18 ديسمبر، 2024 6:23 م

تهمة “التسكع” وانسدادات العملية السياسية

تهمة “التسكع” وانسدادات العملية السياسية

في جميع بلدان العالم سواء المتطورة منها والتي لازالت تعاني من الفقر والتخلف لم تسجل اية حالة قتل على ايدي اجهزة الدولة بتهمة “التسكع” او الخروج ليلا في منطقة أمنة، لكن مايحصل في العراق يعكس حالة غياب القانون والرقيب التي دفعت ضابطا في شرطة كربلاء الى قتل صبي في الـ14 من عمره بتهمة هي الاولى من نوعها (التسكع ليلا وعدم حمله هوية شخصية)، تلك المبررات التي قدمتها وزارة الداخلية للتغطية على جريمة احد منتسبيها لن تغفر ما حصل، بل على العكس ستولد مطالبات كبيرة بضرورة معاقبة المتسبب لضمان عدم تكرارها قبل ان تتحول لقضية رأي عام، لكنها في المقابل تدفع الكثير منا للتساؤل عن عقوبة السياسيين المتسكعين في المحافظات والندوات العشائرية قبيل الانتخابات البرلمانية للبحث عن فرصة اخرى تعيدهم المشهد السياسي بعد فشلهم لسنوات عديدة في حفظ دماء العراقيين وتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد.

تلك الجولات الانتخابية بدأها زعيم ائتلاف الوطنية أياد علاوي في زيارة اجراها قبل عدة ايام الى محافظة النجف، ليعود بعدها الى محافظة بابل التي تحدث منها بعد زيارة اثارها وأصر على عقد مؤتمر صحافي عند بوابة عشتار لأغراض قد تبدو معروفة للجميع، لكن مايهم من هذه الزيارة هو ماذكره نائب رئيس الجمهورية عن عودة النازحين الى ناحية جرف الصخر وربطها بموافقة ايران حيث أكد علاوي ان قيادات في الحشد الشعبي أبلغته بان عودة الاهالي الى الناحية مرتبط بموافقة ايران، لكنه لم يحدد من القيادي الذي ابلغه وترك الامر معلق بين هادي العامري وأبو مهدي المهندس، فعلاوي كعادته دائما لا يتذكر الأسماء او المواقف ويختمها بكلمة (ما ادري)، سيادة نائب رئيس الجمهورية الا يكفيكم مافعلتهم خلال السنوات الماضية وكيف ساهمتم بانتشار الفوضى وعدم الاستقرار، كفاكم استهانة بمشاعر المواطنين واللعب على أوتار الطائفية من جديد ابعدوا دعاياتكم الانتخابية عن دماء الناس ولا تشغلوا الفتن لتكسبوا الأصوات، الحديث عن تصريحات أياد علاوي وزياراته لن يبعدنا عن زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي الذي يبدوا انه شاهد زيارة خصمه السابق الذي اتفق معه قبل عدة ايام على حل جميع الانسدادات في العملية السياسية بعد ان كانا لا يطيق احدهما الاخر وساهما بحصول اكثر من انسداد في مجاري تلك العملية التي ساهمت بضياع حقوق العراقيين وأعادتهم عشرات السنين الى الوراء.

لكن المالكي لم يكن مثل علاوي في تصريحاته، كونه تحدث بشكل مباشر فكشف عن الغاية من زيارته وقالها علنا بانه يحذر من ممارسات وتحركات تسعى الى تعطيل الانتخابات وادخال البلاد في فراغ دستوري، وكأنه لم يساهم بحصول فراغ دستوري وتعطيل بعض المؤسسات حينما حصر إدارة وزارتي الدفاع والداخلية بيده لعدة سنوات وأصبح في حينها (القائد الضرورة)، ولَم ينس المالكي أيضا في تصريحاته كلمته التي يكررها دائما (أسقطنا الفتنة التي يحاول البعض اثارتها مجددا)، لكننا لا ندري عن أية فتنة يتحدث سيادة نائب رئيس الجمهورية هل هي فتنة (داعش) ام فتنة الأزمة المالية ام فتنة الفساد في المؤسسات الحكومية والتي ساهم سيادته بانتشارها، فجميع السياسات الخاطئة التي شهدتها البلاد يتحمل الجزء الأكبر منها علاوي والمالكي بسبب إصرارهما على التمسك بالمناصب أكثر من غيرهما.

استمرار الصمت عن السماح لجميع السياسيين بالتسكع والتنقل بين المحافظات وخاصة السياسيين الذين ساهموا بدمار البلاد لن يغير الحال وسيعاد انتخاب نفس الوجوه وسيضيع دم صبي الديوانية الذي قتل في كربلاء كما ضاعت حقوق العراقيين، ليبقى السؤال هل سيرفض المواطنون استقبال هؤلاء الساسة في محافظاتهم وعدم السماح لهم بتكرار تجربة السنوات السابقة؟
نقلا عن العالم الجديد