مؤسف جدا انه في غمرة أجواء الحزن العاشورائي على مصاب سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام، نلجأ مكرهين للكتابة في مواضيع لا ترقى الى حجم مأساة الطف. لكن السكوت عنها يساعد على استفحال الخطر وتأثيره على وعي الأمة.
بمنتهى الإيجاز.. نحاول ذكر عدة مصاديق تعكس تفشي ظاهرة التفاهة وتناقلها كنموذج مؤثر في الواقع الإجتماعي كونها تمثل عناوين خادعة للمتلقي نظرا لصفة من يمثلها ولا اقصد هنا بعض الفارغين والسذج الذين وصلوا لمرتبة “الطشة” بعبارات وحركات بهلوانية تضحك الأطفال والمراهفين، بل الحديث هنا عن عناوين “يقال” عنها نخبوية وترى في محتواها تأثيرا ايجابيا في المجتمع يينما في الحقيقة هم عبارة عن أدوات سطحية منبطحة فكريا مهدت الطريق لاستغلالها عبر تعامل جهات أخرى معها كشواخص مؤثرة تمثل مساحة في المجتمع الشيعي، منها على سبيل المثال لا الحصر شخص يلقب بالعتابي يرتدي عمة بيضاء الذي ذاب بالوطنية “حد الإحمرار” ويفتخر بصداقتك مع معمم الطائفي يدعى الغريري، وهذا الأخير معروف بتحامله على عقائد الشيعة ومراجعهم وشعائرهم، لكن المدعو شهيد العتابي يتنازل عن ثوابته اكراما لصداقته مع الغريري.
معمم آخر معروف “بحماوته الزايدة” وتحامله على أبناء مذهبه “الشيعة” وقواهم السياسية يلقب بالباوي ينزو على المنبر نزو ال… ويشتم هذا ويسيء لذاك بلغة جدا هابطة يربأ عن تلفظها الإنسان الواعي، لكنه ظهر في مقطع كالحمل الوديع ومبالغا في تقمصه للأدب والكياسة حين يطلب من الغريري ان يعتذر عن توزيعه للحلوى ابتهاجا بهلال محرم الحرام!
فلماذا مع أبناء جلدتك من الشيعة تتبنى الخطاب الناري ومع دعاة الفتنة الطائفية تبدو متوسلا تستجدي منهم الاعتدال.
المحامية زينب جواد والتي يعرف أغلب المتابعين انتماءها للطائفة الشيعية والتي حملت الراية الحمراء في رفضها للقوانين التي يطالب بها غالبية أبناء الوسط والجنوب وكانت قد عقدت اتفاقا مع المحامية قمر السامرائي برعاية المدعو أحمد بشير لاشاعة الخطاب الوطني ورفض هيمنة الدين على الواقع السياسي وشطب المفردات الطائفية من ادبيات الحراك الذي توافق عليه مجموعة من المحامين والناشطين.
لكن الذي حصل ان السامرائي رفيقة الدرب لزينب جواد جعلت من الخطاب الطائفي شعارا لتسويق حملتها الانتخابية مؤكدة على مظلومية اهل السنة وعادت نغمة التهميش والاقصاء التي تبنتها الكتل السنية بعد تغيير النظام.
الواضح ان السيدة المبجلة زينب جواد اجادت فن التغليس على خطاب صديقتها قمر وتأكد لها انها “نطرحت زوج”، كما هو حال شهيد العتابي الذي بلع الطعم ودس راسه في المرحاض بعد ان قدم ثوابته الدينية والعقدية قربانا لصداقته مع عداي الغريري.
الاسهاب بذكر مصاديق “التفاهة النخبوية” لدى الشيعة قد يفقد المقال مضمونه وإلا كيف يمكن التغاضي عن اشادة السياسي فتاح الشيخ يالارهابي حارث الضاري وحديثه الطويل عن وطنيته رغم مجاهرة الضاري بانتماءه لتنظيم القاعدة، وعليه لابد من العمل على التغلب على التحديات التي يسببها توافه النخبة في الوسط الشيعي وأولها الانحراف عن القيم والتنازل عن الثوابت الوطنية والدينية، ناهيك عن إشاعة التعصب الفكري فهؤلاء رغم ضآلة تفكيرهم وصغر حجمهم لكنهم سيقفزون من القعر الاجتماعي الى واجهة الحدث ومن الطبيعي سيكون لهم أتباع ومؤيدين خصوصا في الواقع الافتراضي الذي يشكل عامل مهم في توجيه الوعي وانحداره على حد سواء، إضافة الى أشغال النخبة الواعية في متابعة ما يصدر من مراحيض التفاهة واضاعة الوقت في مناقشة افكارهم والرد عليها واشعارهم بالندية والتأثير.
وللتغلب على سطحية التفاهة لابد من العودة الى اصل صناعة الوعي وهو التعليم والذي تعتبر المجالس الحسينية رافدا مهما في صناعة الإنسان الرسالي المحصن فكريا والمتسلح بالمعلومة التاريخية التي تمكنه من تشخيص المصلحة وتحديد الهدف.
كما ينبغي إعطاء الحوارات البناءة مساحة خاصة من الأهتمام خصوصا للشخصيات المؤثرة وحملة الفكر ناهيك عن التوعية المجتمعية والأسرية واشاعة التفاؤل ومحاربة الإحباط وتصدير المفاهيم التي تشيد بمواقف أبناء المكون الأكبر الجهادية والسياسية وتسليط الضوء على المتغيرات الإيجابية في زمن الحاكمية الشيعية والتي كانت لا تخطر حتى في أوهام العراقيين عندما كانوا محكومين.