بعد أن يئسنا من أي تقدم في تحلحل الوضع السياسي وعدم وجود إنفراج في الأزمة الأمنية المستمرة وإستحالة البدء بخطوة تنقلنا الى خط الشروع في بناء دولة رصينة قررتُ الاستعانة بالأبراج لأعرف طالع هذا الشعب بملايينه ولَعلّي أرى بصيص نور فيها ، فأنجدني هذا العلم بالأمل ونشوة السعادة التي حصلت عليها مما أنبأتني به الأبراج ودوران الفلك ونجومه وكواكبه التي اصطفت هذه السنة لترسم التفاؤل للناس ، وأدينُ بذلك بالفضل في تعلمه لبعض برامج فضائياتنا التي شدتنا الى قراءة الطالع والمستقبل ، وشيء مما علمتني جدتي المتفائلة دوما وهي تقرأ لنا طالعنا في صغرنا. مما أخبرتنا به الأبراج أن كل الحواجز الكونكريتية سترفع نهائيا وستُمنى الشركات المصنِعة لها بخسائر كبيرة ولن تجني المليارات كما كان مؤملا منها وهذا سيكون في منتصف السنة الجديدة أما في اليوم الأول من السنة فسنرى بابا نوئيل يسير في شوارع بغداد مخترقا شارع السعدون بلا منغصات وسيكون هناك عشرات غيره في الكرادة والمنصور وكل شوارع العاصمة وهي إشارة للأمن والسلام ، وما دامت هذه البداية فما أسعدنا بعدها ! وثمة تفاؤل كبير بتنقية الأجواء بين الخصوم وتنازلات عن مصالح كثيرة تؤدي الى تصفية العملية السياسية وتنقيتها من شوائبها بعد أن تصفو النوايا وتتضح الطموحات وبالطبع نتيجة الايثار الذي يتميز به سياسيونا الصالحون والخبراء . ثمة نغمة عزفتها عطارد تتغنى بالعراق وحضارته وشعبه لشاعر عراقي وملحن عراقي ، عرفتُ بعدها أنه النشيد الوطني الجديد ، فيما أخبرتنا الزهرة أن لا خوف من أرتال المسؤولين في السنة الجديدة لأنهم عرفوا أن من يستهدفهم ليس الشعب وسيراعون ذممهم عند سيرهم ، ومن ضمن ما أسعدتنا به الزُهرة هو خبر بناء عشرة فنادق ذات العشرين طبقة بمبلغ نصف مليار دولار وهو المبلغ الذي إدعى بعض المتربصين أنه صُرف لترميم بعض الفنادق المتقادمة في بغداد وإتهموا القائمين على تنفيذها بالفساد ظلما ، وعن الدرجات الوظيفية وفرص التعيين الموعود بها شبابنا فقد حلفت الزهرة أغلظ الأيمان بأن هذه الدرجات ستُوزّع بعدالة وبلا أي وساطة حزبية أو عشائرية أو مبالغ نقدية . صديقنا المشتري كان متلاطم الأفكار وقد إزدحمت لديه حتى طَلبنا منه إخبارنا بالأبرز فقال : ستخفض رواتب الوزراء والنواب والدرجات الخاصة الى النصف وسيطالب هؤلاء بمكافأة خدمة مميزة بدل الراتب التقاعدي بسبب صحوة ضمير وبلا أي إجبار . المريخ كان هازئا بكل ما تحدثت به الكواكب الأخرى فقد (دعبلَ ) لنا قنبلة كعادته وفيها من المصداقية ما وثقتُ به هذه المرة عن مدن خضراء مشجرة الشوارع مبلطة الطرق تبطنها شبكة متكاملة للمجاري وقد خلت فضاءاتها من المتجاوزين ، نظيفة وبلا غبار ولا أتربة ولا سيطرات ورُصفت أكتاف الشوارع لآخرمرة بالمقرنص وستُوزع الكهرباء بين الأحياء بالتساوي وستصل الحصة التموينية الى أفضل حالاتها بأرقى مفردات السوق الغذائية العالمية . أتخمتنا الكواكب بطوالعها المبشِرة بعهد جديد للرفاهية إلاّ أن ما كشف عنه كوروت7B الكوكب المكتشَف حديثا عن عهد السلام والأمان للمواطن أثلج صدري وأراحني من همٍ كبير ، فقد طمأننا عن عدم تنفيذ أي أمر تفتيش ومداهمة في منتصف الليل بلا أمر قضائي وبدون وجود المختار أو المجلس المحلي .
إنتبهت فجأة على صوت أحدهم وهو ينادي : حوّلْ (الوطنية إجتي )!! نهضتُ من مكاني وإذا بها أحلام يقظة وأمنيات مفلسين وعاتبت نفسي على هدر الزمن ، فقد قالوا : كذب المنجمون وإن صدفوا .
[email protected]