الاشتراك فى المؤتمرات العلمية ضرورة, على الدول الاخذ بها, ولكن على ان ترسل اليها وفقا لمواضيع المؤتمرات التخصصات العلمية المتوفرة فى الجامعات ومعاهد البحوث ومؤسسات الدولة المتخصصه. ان مستوى الجامعات ونوعية البحث العلمى فى جامعاتنا العراقية اخذ يتوارى منذ حرب الخليج الاولى واخذ الانهيار يجرى بسرعة كبيره منذ الاحتلال فى عام 2003 . اننا لانتجاوز على احد فى هذا التاكيد وان الفوضى والارهاب وتسيس الجامعة العراقية وانهيار الاخلاقيات فى مؤسسات الدولة والمجتمع ويهدد الطبيب والمهندس والاستاذ الجامعى بالفصل العشائرى, اذا قدر ان يكون امينا للعلم ومخلصا لبلده حريصا على تقدمه فأنه ينسحب فى هجرة داخلية او ترك البلد حفاضا على حياته وحياة عائلته, ومع ذلك هناك فى الجامعة ومؤسسات الدولة المئات والالاف التى رفضت ان تكون ضمن قطيع الانتهازيين المنافقين والحرامية وجياع الامس, وعلى غفلة من الزمن اصبحواالقرار الحاسم يتربعون فى قمة الهرم السياسى والاقتصادى. فى هذه الاجواء لايمكن ان يتطور العلم وكذلك لايمكن ان تتطور القيم النبيلة والاخلاق الحميدة والاعراف والتقاليد الاصيلة, وبذلك فأن افكار وعادات ومواقف الافراد تتاثر بشكل مباشر بالخط العام, بمعنى ان العادات والسلوكيات المنحطة تصبح الصورة الطاغية فى الحياة العامة.ان التاثير والفعل المتبادل نجده اليوم فى جميع مؤسسات الدولة , المدير العام فى مؤسسته, الوزير فى وزارته هو النموذج المؤثر فى طاقم الوزارة : اذا كان نزيها فان بقية طاقم الوزارة سيكون نزيها, اوان نسبة كبيرة منهم, والعكس بالعكس, ويمكنه مرفوع الراس محاسبة المنحرفين. ان الخطر الكبير الذى يهدد الاداء الوظيفى, وبالتالى الدولة والمجتمع ان يتحول التسيب والسرقة والرشوة الى نهج , اسلوب ومنطق يجب ان يعمل به الجميع ومن لا يعترف به يجب ان يبحث له عن عمل اخر وفى مكان اخر, وعلى الاكثر ليس فى عراقنا الحزين. ومع مرور الزمن والاستمرار فى الخط العام المزرى يفقد العقل مكانته وقيمته ويحل محله الجهل وعدم الكفاءة وتعرض الامانة والاخلاص والتفانى فى المسؤلية والعمل اصحابها الى الاضطهاد والظلم والاستبعاد.
ان الطريقة التى شارك بها الوفد العراقى فى مؤتمر المناخ تمثل صورة صارخة للاوضاع القائمة فى العراق, مخالفة للعقل والمنطق: كان دور العراق فى المؤتمر بصفة مراقب وليس عضوا فعالا قام ببحوث ودراسات وله توجهات ومطاليب, يعنى بصفة مراقب, وحدد عدد اعضاء الوفد بخمسة اعضاء, الا ان الوفد قد بلغ 85 خمسة وثمانون شخصا وهذا يعنى ان الثمانيون لم يحق لم حتى الحضور ودخول قاعات العمل, بمعنى انهم لم يكونوا ضروريين ولم يقوموا بعمل يتعلق او يرتبط بالمؤتمرمن قريب اوبعيد. كانوا يتفقدوا باريس بعد العملية الارهابية المجرمه, سواح وجيوبهم المثقلة بالدولارات على حساب فقر وعوز الشعب العراقى, ان سفرة “العلاقات العامة” بصيغة مؤتمر باريس التى قام بها الوفد العراقى” تمثل اقصى حالات التهافت, مخالفة للعقل والمنطقوالمسؤلية. ان السؤال يفرض نفسه, لماذا وكيف اتخذ هذا القرار وهذا العدد الكبير, هل يتصور رئيس الجمهورية ووزير خارجيته حينما تنقل وسائل الاتصال العالمية ان الوفد العراقى يتالف من 85 شخصا, من اننا بهذا العدد سوف ننال احتراما ومكانة اكبر, او انهم, فى واقع الامر, سوف نكون موضع سخرية وتندر واشمئزاز, خاصة ان الدول ووسائل الميديا يعلمون جيداعن اوضاع الترهل والفساد المستشرى فى الدولة وكذلك حول كبار “المسؤلين” سلوكياتهم وثرواتهم الطائلة. ان دول كبيرة ومهمه ومستقرة وتعيش اوضاع اقتصادية اعتيادية حضرت المؤتمر بوفد من الخبراء لا يتجاوز عددهم اصابع اليد, حتى بعض الوفود قد اتخذت من سفاراتها مكانا للاقامة وذلك من اجل الضغط على التكاليف, انه شعور رائع بالمسؤلية تجاه اوطانهم واحترام انفسهم. اننا نسأل ثانية, لماذا هذا الهدر فى المال العام واللامسؤلية فى عمل “المسؤلين العراقيين , هذه ليست المرة الاولى وسوف لن تكون الاخيرة. اننا نقرأ ونسمع من ان الاوضاع المالية فى العراق حساسة جدا, خاصة وان اسعار النفط فى الاسواق العالمية فى هبوط مستمر, وان الدولة مفلسة وتكاد ان تكون “على الحديدة” اذن ماهى ضرورة التسيارة الى باريس بطائرة خاصة وفنادق ومطاعم خمسة نجوم. لقد اثير كلام كثير حول التكاليف, خاصة المحاولات فى تقليص المبلغ من قبل الحكومة. ان تكاليف التسيارة فى باريس قد تجاوزت المليون دولار. هل خلت, لايوجد بين “النخبة الجديدة” من له لها شخصية قوية وشأن ان يقدم عقلا يحث الاخرين على استيعاب ظروف العراق الصعبة وسلوكا يحتذى به؟, ما هى صلاحيات رئيس الوزراء, رئيس الجمهوريه, وزير الخارجية فى البت فى قضايا الايفادات والدعوة الى احترام المال العام وتقليص التكاليف. ان مثل هذة السلوكيات التى تصدر منذ سنين والتى قد استجدت ثانية فى تاليف وفد مؤتمر باريس, لها انعكاسات سلبية وخطيرة جدا على مشاعر ومواقف وسلوكيات المواطنين : ان الفجوة بين المواطن و”المسؤلين الجدد” تزداد اتساعا وسوف يصعب على الحكومة, حتى لو استخدمت الورقة الطائفية والمقدس الدينى, ان تستطيع تحشيد الجماهير فى عمل ومحاولة لتحرير الاراضى
المحتلة. انى لست ضد الحشد الشعبى ولكنه يحمل اشكاليات كثيرة ويمكن ان يكتسب ديناميكية خاصة ليس للحكومة السيطرة عليه.
ان احتلال حوالى ثلث مساحة العراق , خاصة مدينة الموصل منذ حوالى 18 شهرامن قبل الدواعش لم يحاسب ولم يحاكم من الشخصيات التى كانت فى قمة القرار فى الدولة, حتى لا توجد دراسات تشخص “المتامرين” وكيف حصلت, حتى ان قتل حوالى 1700 جندى عراقى فى قاعدة سبايكر لا توجد عنها دراسات علمية معتمدة من قبل الدولة او البرلمان. اشياء فضيعة كارثية قد حدثت مرات عديدة ولم يحصل اى تغيير من قبل الحكومة والكتل السياسية. كما ان السيد رئيس الوزراء جاء ليصلح ما خربه الدهر, ومع انتظارات ايام الجمعة المطالبة بالاصلاح منذ اكثر من سنة لم يلمس العراقيون لحد الان اصلاحا وتغييرا. ان القوات التركية دخلت الاراضى العراقية, فوج واواكثر,هذا لايهم حاليا. الحكومة تعترض ورفعت مذكرة شديدة سلمتها لسفير تركية فى بغداد تحتج على اختراق السيادة العراقية!! (قرة الاعين), وتركيا , بشخص رئيس وزرائها يؤكد انهم دخلوا الاراضى العراقية بتفاهم وعلم الحكومة المركزية, ترى الى اين والى متى تستمر هذه الفوضى وهذا التهافت؟ صعب ان نصدق تركيا والاصعب ان نصدق جماعتنا!!
ان اى عملية تغيير تحدث اولا فى العقول وتدخل الوعى لتتحول الى النفوس . هذه العملية تنعكس فى مواقف وسلوكيات المسؤلين اولا ثم تنتقل الى الجماهير. الا اننا لا نرصد فكرا جديدا ووعيا مسؤلا لدى النخبة الجديدة. حزب الدعوة وصراعاته الداخلية, الكتل السياسية المتناقضة واللاهثة نحو المال العام والسلطة بشتى الطرق والفساد المستشرى فى كل مكان.
المؤلم والمخيب للامال فى واقع الامر, لا ” جديد لدى النخبة العراقية”. الامال, كما يقال , انها لا تموت, يجب علينا ان نفهم بعدم وجود امل مع النخبة الجديدة. اليوم افضل من الغد , والغد افضل من ما بعده.