سبق وان نشرت قبل عقد من السنين موضوعا بينت فيه الفرق بين الاب والوالد. والام والوالدة . والزوجة والمرأة. وبين الرجل والذكر. واستوقفتني اية لم اجد تفسيرا لها . باعتبار ان الرجال هم اصحاب المواقف والهمم. ولكن حين يصف تعالى قوم لوط{ع} بقول:(إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون)
في تفسير البغوي ﴿لَتَأْتُونَ الرِّجالَ﴾،اتيانهم فِي أَدْبَارِهِمْ، ﴿ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ ﴾، ويعني بذلك الْفَاحِشَةَ: كيف يسميهم رجال ولم يسمهم ذكور, باعتبار ان الرجل صاحب موقف وكرامة ﴿ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ﴾، مُتجَاوَزُونَ الْحَلَالَ إِلَى الْحَرَامِ.
من عجائب وبلاغة القران الكريم انه يطلق على المدينة{ القريبة] صفة اهلها. بل يشير الى المجموع منهم باسم القرية او رجالها. كقوله تعالى:{فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها} كيف امنت القرية وهي نينوى الموصل اصحاب يونس.. هل امن فيها الحجر او الشجر او البيوت..؟ الجواب اهلها امنوا فنفعهم ايمانهم. فاشار هنا الى اسم القرية كناية عن شعبها رجال ونساء. العلة التي من أجلها أتى القرآن باللسان العربي، و أن المعجزة في نظمه، ولذا صار جديدا على مر الأزمان .
وقوله: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا } قال الامام علي{ع} هو عزير.. وكلمة خاوية على عروشها .. بمعنى ان اهلها ماتوا جميعا. المشهور أنها بيت المقدس مر عليها عزير بعد تخريب بختنصر لها وقتل أهلها ( وهي خاوية ) أي : ليس فيها أحد من الرجال والنساء من قولهم : خوت الدار .. وقوله تعالى{ وَهَـٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا ﴿٩٢ الأنعام﴾ الانذار لا يكون الا للبشر رجال ونساء. وفي قوله تعالى{ تِلْكَ الْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ ﴿١٠١ الأعراف﴾ قصص القرى في القران كلها تتحدث عما قام به الرجال والنساء من موقف سلبي او ايجابي تجاه الانبياء.
اذن كلمة القرى تشير الى مكان معين والمعنى الباطن هم اهل القرى ودورهم تجاه الانبياء والرسل. وقوله: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا)﴿٨٢ يوسف﴾ وورد في بحار الأنوار – للمجلسي – ج ٢٤ – الصفحة ٢٣٤ توضيح موسع قال: أو ما تسمع إلى قوله تعالى: (وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله} وقال: (و تلك القرى أهلكناهم .. كل هذه الايات تتحدث عن نشاط المجتمعات البشرية في تلك المدن التي يسميها القران قرى. ولذا اطلق على اصحاب لوط في قرية سدوم كونهم كلهم يمارسون الرذيلة فشملهم جميعا قوله تعالى:إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجٰالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسٰاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ* وَمٰا كٰانَ جَوٰابَ قَوْمِهِ إِلاّٰ أَنْ قٰالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنٰاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) هذه قرية كل مصلح فيهم يجب اخراجه ونفيه لانه يتطهر.
وبَلَغَ مَلِكَهُمْ فقال َ:اِئْتُونِي بِهِ.فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ،قَالَ لَهُ:مَنْ أَنْتَ،وَ مَنْ أَرْسَلَكَ،؟فَقَالَ لَهُ:انا َلُوطٌ ابْنُ أَخِ إِبْرَاهِيمَ(عَ)والَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ اللَّهُ رَبِّي جِئْتُ أَدْعُوكِمْ إِلَى طَاعَةِ امر الله وأَنْهَاكُمْ عَنْ الْفَوَاحِشِ.فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ مِنْه وَقَعَ فِي قَلْبِهِ الرُّعْبُ فَقَالَ :إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنْ قَوْمِي لاحظ كلمة رجل َسِرْ إِلَيْهِمْ،فَإِنْ أَجَابُوكَ فَأَنَا مَعَهُمْ».:«فَخَرَجَ لُوطٌ مِنْ عِنْدِهِ وأَخَذَ يَدْعُوهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ،وَ يَنْهَاهُمْ ويُحَذِّرُهُمْ عَذَابه فوَثَبُوا عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وقَالُوا: لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يٰا لُوطُ نْ هَذِهِ الدَّعْوَةِ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ مِنْ بَلَدِنَا، قٰالَ رَبِّ نَجِّنِي وَ أَهْلِي مِمّٰا يَعْمَلُونَ .. والقصة معروفة واثارها باقية حتى الان. ولذا وصف الله تعالى كل ابناء البلدة {:(إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون) .. وكل من رضى بعملهم تشمله الاية المباركة ..