أثير مؤخرا وبشكل لافت للنظر موضوع تهريب الأسلحة من مناطق وسط وجنوب العراق بهدف إفراغه منها لاهداف مستقبلية تقف وراءها اطراف ودول كما اشيع ولو فرضنا جدلا ان لهذا وجه من الصحة على الواقع عندها ثمة سؤال يتبادر الى الذهن حول مدى جدوى وتاثير هذا العمل في التحكم بالمعطيات مستقبلا وهل سيكون له القول الفصل في حسم أي صراع قد ينشب لهذا السبب أو ذاك مع هذه الدولة أو تلك ؟ يخطئ البعض عندما يحصر الخطر بحيازة السلاح في وضع دولي متشنج ومتقلب يقع تحت أكثر من مؤثر لعل ابرزها كثرة الحروب التي خاضتها امريكا وحلفائها ضد القاعدة في افغانستان واحتلال العراق والتدخل العسكري في الصومال و ليبيا والدعم المادي لباقي صفحات الربيع العربي كذلك الآثار المدمرة للازمة المالية العالمية التي من غير المتوقع الخروج منها قبل عشرين عاما اذا سارت الأمور على ما يرام والعامل الاهم من كل هذا هو بروز قوى عالمية باتت تشكل قطبا له ثقل في ترجيح كفة على اخرى فالقوة الاقتصادية المتنامية للصين العضو الدائم في مجلس الامن إلى جانب روسيا التي تشعر انها احسن حالا عما كان عليه التحاد السوفييتي السابق وعليها ان تضطلع بدور اكبر يتناسب وامكاناتها العسكرية ومن ثم استعادة دورها الدولي بدا هذا الطموح واضحا ً من قبل هاتين الدولتين ولعل الجرأة في تعطيل مشاريع قرارات امريكا وحلفائها بخصوص الشأن السوري من خلال استخدام حق النقض (الفيتو) لهو خير دليل على تغير ميزان القوى في العالم وغير خاف على الجميع ان فيتو مثل هذا لم يكن ممكنا لو عدنا إلى تسعينات وثمانينات القرن الماضي والأمثلة كثيرة .اذن سلاح مثل الذي يجري سحبه ان صح ما يشاع سوف لا يكون له دور يذكر لا سيما وان المنطقة ستكون شئنا أم أبينا منطقة صراع لهذه الأقطاب من جديد والكل يعلم ان ملف ايران النووي الذي يلقى معارضة شديدة من قبل امريكا وحلفائها هو ليس كذلك بالنسبة إلى روسيا والصين وتنسحب هذه التقطاعات على مواقف وقضايا اخرى في المنطقة الملتهبة الحافلة بالمفاجآت وهذا سيؤدي إلى ترسيخ هذه التحالفات وامدادها بأكثر انواع الاسلحة تطورا ً على غرار ما حصل مع حزب الله في لبنان والذي اصبح اليوم قوة لا يستهان بها في المنطقة قوة قارعت إسرائيل وحققت انتصارات عليها ، قوة تفوقت على امكانيات الدولة التي ينضوي تحتها هذا الحزب , من الواضح ان هناك دعما خارجيا ماديا ولوجستيا وسياسيا يحظى به هذا الحزب لاسباب مختلفة وقد يحصل نفس الشيء بل اكثر مع وسط وجنوب العراق اذا ما بقيت دول الخليج متمسكة بسياستها الحالية وتمثيلها وتبنيها لسياسات امريكا التي تزعج وتقلق دول منها ايران ومحورها الذي يشكل طرف الصراع المدعوم من قبل روسيا والصين اضافة إلى امعانها المستمر في ايذاء العراق عندها سينساب السلاح بأنواعه الحديثة وبدون ثمن من هنا يتضح ان الحكمة لا تتمثل بسحب السلاح بل في تحكيم العقل والكف عن الإيذاء والمبادرة الحسنة من قبل دول الخليج على الاقل في التوقف عن المطالبة ببقاء العراق تحت طائلة البند السابع من ميثاق الامم المتحدة والتوقف عن الاساليب المفضوحة الهادفة الى خنق العراق من قبيل ميناء اللامبارك .
[email protected]