوا اي وسيلة أي طريق من أجل خداع المقابل ، حتى أن كان هذه الوسيلة هي القرأن ، وهنا أستخدموا رفع المصاحف / للتحكيم ، لقلب دفة المعركة لصالحهم ، ما نحن به هو أستخدام الدين من أجل السلطة ، وهنا كسب معاوية المعركة مع علي بالخداع !! ، ونسوا المتحاربين الرسول والأسلام والقرأن ، وهم من جهة ، من آل بيت الرسول / علي بن أبي طالب – أبن عم الرسول ، ومن جهة أخرى أفضل صحابة الرسول ، معاوية وبن العاص ، ولكن عند حد السلطة ، كل المسميات الأخرى تغيب !! .
3 – شعار الأخوان المسلمين : أولا سنوجز عن حركة الأخوان (( الإخوان المسلمون إحدى الحركات الإسلامية المعاصرة التي نادت بالرجوع إلى الإسلام ، وإلى تطبيق الشريعة الإسلامية في واقع الحـــياة ، وقد وقفت متصدية لسياسة فصل الدين عن الدولة ومنابذة موجــة المد العلماني في المنطقة العربية والعالم الإسلامي. مؤسس هذه الدعوة الشيخ : حسن البنا ( 1324 ـ 1368هـ ) ( 1906 ـ 1949م ) ولد في إحدى قرى البحيرة بمصر ونشأ نشأة دينية .. )) / نقل من موقع صيد الفورائد . ثم ثانيا ، سنتكلم عن شعار الأخوان فهو “ الإسلام هو الحل ” و ” الإسلام دين ودوله و جنسيه ووطن و مصحف وسيف ” ، فقد جاء في الموقع الرسمي د . صبري محمد خيري ، ما يلي ، نقل بتصرف ( بين الاجتهاد والبدعة رفعت جماعه الإخوان المسلمين عبر تاريخها ، جمله من الشعارات ومنها : “ الإسلام هو الحل ” و” الإسلام دين ودوله ” و” الإسلام جنسيه ووطن ” و “ الإسلام مصحف وسيف ”، وهذه الشعارات من ناحية اللفظ حادثة في تاريخ الامه ، فلم يرد في القران أو السنة أو أقوال السلف الصالح ، أو علماء أهل السنة ، أما من ناحية الدلالة فان لها دلالات متعددة ، غير انه يمكن التمييز بين دلالتين أساسيتين لهذه الشعارات : الدلالة الأولى لها تخالف مذهب أهل السنة فهي بدعه ، أما الدلالة الثانية لهذه الشعارات فتوافق مذهب أهل السنة ، وبالتالي يمكن اعتبارها شكل من أشكال الاجتهاد .. ) . أضاءة : الأخوان وشعارهم المشبوه ، حالة دينية خاصة بوضع سياسي أنتهازي ضمن واقع عسكري مرتبط بسلسلة من الأغتيالات والأرهاب وحسب الحاجة ، أرى أن أي قراءة حداثوية لواقع الأخوان المسلمين ، يضعنا أمام ، جماعة مصابة بنوع من الشيزوفرينيا الفكرية ، لكثرة تغيراتها وتقلباتها ، وفق الأحداث والظروف ، وهذا الذي حصل مثلا في ثورة 25 ينايرفي مصر ، هي ” مجموعة من التحركات الشعبية ذات الطابع الإجتماعي والسياسي انطلقت يوم الثلاثاء 25 يناير 2011 ” ، أنها جماعة تعشق السلطة والسياسة والتجارة والمال ، تضع كل حراكها تحت مظلة الأسلام ووفق القرأن ، ولكنها تحارب وتقتل من أجل السلطة والحكم أن أحتاج الأمر ، تاركة الدين والقرأن ورائها ، ولا يهمها سوى السلطة ، ولا تهتز أن كان بعضا من شعاراتها بدعة أم لا ، لأن أصولها مشبوهة كحركة / أشارة لأرتباطها بالمخابرات البريطانية ، وحتى أن مؤسسها حسن البنا / بعض المصادر تقول أن أصوله يهودية .. وتجربة الأخوان وحكمها في مصر خير دليل على أنتهازية الأخوان المسلمين ، أبان حقبة الرئيس الأسبق محمد مرسي ( تولى منصب رئيس الجمهورية رسميا في 30 يونيو 2012 بعد أداء اليمين الجمهوري حتى تم عزله في 2013 ، والذي جاء بعد مظاهرات 30 يونيو. ولايزال معتقلا منذ تاريخ عزله ) .

4- داعش / تنظيم الدولة الإسلامية : كان يسمى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ، الذي يُعرف اختصاراً بـداعش ، ( وهو تنظيم مسلَّح يتبع الأفكار السلفية الجهادية ، ويهدف أعضاؤه – حسب اعتقادهم – إلى إعادة ” الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة ” ، ويتواجد أفراده وينتشر نفوذه بشكل رئيسي في العراق وسوريا مع أنباء بوجوده في دول أخرى ، هي جنوب اليمن وليبيا وسيناء وأزواد والصومال وشمال شرق نيجيريا وباكستان. وزعيم هذا التنظيم الحالي هو أبو بكر البغدادي ) / نقل بتصرف من الموسوعة الحرة .
أضاءة :
أرى أن هذا التنظيم ، يضم مؤشرين : أولهما ، هو تنظيم يطبق القرأن وكل مفردات الموروث الأسلامي بحذافيره في نهجه وفي أجمال أسلوبه ، ثانيهما ، يستخدم الأسلام والقرأن أيضا في سبيل نيل السلطة والخلافة والحكم ، وهي كلها شعارات زائفة ، لأن أعضائه مكفرين مغيبين كارهين للأخرين ، يحلمون بالعالم بلادا لهم ، لكي يحكموه بالقرأن ، ويسبون نسائه ، ويستعبدون سكانه ، ويسيطرون على ثرواته ، فهم يسحلون ويقتلون ويحرقون ويصلبون تحت قرائن من الموروث الأسلامي ، وأصبح الكثير من الشباب يقلدون أعماله وأفعاله في الغرب ، وهم أصلا مولودون على أراضيه .

خاتمة :
وفق أستقصاء التأريخ الأسلامي ، أرى يسر وسهولة توجيه الموروث الأسلامي عامة / وخاصة النص القرأني ، نحو أفق أي حدث أو واقعة أو مسألة .. بأقل جهد بحثي ولغوي وفقهي ممكن ، من قبل شيوخ السلطة ، وذلك لعدم وجود رؤية تفسيرية محددة وموحدة لأغلب النصوص ، وهذا ما حصل في الحقبة الأموية مثلا ، من تغيير وتبديل وتعديل للكثير من نصوص الموروث الأسلامي وفق متطلبات المرحلة !! ، وحسب رغبة الحكام ّ!! ، لذا أرى أن ” قوة السلطة والحكم أنتصرت على القرأن كنص وعلى الأسلام كدين ” ، فحور الموروث الأسلامي وفق الحدث أو المسألة المراد بحثها ، لذا فأن القضية هي الغاية بالنسبة للسلطة / أيا كانت هذه السلطة ، والأسلام بقرأنه هو الوسيلة / أيا كانت هذه الوسيلة .