23 ديسمبر، 2024 11:08 ص

تواضع عبد المهدي من أجل العراق

تواضع عبد المهدي من أجل العراق

التواضع سمة جميلة، بحيث أنه يمنح صاحبه رفعة وسؤددا، وهذه السمة لا تجدها في كثيرين، بل هي متأصلة في رجالات الأمة، الذين يحملون همومها في ترحالهم أينما ذهبوا، فتراهم يفكرون في كيف يخرجون شعوبهم من الحالة التي هم فيها الى الحالة الأفضل والأرقى.
من هؤلاء يستوقفني السيد عادل عبد المهدي، الشخصية الاقتصادية الفذة، فالرجل حاصل على الماجستير في الاقتصاد السياسي من الجامعات الفرنسية، وله عدد كبير من المؤلفات في الجانب الاقتصادي، بالإضافة الى رؤيته في كيفية إدارة الاقتصاد عندما يكون ريعي ـ كما في حالة العراق.
التواضع الذي تكلمت عنه في البداية، أنه مع معرفة السيد عبد المهدي ببواطن الأمور في الاقتصاد العراقي، لكنه ما ينفك أن يطلب من الآخرين مشاركته آراءهم، بحسب مقتضى القاعدة التي تقول: (من شاور الناس، شاركهم في عقولهم)، فهو برغم معرفة عن كثب بما يعانيه الاقتصاد العراقي من إحتكار للدولة لجميع مقاليد السلطات التي تتحكم بإدارة الاقتصاد، لكنه يطلب من الآخرين وجهة نظرهم في محاولة منه للتعرف عل كيف يفكر الآخرون لمستقبل هذا البلد.
في ظل رعاية الدولة للمواطن، تراه ينتظر منها أن تقوم بتوفير كل ما يحتاجه، الأمر الذي يؤسس لحالة من التراخي في جسد المواطن ـ بغض النظر عن كونه رجل أو إمرأة ـ الأمر الذي ينتج عنه حالة من الفساد وهدر في الأموال، تصبح معه الدولة غير قادرة علة وقف نزيف الأموال والطاقات، حتى مع وجود كم كبير من هيئات الرقابة والنزاهة والمفتشين العموميين.
في الوقت الذي ينتظر المواطن أن يكون النفط بالنسبة له نعمة، بحيث تستطيع الدولة أن تحول الأموال المتحصلة من تصدير النفط ومشتقاته، الى إقامة مشاريع صناعية ترتبط إرتباط وثيقا بالنفط، وكذلك تنشيط القطاع الزراعي، وتوفير الخدمات، ترى العكس؛ فالرعاية الاجتماعية يتشارك فيها ميسوري الحال مع الفقير، والبطاقة التموينية يأخذها الغني، كما يأخذها المحتاج، بالنتيجة ترى أن الفقير يبقى فقيرا، بينما يزداد الغني غنى، مع زيادة مضطردة في أعداد العاطلين عن العمل، والسب إنتظارهم للحكومة أن تقوم بتوفيرها لهم.
لو أخذنا حالة يتحدث عنها وزير النفط الحالي السيد عادل عبد المهدي، ألا وهي المشتقات النفطية ـ البنزين والنفط الأبيض والغازـ هنا نلاحظ أن الحكومة تخسر مليارات الدولارات سنويا، لتبيع المشتقات التي تنتجها بأبخس الأسعار ـ حتى مع رداءة نوعية تلك المشتقات ـ والنتيجة تتحمل الخسائر، بالإضافة الى النتائج السلبية التي يتحملها المواطن والطبيعة ـ بسبب المنتجات الرديئة التي تنتجها وزارة النفط.
يبقى السؤال الأهم: ما هو الحل؟
من وجهة نظر الوزير عبد المهدي، فإن ذلك يكون بإحترام معايير وقانون السوق، ونبذ سياسة إنتاج البضائع الرديئة، ورفع الدعم عن ميسوري الحال، وهو الأمر الذي سينتج عنه خسارة المفسدين والسماسرة، فسياسة إعتماد معايير السوق التي ينشدها عبد المهدي تحقق الربح للمواطن الفقير، بالإضافة الى إنتاج سلعة جيدة يطلبها الغني، ويستفيد من إيرادها الفقير، وذلك عن طريق توفير أموال وموارد إضافية؛ يمكن من خلالها زيادة المبالغ المرصودة للرعاية الاجتماعية، بالإضافة الى دعم قطاعات عديدة، كالنقل والزراعة والصناعة، وهو الشيء الذي يحتاج الى ثورة إدارية طالما نادى بها عادل عبد المهدي.