20 مايو، 2024 6:15 ص
Search
Close this search box.

توت … توت !!

Facebook
Twitter
LinkedIn

في رمضان الماضي عرضت احدى الفضائيات العراقية مسلسل تدور احداثه لقصة (جابي) يعمل في محطة السكك الحديد العراقية !  وعند متابعة حلقات المسلسل فانك تلاحظ ان المخرج حاول الاستعانة بممثلي الكومبارس في محاولة لايهام المشاهد داخل البلاد وخارجه ان هنالك حركة داخل المحطة وهنالك اقبال على شراء بطاقات السفر (التكت) وبالرغم من اننا على دراية تامة بان القطار يسير في رحالات يائسة اشبه بالفارغة في تنقلاته المحدودة جدا داخل العراق , ونحن اليوم ليس بمحط انتقاد ذلك العمل التلفزيوني ومحاولاته الدؤوبة لتذكر تراث العراق المتمثل بالقطار ,  ولكن قبل ايام قليلة قرئت في احدى المواقع الاخبارية العالمية خبر تحدث فحواه حول النظام الاقتصادي في اليابان وعمليتي الصعود والهبوط المتزامنة للعرض والطلب داخل ذلك النظام , رجال الاقتصاد في اليابان يحاولون دائما رفع الاداء الوظيفي للسوق التجارية في العاصمة طوكيو وبقية مدنهم فهم مستمرين بضخ وصناعة السلع والحاجات ذات المنفعة الجديدة ظنا منهم بانها واحدة من الحلول المناسبة لمحاولة استرجاع الاموال المستنزفة في الحياة العامة في بلادهم , تماما كمايجري في بلدي الام العراق !  فرجال الاقتصاد في العراق .. اسف ! اقصد تجار السلع هم ايضا يبذلون قصار جهدهم لانعاش السوق المحلية بالمستورد ذات الطراز العاشر !!!! الذي ترفض اقتنائه حتى الشعوب المسحوقة ك(الصومال ) مثلا !! , وفي اثناء متابعتي لتفاصيل ذلك الخبر  وجدت ان موظفي النقل في اليابان اكتشفوا ان القطار الذي يعمل لديهم وهو من الطراز الجيد طبعا قد تراجع كثيرا في الاونة الاخيرة وذلك من خلال قياسهم شباك التذاكر الخاص به (لان الجماعة اهناك عدهم مقايس للحياة ) مثل بلدي الام تماما !!! وخصوصا مع فتح الطرق المختصرة وانشاء الجسور العملاقة التي ربطت اليابان في لوحة هندسية رائعة والتي خففت من عناء الانتظار في محطات القطار واهدار الوقت والذي يلعب هو الاخر عنصر اساسي في حياتهم ( مثل مايحصل في بلدي الام بلظبط ) !! , لم يتوسع هذا الخلل كثيرا عندهم فسرعان مااتنبه له موظفي السكك الحديد الذي هم ليسوا مسؤولين عن ايجاد الحلول , ليخرجوا من جعبهم مفاتيح الحل سريعا ! فقررا وصنعوا سويا !! قطار جديد  يتمتع بخصائص عديدة اهمها انه قطار لايتوقف ! نعم هو كذلك.. فآلية عمله كلتالي يسير القطار بسرعة فائقة وعند وصوله الى محطة ما  تغادر اخر العربات في القطار تحديدا جسم القطار الذي يستمر بسيره بدون توقف بعد ان تجمع فيها الراغبين في النزول من القطار , فتقف العربة الاخيرة في المحطة المطلوبة فيتبادل الواصلين بالمغادرين لياتي القطار التالي فيلتقط العربة الواقفة في صورة تكنلوجيا رائعة بعد امتلائها بالمغادرين وبذلك لن يتوقف القطار الا في المحطة النهائية .. مااروع تلك الصور ومااجمل الاحساس العالي الذي امتلكه موظفي النقل في اليابان الذي احسوا بانهم قادرين على المحافظة على اقتصاد البلاد من التأخر ولو للحظات قليلة ..انهم احبوا كل شي في بلادهم واستغلوا كل الطاقات التي من الممكن استغلالها لدعم حياتهم وحياة محبيهم ..تألمت كثيرا عند مشاهدتي تلك الصور لانني تذكرت قطارنا الكهول الذي باتت عليه ملامح التعب والارهاق الشديدة وكذلك بانت عليه اعراض المرض الموات !! اني اعطف عليه كثيرا  فهو بلكاد يستطيع السير وربما يحتاج العون وكل العون للوصول الى محطة ما ؟ حدثني البعض من الزملاء الصحفيين عن ذكرياته الجميلة والمؤلمة داخل هذا القطار فاحدهم قال لي انه يذكرني عندما غادرت به شمال العراق لاحضار عروسي من بيتها في يوم زفافي  , كان الطريق طويلا جدا وكنت اريد الوصول بسرعة ليتحقق حلمي بالزواج من الفتاة التي احببتها ..على عكس الاخر الذي قال لي انه يذكرني باابشع ايام حياتي عندما كنت جندي مكلف في الجيش السابق كان هذا القطار يسير متوجها للوصول الى معركة شرسة ايام الحرب العراقية الايرانية فكنت اتمنى انه لو لن يصل ابدا او يحدث شي ما يؤخر وصولنا الى النقطة المحددة ..ان القطار واحد من اهم وسائل النقل المهمة في العالم ولابد من ارجاع الحياة له على الرغم من المجهود المتواضع الذي يقوم به الاخوة في وزارة النقل والمواصلات فلابد ان تستبدل العربات القديمة باخرى جديدة  ولابد ان يعود القطار لياخذ دوره في انعاش وريد الحياة العراقية  للاصطفاف العادل مع وسائل النقل الداعمة للدخل القومي العراقي .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب