اكثر ما يلفت النظر في احوال العرب والمسلمين هو عدم التفاتهم الى عيوبهم بينما يلتفتون الى اقل عيب عند باقي الاقوام ,ولم يتكلفوا مرة بالنظر الى انفسهم ومراجعتها وتطهيرها من عيوبها على الرغم من حث الدين الاسلامي على ذلك فقد قال احد ائمة المسلمين((طوبى لمن شغله عيبه عن النظر الى عيوب الناس))وقال شاعرهم قديماً :لسانك لا تذكر به عورة امرئ فكلك عورات وللناس السن.
وما اعنيه من قولي انفاً انهم لا يهتمون بما عندهم من نقص واغلاط وعندما يتعرض دينهم ومقدساتهم للسخرية والتجاوز فأنهم يملئون الدنيا عويلاً وتباكياً على مظلوميتهم وفي اكثر الاحيان يميلون الى ردات فعل عنيفة تتمثل باهدار دم وقتل من تناله ايديهم من الاخرين (الاعداء المفترضين) ,وهذا ما رأيناه جلياً في الاحداث الاخير بعد عرض دعاية فلم (البراءة من المسلمين) على موقع اليوتيوب والذي يصور النبي الاكرم(ص) بتصوير لا يليق به كرسول ورمز مقدس عند اكثر من مليار ونصف المليار مسلم وهو امر مستهجن ومقزز لكل نفس حرة تحترم المقدسات والاديان لكل المجتمعات والامم والكل متفق على ذلك,.
ولكن اليس حري بنا ان نعرف ونبحث عن الاسباب التي جعلت الغير يفعل مثل هكذا افعال ,, في اعتقادي ان الارهاب والوجه الاسود له سبب قوي ورئيسي لهذه الافعال ,وهناك سبب اخر وهو امر مؤسف جداً اذ ان كل كتبنا كتب السيرة والتاريخ والحديث متخمة باحاديث ورويات تسيئ لنبينا وحتى ربنا رب العزة والكمال اكثر مما هو موجود في الفلم المذكور.
في الواقع دفعني الفضول ان اشاهد هذا الفلم وهو عبارة عن عدد من المشاهد تصور لنا وقائع تاريخية معينة حدثت في حياة نبينا (ص),والحقيقة المرة ان صح التعبير ان تلك الوقائع مذكورة في كتبنا ومصادرنا وتراثنا وهو ما ذكره منتج الفلم في لقاء حصري مع راديو سوا حيث قال انه اعتمد في الفلم على مصادر المسلمين انفسهم .وكل من يشاهد الفلم يعرف ذلك فمثلا هناك مشهد يصور ان النبي كان يخاف من الوحي ويلوذ بالسيدة خديجة وبصورة مقززة مثل ما تذكره الرواية التالية:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ مَوْلَى آلِ الزّبَيْرِ : أَنّهُ حَدّثَ عَنْ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا أَنّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَيْ ابْنَ عَمّ أَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُخْبِرَنِي بِصَاحِبِك هَذَا الّذِي يَأْتِيك إذَا جَاءَك ؟ قَالَ ” نَعَمْ ” . قَالَتْ فَإِذَا جَاءَك فَأَخْبِرْنِي بِهِ . فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السّلَامُ ، كَمَا كَانَ يَصْنَعُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِخَدِيجَةَ ” يَا خَدِيجَةُ هَذَا جِبْرِيلُ قَدْ جَاءَنِي ” ، قَالَتْ قُمْ يَا ابْنَ عَمّ فَاجْلِسْ عَلَى فَخِذِي الْيُسْرَى ، قَالَ فَقَامَ رَسُولُ اللّهِ – صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ – فَجَلَسَ عَلَيْهَا ، قَالَتْ هَلْ تَرَاهُ ؟ قَالَ ” نَعَمْ ” ، قَالَتْ فَتَحَوّلْ فَاجْلِسْ عَلَى فَخِذِي الْيُمْنَى ، قَالَتْ فَتَحَوّلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَجَلَسَ عَلَى فَخِذِهَا الْيُمْنَى ، فَقَالَتْ هَلْ تَرَاهُ ؟ قَالَ ” نَعَمْ ” ، قَالَتْ فَتَحَوّلْ فَاجْلِسْ فِي حِجْرِي ، قَالَتْ فَتَحَوّلَ رَسُولُ اللّهِ – صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ – فَجَلَسَ فِي حِجْرِهَا ، قَالَتْ هَلْ تَرَاهُ ؟ قَالَ ” نَعَمْ ” ، قَالَ فَتَحَسّرَتْ وَأَلْقَتْ خِمَارَهَا – وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ جَالِسٌ فِي حِجْرِهَا – ثُمّ قَالَتْ لَهُ هَلْ تَرَاهُ ؟ قَالَ ” لَا ” ، قَالَتْ يَا ابْنَ عَمّ اُثْبُتْ وَأَبْشِرْ فَوَاَللّهِ إنّهُ لَمَلَكٌ وَمَا هَذَا بِشَيْطَانِ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَدْ حَدّثْت عَبْدَ اللّهِ بْنَ حَسَنٍ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ قَدْ سَمِعْت أُمّيّ فَاطِمَةَ بِنْتَ حُسَيْنِ تُحَدّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ خَدِيجَةَ إلّا أَنّي سَمِعْتهَا تَقُولُ أَدَخَلْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ دِرْعِهَا ، فَذَهَبَ عِنْدَ ذَلِكَ جِبْرِيلُ فَقَالَتْ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنّ هَذَا لَمَلَكٌ وَمَا هُوَ بِشَيْطَان ” – ص 409 -“” – ص 410 -“” – ص 411 -“
ولا اعرف كيف ان النبي لا يدري بانه نبي وهذا وحي وخديجة هي التي تؤكد له ذلك بعد ان كشفت عن نفسها وخرج او عندما صار النبي في موضع لا اريد ان ابينه كيف ليخرج جبرائيل على اثر ذلك .
وفي مشهد اخر يصور محاولة النبي الانتحار بعد انقطاع الوحي عنه وشكه بنبوته,, وهذا ما يفتتح به البخاري صحيحه :
قال بخاري في صحيحه:8/67: (باب التعبير وأول ما بدئ به رسول الله(ص)من الوحي.. عن عائشة أنها قالت: أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم الى ان تذكر الرواية في اخرها … فقال ورقة: نعم ، لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً ، ثم لم ينشب ورقه أن توفي وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي(ص) فيما بلغنا حزناً غدا منه مراراً كي يتردى من رؤس شواهق الجبال ، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدى له جبريل فقال: يامحمد إنك رسول الله حقاً ، فيسكن لذلك جأشه وتقرُّ نفسه فيرجع فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك فإذا أوفى بذروة جبل تبدَّى له جبريل فقال له مثل ذلك.
والادهى من ذلك ان كتب التراث تصور لنا حتى الرب بانه شاب امرد ينزل الى السماء الدنيا الخ.,
اقول بعد كل ذلك اليس الاولى من المسلمين قبل ان يتظاهروا وينهبون ممتلكات غيرهم في السفارات الامريكية ان يثوروا ضد هذا التراث ويعيدون النظر به وينظفوا كتبهم من كل ما علق بها من شوائب وادران بعوامل التاريخ والتوظيف البرغماتي النفعي للنصوص المقدسة.اليس حري بنا ونحن في هذا العصر المتقدم علمياً ان ننقي عقائدنا من الخرافات والاساطير وكل ما هو غير عقلي ولا ينسجم مع الفطرة السليمة التي فطرنا الله عليها.كلمات لعل هناك من يسمعها ويعيها… ربما .