الله تبارك وتعالى يحب المؤمنين، ويحب لهم الدرجات العلى في الجنة، ومن رحمة الله بعباده أن شرع لكل فرض تطوعاً من جنسه, ليزداد المؤمن إيماناً بفعل هذا التطوع، ويكسب به زيادة الأجر، وتعلو به درجته عند ربه، ويكمل به ما نقص من الفرائض.
فشرع سبحانه الصلاة وجعل منها الواجب والتطوع، وشرع الزكاة وجعل منها الواجب والتطوع، وشرع الصيام وجعل منه الواجب والتطوع، وشرع الحج وجعل منه الواجب والتطوع، وهكذا في جميع الأعمال الصالحة.
وكلما أكثر العبد من التطوع والنوافل أحبه الله، وازداد منه قرباً، وأجاب دعاءه. وهكذا فقد يزداد العبد قربة من ربهِ كلما أزداد من النوايا الصالحة ’ وكلما بادر المؤمن الى تنمية الغرائز الإيجابية في داخلهِ من الرحمة والمغفرة والشفقة ومساعدة الأخرين وحب الخير للناس فكل هذا وأكثر يُرقي درجات المؤمن ويؤدي بهِ الى تكامل المجتمع ولما يعود عليهِ بالخير والمنفعة فعن الإمام جعفر الصادق عليه السلام:
(إذا هممت بخير فلا تؤخره، فإن الله تبارك وتعالى ربما اطلع على عبده وهو على شيء من طاعته فيقول: وعزتي وجلالي لا أعذبك بعدها).
كما وأشار أحد علمائنا الصالحين وهو المرجع الديني السيد الصرخي الحسني الى ترجمة النوايا الصالحة الى سلوك وفعل حتى تنمو تلك الغرائز فتؤدي الى إصلاح المجتمع , جاءَ ذلكَ في الرسالة العملية – المنهاج الواضح – كتاب الصوم قائلاً
“الواضح أنّ أي غريزة تنمو وتتعمّق إذا كان السلوك موافقًا لها؛ فبذور الرحمة والشفقة مثلًا تنمو في نفس الإنسان من خلال التعاطف العملي المستمر مع الفقراء والبائسين والمظلومين، أمّا لو كان السلوك مخالفًا ومضادًّا للغريزة فإنه يؤدي إلى ضمورها وخنقها، فبذور الرحمة والشفقة مثلًا تضمر وتموت في الإنسان من خلال التعامل والسلوك السلبي من الظلم وحبّ الذات.”
وختاماً نقول جِماعُ الخير كله الأعمال الصالحة، وجِماعُ الشر كله الأعمال السيئة، وهل شقِيَ بطاعة الله أحد، وهل سعِدَ بمعصية الله أحد؟! وقد جعل الله الجنَّةَ ثوابًا لفعل الخيرات وترك المنكرات، وجعل النار عقابًا لفعل المنكرات وترك الخيرات، كما قال -عز وجل-: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى)، (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).