19 ديسمبر، 2024 5:04 ص

تنظيـم داعش الإرهابي البِداية والنِهايــــة

تنظيـم داعش الإرهابي البِداية والنِهايــــة

من هو داعش او ما يعرف بـ (تنظيم الدولة الإسلامية) ، ومن هم عناصر هذا التنظيم، وماهي الأيديولوجيات التي يحملها والاهداف التي يسعى لها، وما هي مصادر تمويله, وهل من الممكن التسامح مع عناصره الارهابية وإعادة تدويرهم في المجتمع ام نفيهم نهائيـــاً…؟!!
داعش او ما يعرف بتنظيم الدولة الاسلامية هي منظمة ارهابية خطيرة ترجع جذورها الى تنظيم القاعدة، استغلت حالة الضعف والانقسام في العراق بعد سنة 2003 لتبني قوتها وتنتشر على شكل خلايا نائمة في القرى والمناطق النائية في شمال وغرب العراق ومناطق اخرى متفرقة في مدينة بغداد، يرجع ظهور هذا التنظيم الى سنة 2003 وإن كان يتخذ تسميات مختلفة إلا ان بداياته الفعلية ترجع الى تلك الفترة
ولِدَ هذا التنظيم الارهابي المتطرف من رحم تنظيم القاعدة بزعامة “أسامة بن لادن”، ظهر تنظيم داعش في بادئ الامر تحت اسم “جماعة التوحيد” بقيادة “أبي مصعب الزرقاوي”، في اكتوبر 2004 اعلن الزرقاوي البيعة لزعيم تنظيم القاعدة “أسامة بن لادن” إذ قام الزرقاوي بعد ذلك بتغيير اسم جماعة التوحيد والجهاد الى اسم “تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين”، في بداية سنة 2006 خرج أبي مصعب الزرقاوي بشريط مصور معلناً عن تشكيل جديد عرف بـ “مجلس شورى المجاهدين” بزعامة “ابو حمزة المهاجر” قبل ان يقتل الزرقاوي بالشهر نفسه، في نهاية سنة 2006 اندمج هذا التنظيم مع عدة تنظيمات اخرى ليتم الإعلان عن أسم تنظيم جديد عُرف بـ ” دولة العراق الاسلامية” بزعامة “ابو عمر البغدادي”، وفي ابريل 2010 قامت قوة امريكية-عراقية مشتركة بشن عملية عسكرية في منطقة الثرثار اسهدفت المنزل الذي كان يتواجد في ابو عمر البغدادي و ابو حمزة المهاجر وتمكنت من قتلهما، اعترف التنظيم بعد عشرة ايام من تلك العملية بمقتل قادتهِ معلناً عن اختيار زعيم جديد للتنظيم ” ابو بكر البغدادي” شن هذا التنظيم الارهابي منذ تأسيسه عمليات ارهابية واسعة في مناطق مختلفة في العراق بالاحزمة الناسفة والسيارات المفخخة والعبوات وعمليات الاغتيال والخطف والذبح استهدفت الشيعة والعاملين في الاجهزة الأمنية العراقية بالاضافة الى القوات الامريكية التي عانت من هجمات هذا التظيم، تطور هذا التنظيم بعد الاحداث التي حصلت في سوريا واشتراكه فعليا في تلك الاحداث ليعلن في سنة 2013 عن اسم جديد عُرِف بـ “الدولة الاسلامية في العراق والشام” منشقا بذلك عن تنظيم القاعدة، وفي يونيو 2014 اعلن التنظيم مرة اخرى عن اسم جديد عُرف بـ “الدولة الاسلامية” معلنا عن نيتهِ في اقامة خلافة عالمية بقيادة البغدادي.
يحمل تنظيم داعش الارهابي ايديولوجية “السلفية الجهادية” تستمد هذه الايديولوجية افكارها ومصادرها من عالم دين اسمهُ “أحمد بن تيمية” (1263-1328)م ، حيث تعتبر هذه الشخصية المثيرة للجدل الاب الروحي لجميع التنظيمات المتطرفة ومؤلفاته في العقيدة والتفسير تعتبر مصادر رئيسية لتلك التنظيمات وهو من ابرز المنظرين للافكار الجهادية، وكذلك ايضا عالم دين اخر اسمهُ “محمد بن عبدالوهاب” (1703-1791) م، ويعتبر الشخصية الثانية بعد بن تيمية في التنظير للافكار الجهادية المتطرفة كان مقر اقامته في السعودية في منطقة الدرعية وعلى اثر دعوته قامت المملكة العربية السعودية بقيادة محمد بن سعود لتعرف اليوم بالمملكة العربية السعودية، وهي شخصية مثيرة للجدل اذ قام بإحياء تراث احمد بن تيمية وتسويقها من جديد على شكل افكار اكثر تطرفا وهو يعتبر مرجع كبير لتنظيم القاعدة وداعش والتنطيمات المتطرفة الاخرى، بالاضافة الى رجال دين نظّروا للسلفية الجهادية والايديولوجيات الخاصة بالتطرف في التاريخ الحديث والمعاصر كإمثال “حسن البنا” و “سيد قطب” كما يوجد هناك منظرين جدد للسلفية الجهادية امثال “ابو محمد المقدسي” ,”وعبد القادر عبدالعزيز”, “ابو قتادة الفلسطيني” و “أيمن الظواهري” وغيرهم الكثيرين.
تحمل السلفية الجهادية ايديولوجيات راديكالية متطرفة جدا بُنيت على على الجهاد والقتل وسفك الدماء لتحقيق الغايات، حيث تسمم افكارها الاشخاص الذين ينتمون اليها وتحولهم الى اشخاص خطيرين جدا يقتلون من يخالفهم الرأي ويذبحون معانديهم وينكلون بهم بلا رحمة وفي حال لم تتح لهم الظروف ممارسة افعالهم بحرية يستخدمون اسلوب التقية ويظهرون عكس مايبطنون وفي الحقيقة هم كالقنابل الموقوته التي قد تفجر في اي لحضة فيما لو أُتحيت لهم الفرصة او غابت انظار المراقبة عنهم.
تهدف التنظيمات الارهابية المنتمية الى هذه العقيدة الى اقامة خلافة اسلامية وتطبيق الشريعة الخاصة بها، حيث قادت هذه التنظيمات منذ تأسيسها عمليات ارهابية واسعة في مناطق متفرقة من العالم من خلال تفخيخ المركبات والاحزمة الناسفة والانغماسيين ضد المدنيين والقوات الامنية الرسمية واستهداف المقرات السياسية والاجتماعية والتجمعات المدنية في مختلف الاماكن, وشاهدَ العالم اجمع الافعال الاجرامية التي قام بها تنظيم داعش الارهابي في العراق وسوريا من قطع الرؤوس والتنكيل بالضحايا الذين وقعوا تحت اياديهم بإبشع الوسائل الى درجة تصيب من يشاهد افعالهم الارهابية بالصدمة والرعب.
تنظيم داعش هو مبتغى الاشخاص الذين يفشلون في حياتهم وينحرفون عن سلوكياتهم السليمة، إذ ان لمعظم عناصر هذا التنظيم سوابق وخلفيات اجرامية خطيرة من السطو والسرقة والقتل والادمان على المخدرات، يحاول عناصر هذا التنظيم من خلال الأعمال التي يقومون بها تفريغ مابداخل سايكولوجياتهم الإجرامية المريضة عن طريق الذبح والتفخيخ وابشع جرائم القتل الى حد التنكيل والتمثيل بجثث معارضيهم ومخالفيهم بالرأي.
استمد تنظيم داعش الارهابي قوتهِ من خلال الدعم المادي والمعنوي الذي قُدم له من دول عربية معروفة, إذ كان مواطني تلك الدول يشكلون العمود الفقري لهذا التنظيم، وكذلك مده بعناصر من جميع الجنسيات من مختلف العالم الذين اتخذوا من الحدود التركية المحاذية للحدود السورية والعراقية طريقا ينسابون من خلاله بسهولة دون ان يكون هنالك اي رادع يمنعهم من دخول العراق وسوريا نظرا للضعف الامني والسياسي واضطراب الاوضاع الداخلية في هاتين الدولتين ونجحت تلك العناصر القادمة من الخارج للالتحاق بصفوف التنظيم الارهابي.
تمكن تنظيم داعش سنة 2014 من ان يبسط نفوذه على مناطق واسعة في العراق وسوريا ويسيطر على مدن كبيرة محتجزا المدنيين داخلها ولم يسمح لهم بالخروج, حيث اتخذهم كدروع بشرية لصد وعرقلة اي عملية تحرير قادمة، لكن التنظيم الارهابي لم يستمر بالصمود امام تقدم القوات العراقية المدعومة من التحالف الدولي ضد الارهاب بقيادة الولايات المتحدة الامريكية, حيث تقلصت المساحات التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق حتى تم حصره على الحدود العراقية على شكل جيوب صغيرة، إذ استسلم الكثير من عناصر هذا التنظيم وهم الان في مخيمات تابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) وجزء منهم على الحدود العراقية السورية، ومعظم العناصر التي استسلمت هم من جنسيات مختلفة كثير منهم يحملون جنسيات اوربية رفضت دولهم استلامهم وبررت ذلك على انها قد حذرت رعاياها سابقا من السفر هناك او الانخراط في النزاع المسلح الحاصل في الشرق الاوسط، لكن في الحقيقة ان هذه الدول تخشى هذه العناصر الارهابية التي شاركت وارتكبت جرائم خطيرة كون احتجازهم والتحقيق معهم يتطلب جهود مضنية، إضافة الى ان هذه العناصر الارهابية اشبه بالقنابل الموقوتة التي قد تنفجر في اي لحظة، النظام السوري كان ماكرا عندما رفض استلام هذه العناصر وابعادها خارج الحدود وبذلك ارد ان يحرج الدول التي عارضته ولم تعترف بشرعيته ولعب لعبة بضاعتكم رُدت اليكم.
في خضم كل هذا اللغط يبقى العراق الحلقة الأضعف في هذه المعادلة، لكون الوضع السياسي الداخلي المتهرئ قد اضعفه لدرجة قبول مايفرض عليه من الخارج، إضافة الى ان الاحزاب السياسية الشيعية لن تتوانى في ادخال هذه العناصر الارهابية المستسلمة الى داخل العراق فيما لو عُقدت صفقات يحصلون من خلالها على مكاسب شخصية تخدم مصالحهم الحزبية، وهذا غير مستبعد لإن هذه الاحزاب قد سبق وعقدت صفقات وتسويات مشبوهة مع الشخصيات التي مولت ودعمت وسهلت مهمة داعش اثناء الاحتجاجات التي عرفت “بساحات العز والكرامة” التي بدات أواخر سنة 2012 وامتدت الى شهر ابريل 2013 والتي كانت السبب الرئيسي لانطلاق التنظيم الارهابي وشن هجماتهِ الواسعة، وهذه الشخصيات الان تجلس في المنطقة الخضراء جنب الى جنب مع قادة الاحزاب السياسية الشيعة مثل المالكي وهادي العامري وقيس الخزعلي وغيرهم معززين مكرمين بل واصبحوا قادة في الدولة يسيطرون على مراكز حساسة يأمرون وينهون، وتجاهلت الاحزاب الشيعية بذلك كل دماء الشهداء التي سالت من اجل العراق، وضربت عرض الحائط كل التضحيات تحت منظور مصلحتي الحزبية اولا وليذهب العراق والشعب الى الجحيم.
في نهاية المطاف يجب على العراقيين جميعا ان يرفضوا بشكل قاطع وان لايقبلوا تحت اي ظرف من الظروف من استلام او ادخال هذه العناصر الارهابية الى العراق لان المجازر التي ارتكبها هذا التنظيم الارهابي القذر من ذبح وتفجير وتفخيخ واغتيال بالكواتم وقتل الالاف من العراقيين ودمر مدنهم بسبب حقد وغدر واجرام هذه الجماعات الارهابية، فهم كالقنابل الموقوتة التي ستنفجر بإي زمان واي مكان تطأه اقدامهم, في حال لو أُدخِلوا الى العراق, لاننا رأينا سابقا عندما تم القبض عليهم وأُطلِق سراحهم في مابعد تحتى مسمى المصالحة الوطنية.

أحدث المقالات

أحدث المقالات