اليوم استثار مجلس النواب بعد سباته العميق, ليثأر للأبرياء والضحايا التي يفتك بها الإرهاب في عموم العراق, بانتقائية مكانيه وبلا تميز مذهبي وديني, فيقرر المجلس مشكورا على لسان مقرر مجلسه( داعيا القيادات الامنيه إلى حضور الجلسات القادمة وفي حالة عدم الحضور عليهم مغادرة مناصبهم كونهم لم يحصلوا على ثقة البرلمان, واتجاه البرلمان إلى اختيار البدلاء الأكفاء بدل القيادات الامنيه الحالية لإنقاذ البلاد ومواجهة الإرهاب وفرض الأمن والاستقرار))
بالله عليكم أليس في هذا التهديد أمر يثير الضحك والشفقة بآن واحد ,كون المجلس ولأكثر من دوره انتخابيه كان يستميت ويبذل قصارى الجهد في سبيل استدعاء ضابط أو أمر فوج أو قائد شرطة محافظه, ولم يفلح في ذلك, حيث كانت ترد طلباته بعدم القبول والممانعة بالحضور بحجة الحفاظ على المعلومات لقضايا أمنيه وهذا يأتي بفعل الرفض القاطع الذي يبديه السيد القائد العام للقوات المسلحة الذي يملي قراراته ووصاياه على المجلس الموقر من خلال كتلته ورئيس هيئة الأمن والدفاع البرلمانية التي ترجع في دفاعاتها إلى دولة القانون وزعيمها.
فكيف نتصور إن هؤلاء القادة سيحضرون إلى قبة البرلمان لتنفيذ هذا الطلب وورائهم من يستقوون به ويستظهرون إليه, والانكى من ذلك هذا القرار الخطير والكبير على ضخامة المجلس ,والذي يتضمن مغادرة القادة مواقع في حالة الامتناع عن عدم الحضور.
كنت أتمنى عليهم إن يبقوه على ألفقره الأولى ,وهي الاستدعاء, ولا يلحقوه بهذا التهديد الخطر الذي سيصغر من منزلتهم ومهابتهم في عيون شعبهم, أكثر مما هم عليه ألان, لان الرد سيكون اعنف واقوي مما يتوقعون والأيام القادمة تبرهن على صحة ادعائنا.
علما ان الدستور العراقي الجديد حدد بموجب مادته 58 خامسا ج (لمجلس النواب تعين رئيس اركان الجيش ونائبيه ومن هم بدرجة قائد فرقه فما فوق ورئيس جهاز المخابرات بناء على اقتراح من مجلس الوزراء) ونحن على أعتاب انتهاء الدورة البرلمانية الثانية وبعد مضي أكثر من تسع سنوات على المصادقة الشعبية والبرلمانية على الدستور دون إن يحدث ولو لمرة واحده تطبيق هذه ألفقره الواضحة والصريحة من قانون ألدوله الأساسي, حيث كل التعيينات والتنقلات والاحاله على التقاعد والطرد لقادة الفرق, تتم وفقا لمشيئة القائد العام رئيس مجلس الوزراء دون الاستشارة أو الرجوع في اتخاذ تلك القرارات إلى مجلس النواب فهم أخر من يعلم ,فضلا على إن قيادة العمليات التي شكلت هي خارج ضوابط الدستور وان اغلب القادة الآمنين وقادة الشرطة يتبعون إداريا وتنظيميا وتنفيذيا إلى إدارة محافظاتهم لكن تدخلات الحكومة المركزية المباشرة تعيق استدعاء ورقابة إعمال هؤلاء القادة من قبل مجلس النواب, وبهذا التصرف تجمد و تثني الحكومة المركزية الدور الرقابي الرئيسي المنوط بمجلس النواب ممارسته, فتثبط من قدرته وتشل حركته وتحيله إلى مؤسسة خاملة عاجزة عن إبداء أي فعل وقدر ينتفع منها الشعب الذي انتخبها كما هو الحاصل اليوم.
وكم هو مؤلم ومحبط للإنسان العراقي وهو يتلمس بشكل لايداخله الشك, مدى الضعف والهوان للبرلمان العراقي الذي صوت عليه الشعب واختار أعضائه ,بغض النظر عن الطريق والأسلوب الذي تم به الاختيار لكنهم وطيلة فترتهم البرلمانية اثبتوا بشكل قاطع أنهم ابعد من كل طموحات ناخبيهم وموضع ثقتهم واصطفائهم حيث انغمسوا بملذاتهم وامتيازاتهم ورواتبهم ومصالحهم الشخصية التي فضلوها وزكوها على مصالح شعبهم ووطنهم وتناسوا في غمرة النشوى التي هم عليها واجباتهم التشريعية والرقابية والخدمية والتي استلبتها منهم الحكومة المركزية لتنفرد بالشعب وبثروته وحريته وبكل مقدراته دون أي حسيب ورقيب.