لكل أمةٍ مَن يتحدّاها ويواجهها , وتلك سُنّة التفاعلات الأرضية التي يتغافلها العرب , مما جعل أعداء العرب يقاتلون العرب بالعرب , فلا عدو للعرب إلا العرب أنفسهم , وهذا يعني بوضوح أن العرب ينتحرون , فقتل النفس إنتحار , والعرب يُقتلون ويقاتلون بعضهم البعض , لتحقيق مصالح الطامعين بهم !!
لماذا العربي يمتلك الإستعدادات اللازمة لتحويله إلى أداة عدوانية ضد أخيه العربي من قبل القوى الطامعة بتدمير الوجود العربي؟!
هذا سؤال بحاجة لإعمال العقول للإجابة عليه , وتوعية الأجيال بمكامن الضعف التي فيها , وبطاقات الدمار الذاتي الكامنة في أعماقها , وما ينطمر في دياجيرها من قدرات سلبية ذات طبائع إنتحارية مروّعة.
نعم العربي من أسهل البشر للتحوّل إلى عدو لعروبته ووطنه وأبناء ملته , وبقوة فائقة وبتفاعلات جماعية مرعبة , حتى لتحسبه من فصيلة المآليس الذين ذهبت عقولهم , وتسيّدت على وعيهم ومداركم النفوس الأمّارة بالسوء والبغضاء وسفك الدماء.
العرب يتقاتلون ويقتلون أنفسهم أجمعين , ويسخّرون آلة الدين لإبادتهم ومحق وجودهم , وتحويلهم إلى رهان وممتلكات للآخرين.
فهل وجدتم أمة في هذه الدنيا يستخدمها أعداؤها للقضاء عليها , هل قرأتم في التأريخ أن عدو أمة قد تمكن من مقاتلة أمة بأبنائها وبدينها ومعتقداتها وهويتها وتأريخها؟!!
لا يوجد في التأريخ القديم والمعاصر إلا في أمة العرب المعاصرة , التي تحوّلت إلى أضجوكة ومهزلة على مسارح الفكاهة الحضارية , عرب يتقاتلون وأعداؤهم يتضاحكون حتى ليسكرون من شدة ما يبعث فيهم الضحك الفائق من هذا الجنون.
لم نسمع بخونة من اليابان أو الصين أو الإيرانيين أو الأتراك أو الهنود أو الروس الذين أسسوا لفئات ومجموعات وحاربوا مجتمعاتهم ودمّروا أوطانهم , لا يوجد مثل هذا السلوك الإنقراضي الخطير إلا في بلاد العرب , التي فيها من الأبناء العاملين على تدميرها في جميع المحافل الدولية والعالمية , والذين يمهّدون السبل للنيل من وجودها والقضاء على قوتها وتشريد شعبها وتخريب مدنها.
وكأن أمة العرب تلد أعداءها وتحتضنهم , وتحقق تطلعاتهم بإندفاع أقوى من إندفاع أعداء الأمة , وهذا هو السبب الجوهري في تعويق الأمة وتدميرها على مدى العقود , وهو العامل الأساسي فيما يصيبها من الويلات والنكبات في الزمن الجاضر وما سيصيبها لاحقا.
فهل رأيتم أمة تسخّر عناصر قوتها لتدميرها وهزيمتها , وتحويلها إلى حالة مسحوقة مرتهنة ومستلبة الإرادة والمصير؟
لا توجد أمة جعلت من عقيدتها التي أخرجتها من الظلمات إلى النور , وسيلة لإطفاء الأنوار وإشاعة الظلمات في النفوس والعقول والصدور , وفي جميع الطرقات والمدن والحارات!!
إنها أمة العرب المطروحة على منضدة التهبير الجراحي الفتاك , وهي مخدّرة والمباضع تقطّعها وتمزق بدنها , وأبناؤها هم الفاعلون بها ما لايفعله عدو بعدوه!!
وإن العرب لأعداء وجودهم أجمعين!!
وتلك حكاية كبرى تتكاثر فيها الشجون , فهل سيخرج العرب من أنفاق الظنون؟!!
ومَن يقاتل أمّة العرب , أ فلا تعلمون؟!!