التأريخ القريب أثبت أن البعض لا يحسب حساباته جيداً، رغم خطورة الأحداث وحساسيتها، الى الحد الذي جعلها في عراقنا تكون معركة نكون أو لا نكون، فمنذ عام (2014) ومَنْ تسنم الحكومة لم يكن مستشرفاً للواقع السياسي بشكل صحيح، حين وثّق أبناء المرجعية الرشيدة وبفتواها المباركة، أخطر مراحل العراق الجديد بعد عام 2003 ، فلم تتخذ زمام المبادرة، وتقدم الخطط اللازمة لخدمة الجماهير المتعطشة للحياة الحرة الكريمة، ولم تنتبه الى أن الحكومة ضعفت وضعف معها المجتمع، فظهر الإنحراف والفساد في جميع المجالات، حتى أن المرجعية أنذرت بإنهيار المنظومة الإجتماعية لبلدنا.
ما وجدناه في الحكومة السابقة والتي هي اليوم حكومة تصريف أعمال كما يسميها البعض، هو أنها رغم كبر سن قادتها وخبرتهم، لكن لا يبدو أنهم يمتلكون خبرات تراكمية، بل إن الشعب عاش تحت حكمهم بخبرة عشوائية، ومن تخبط الى مرحلة أكثر تخبطاً، فالمحسوبيات والمنسوبيات ملأت مفاصل الدولة، ولم يجرؤ أحد من شيوخ السلطة على تقديم إستقالته من منصبه، بل على العكس نراهم يتقاتلون، وقد نخر الفساد والإرهاب البلاد والعباد.
كثيراً ما كانت الحكومة تخلق الأعذار والمبررات لفشلها، وبمجرد إنتهاء الفورة يظهر الكلام الصحيح، ذاك الطرف يكيل التهم للطرف الآخر، وهي سمة ظهرت بلا هوادة حتى بين أعضاء الحزب الواحد الذي تسنم حكم العراق، فهل كان أحدهم على درجة من الشجاعة، ليعلن تنحيه عن السلطة، وترك مكانه لبديل ناجح؟!
المواطن يريد الأمن، والإستقرار، والخدمات، لكن الحكومة قدمت هذه الركائز الحياتية المهمة بطريقة ترقيعية، ولو كان وعاء الحكومة نزيهاً نظيفاً جداً، لكان مضمون عملها وخدمتها للشعب طاهراً وظاهراً للعيان، ومَنْ يحاول التشدق والقفز على المعطيات البائسة على أرض الواقع المزري، فهو يتجاهل الخارطة الخدمية للوطن، ويعيش في أحلام المنطقة الخضراء وخدماتها المترفة.
قمة الشجاعة أن يسير الإنسان في طريق، لا يراه يتوافق مع إرادته الشخصية من حيث حب النفوذ والجاه والسلطة، لكنه يتوافق مع مصلحة شعبه ووطنه، التي تقضي بأن يسير مع الشعب ومن أجل الشعب، ومثل هؤلاء تفخر الإنسانية بوجود بصماتهم في ذاكرة التأريخ.
التنحي، والمحاسبة، والبديل، مثلث لم تتم دراسته في أروقة الحزب الحاكم، (حزب الدعوة الذي تولى أعضاؤه رئاسة الوزراء تباعاً)، والسبب هو فقدان الرؤية، والخطة، والرجال، وكأن أحدهم نَفَسهُ قصير ورؤيته للمصالح قصيرة أيضاً، فلا يفكر إلا في جيبه وحزبه.
ختاماً: عين الحكمة حينما يكون أحد ما، في معركة مصيرية وحرجة يتحملها أبناؤنا بمعاناة كبيرة، فيجب أن يترك المكان وأن لا تأخذه العزة بالإثم، فالناضب منتهي الصلاحية الذي لم يقدم شيئاً لشعبه، يجب عليه التنحي وسيخضع لمحاكمة الشعب والتأريخ عاجلاً أم آجلاً.