لمْ يُثِر استغرابنا كثيراً اكتشاف الأجهزة الأمنية الكردية مؤخراً لزمرة او خليّة كردية غير متجانسة و متواطئة ” الى اخمص قدميها ” مع داعش , وتشتمل هذه الخلية على بعض كبار رجال الأعمال وعلى ضباط من البيشمركة وعلى عددٍ من التجّار . مهمة تلك المجموعة اشتملت على شراء كميات من النفط من ” داعش ” وثم تهريبها وتمريرها الى داخل كردستان وتصديره ايضا الى تركيا , وذلك عبر تهريب وتمرير صهاريج محمّلة بالنفط الخام وبأسعارٍ مخفّضة للغاية تجني منها تلك الزمرة ارباحاً طائلة , وبذاته الوقت فأنها تقدّم دعماً مالياً بالعملة الصعبة لتنظيم داعش , ولمْ يتوقّف الأمر عند هذا الحد , بل لاحظت السلطات الأمنيّة الكردية ” الأسايش ” ورود كميات من المنتجات الزراعية والغذائية الى داخل كردستان وهي من الأصناف التي لاتتواجد إلاّ في المناطق الواقعة تحت سيطرةِ داعش .! , وكما اشرنا في اعلاه , فعلائمُ الإستغراب ليست بمثيرةٍ كثيراً في هذا الصدد على الرغمِ من تماسك النسيج الأجتماعي الكردي , وبرغمِ تعدّد الأحزاب الكردية واتجاهاتها ىالسياسية المتباينه , وإنَّ ما لايثير الغرابة في ذلك هو تأثيرات الجوار او التماس الجغرافي في مناطقٍ متداخلة بين اراضي كردستان و المناطق التي تحتلها داعش ” عدا تأثيرات اللغة والمصالح الآنيّه الضيقه فضلاً عن نتاجات اجهزة المخابرات الدولية ..
ولكنّ ما هو مثارُ دهشةٍ واستغرابٍ هو ما كشفه جهاز المخابرات الروسي مؤخراً منْ أنَّ دولاً في الأتحاد الأوربي قد عقدت اتفاقاتٍ سريّه مع داعش لشراء كميات من النفط المتواجد في حقولٍ وآبارٍ تقع في المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش .!! وهذه هي الأزدواجية الأوربية ” بأمّ عينها ” في التعامل والتعاطي في العلاقات الدولية , ونرى جليّا كيف انّ هذه الدول الاوربية تقيم الدنيا ولا تُقعدها ” في تصريحاتِ مسؤوليها ” عن ضرورة مكافحة الأرهاب الداعشي .. وهذه المعلومات التي كشفتها المخابرات الروسية تبيّن بوضوح لماذا وطالما تؤكّد دول الغرب بأنّ الحرب مع داعش سوف تطول وتطول لسنواتٍ عدّة , كما تكشف هذه المعلومات الحديثة ايضا لماذا أنّ بعض الدول الآوربية المشتركة في التحالف الدولي قد ارسلت طائراتٍ مقاتلة لا يزيد عددها عن اصابع اليد الواحدة , وليس هنالك من دليلٍ على انها قصفت مواقعاً لداعش سوى تصريحاتهم في الإعلام .! , وايضا فأنّ ذلك يفسّرُ لماذا اضطرّت الولايات المتحدة للأعتراف او للقول بأنّ طائراتها قد القت ” من الجو ” حمولاتٍ من الأسلحة والذخيرة على المناطق التي تتواجد فيها داعش , ثمّ ادّعت أنّ ذلك كان عن طريق الخطأ .! ولماذا تكرّر هذا الخطأ لأكثر من مرّه .!!
وهذا ما يقودنا كذلك الى ال MOST SPECTACULAR – الأكثر الفاتاً للنظر والتصوّر لماذا قامت مقاتلاتٌ بريطانية وامريكية ” ولأكثرِ من مرّه ” في قصف تشكيلاتٍ عسكرية من متطوّعي الحشد الشعبي الذين يقاتلون داعش , وتحت ذات ذريعة القصف بالخطأ .! < والتي كان يُصطلح عليها في حرب 1991 بنيرانٍ صديقة .! > , وهل مثل هذا القصف سوى لتخفيف الضغط العسكري على تنظيم داعش ..
وبقدرِ ما يدعو موقف هذه الدول الاوربية التي تتعامل مع داعش في السّر , الى الأستغراب والدهشة بما يتناقض مع مواقفها الرسمية والدبلوماسية المعلنه , فأنه ايضا لا يدعو ابداً لأيّةِ دهشةٍ واستغراب .!! فهذه الدول هي ذاتها التي قَصَفَتْ الجيش العراقي في حرب 1991 بكلِّ ما أُوتِيَتْ من وسائل القوةِ والعنف ودَمّرتْ البنى التحتية للعراق والتي لا علاقة لها بالحرب حول الكويت .! فماذا يهمّ هذه الدول من أمر العراق او البيشمركه او الحشد الشعبي , وأنّ اخبار العراق في العالم تتصدّرها المفخخات والأغتيالات وكواتم الصوت والعبوات اللاصقة والناسفة , فلماذا عليها الأهتمام بأمر العراق اكثر من اهله وحكومته واحزابها .!! , وهل يا ترى نسينا أنّ بعضاً غير قليلٍ من هذه الدول الاوربية كانت تحتل العديد من اقطار الوطن العربي في النصف الأول من القرن الماضي ..
ومن زاويةٍ اخرى , فدول الأتحاد الأوربي او بعضها التي تتعامل مع داعش وتدعمه وتشتري منهم النفط بأسعارٍ مُخفّضة , فأنها تعمل لأجل مصلحتهااو مصالحها الأقتصادية والوطنية ولو من زاويةْ ضيّقة او عريضة او ما بينهما ..!!!