18 ديسمبر، 2024 4:48 م

تنبؤات غير فلكية عن الٱنتخابات العراقية في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2021

تنبؤات غير فلكية عن الٱنتخابات العراقية في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2021

أُقِرُّ من البداية بأنّي لستُ متخصِّصًا في “علوم الفلك والتنجيم وتحضير الأرواح والغيب وقراءة البخت”، وليست لديّ أية خبرة بهذه المواضيع. وإنّما خلاصة التنبؤات التي أذكرها أدناه تستند إلى دراسة موضوعية وملاحظاتي للٱنتخابات السابقة وما رافقها وتبعها من أحداث، بالإضافة إلى التطورات الجديدة المرافقة لظهور الوباء العالمي “كوفيد-19”.

وفيما يلي تسلسل التنبّؤات بِٱختصار:

1. الناخبون ليسوا فئة واحدة متجانسة، فَمَنْ سينتخب، ولماذا تظلمون الجميع؟
2. دور الناخبين في المشاركة أو المقاطعة
3. هل المشاركة بالٱنتخابات العراقية ممارسة فعلية للنظام الديمقراطي؟
4. إيهام الناس بأن الٱنتخابات هي أفضل وسيلة للقضاء على الفساد
5. تغرير الناشطين وخيبة أملهم
6. العلاقة بين الٱنتخابات العامة وبين الشرعية المحلية والشرعية الدولية
7. إقحام المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف
8. الإيحاء بأن سلامة الإجراءات الٱنتخابية هي المعنى الحقيقي للنزاهة وحرية الٱختيار
9. قادة الأحزاب الطائفية يفوزون والناخبون يخسرون
10. الأزمة الدستورية “الحادة الخانقة” بعد الٱنتخابات مباشرة
11. الرؤساء الثلاثة هم “المستقلّون المزيَّفون”
12. تدوير الكراسي بين أبطال الحرب الأهلية ومؤسسات الفساد الشامل
13. الفضل المزعوم للأحزاب الطائفية الحاكمة في بغداد وأربيل على الشعب العراقي
14. ٱِرتياح عميق بين أوساط الناخبين الطائفيين والٱنتهازيين
15. غليان الشوارع وثورة الشباب اليائس من إمكانية إصلاح الحُكّام الفاسدين
16. إعادة لما سبق بعد أربع سنوات؛ أكثر أو أقلّ

التنبؤ (1): الناخبون ليسوا فئة واحدة متجانسة، فَمَنْ سينتخب، ولماذا تظلمون الجميع؟
يميل بعض المعلِّقين إلى التعميم وإهانة الناخب العراقي بوصفه أنه متخلِّف، مُضلَّل، طائفي، ٱنتهازي، أحمق، ساذج، جبان، وغيرها من النعوت الحادة الظالمة. إن إطلاق هذه الأوصاف منسجم تمامًا مع النظرة الٱستعلائية التي تمارسها الأحزاب الطائفية الحاكمة في بغداد وأربيل وأبواقها الإعلامية، حيث تُلقِي باللائمة على المواطنين دائمًا وليس على المسؤولين الحكوميين الفاسدين أو القوانين الظالمة. ودون أن ندخل في تفاصيل كثيرة نُذكِّر فقط بحقيقة واحدة، وهي أنه بعدما قام مجرم الحرب الأمريكي، “باول بريمر” وعملاء مؤتمر لندن (لِسَنة 2002) وعملاء إيران وإسرائيل بتفكيك الدولة العراقية كلها وفَصْلِ ما لا يقل عن (12) مليون موظف، قامت هذه الفئات الإجرامية بتأسيس “دولة فاشلة” تقوم على أساس “المحاصصة الطائفية”. ومن تلك اللحظة بدأت الأحزاب الطائفية وعصاباتها المسلحة بتجنيد مئات وآلاف الموظفين وأعادت بعضهم إلى وظائفهم مقابل الرضوخ لعقائدها الطائفية الضيقة والتصويت لصالحها في أية ٱنتخابات. وتوسّعت قاعدة هؤلاء الموظفين المجنَّدين وأتباعهم لتصبح بالملايين، ومنهم الوهميين أيضًا، وتخندقت في معسكرات طائفية حصينة لضمان مصالحها وٱمتيازاتها الوظيفية. لكن خارطة الولاءات تتغير بٱستمرار وحسب المصالح، وشهور “العسل” لا بدّ أن تنتهي. ولذلك لا يمكن أن نحكم على ملايين الناخبين في الٱنتخابات السابقة أو الذين سيشاركون في ٱنتخابات 10 تشرين الأول/أكتوبر 2021، بأنهم جميعًا من الحمقى والأغبياء والمجانين والطائفيين والٱنتهازيين والمُضلَّلين. وربّما لا نبالغ إذا قلنا إن عددًا كبيرًا من الناخبين المشارِكين هم من المتفائلين الطامحين إلى الإصلاح بالطرق السلمية، ولو من باب التمنِّي والوهم كما هو رائج بينهم، وإن قلةً قليلة منهم تنطبق عليهم الصفات السلبية المشار إليها أعلاه. وبعضهم كان وما زال يُرَدِّدُ مع نفسه، “إذا أنا لم أنتخب المرشَّح الصالح فإن غيري سينتخب المرشَّح الطالح”.

التنبؤ (2): دور الناخبين في المشاركة أو المقاطعة
عند مراجعة الإحصاءات الرسمية الصادرة من المفوضية العليا المستقلة للٱنتخابات في العراق، نلاحظ نمطًا واضحًا وخطيرًا ومطّردًا وهو عزوف الناخبين العراقيين عن المشاركة بالٱنتخابات العامة. ففي سنة (2005) شارك (79.6%) من مجموع الناخبين، وفي سنة (2010) كانت النسبة (62.4%)، وفي سنة (2014) كانت النسبة (60.5%)، وفي سنة (2018) ٱنحدرت نسبة المشاركين بالٱنتخابات إلى (44.5%). وهذا يعكس موقف الناخب العراقي بأن الأحزاب الطائفية العميلة الحاكمة في بغداد وأربيل لا يمكن إصلاحها أو تغييرها بالٱنتخابات لأنهم في كل مرة يداورون الكراسي بينهم ويتمسكون بها بكل ما لديهم من قوة وإرهاب. وبرغم الحملات الإعلامية الضخمة التي تقوم بها الأحزاب الحاكمة لترويج الٱنتخابات وإغراء الناخبين وإرشائهم بالأموال المنهوبة من الشعب العراقي فإن ثقة الناخبين بالمرشّحين في تراجع مستمر وربما يشمل هذا النمط الٱنتخابات القادمة يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر 2021. في الواقع، يبدو أن معظم الناخبين العراقيين يحتقرون النخبة الحاكمة في بغداد وأربيل وباقي المحافظات وأعضاء مجلس النوّاب والمُرشَّحين الحزبيين والمستقلين على حدٍّ سواء. كما وصل معظم الناخبين الرافضين للفساد إلى قناعة وهي، أن الناخبين المشارِكين إذا لم يتعلموا من تكرار الأخطاء ست مرات متتالية، إشارة إلى الٱنتخابات الست الماضية، فلا بدّ أن لهم علاقة عضوية مصيرية مع الأحزاب الطائفية الحاكمة، وهؤلاء لا تنفع معهم النصيحة والتوعية والحقائق والأرقام لأنهم يتجنّبونها أساسًا ويخافون من أي تغيير إيجابي لمصلحة الشعب.

نعود إلى الٱنتخابات العامة (لسنة 2018) لتحليل الأعداد بإيجاز، عندما كانت نفوس العراق حوالي (38) مليون نسمة، حيث نجد أنّ:
عدد الناخبين المؤهلين أكثر من (24) مليون ناخب.
نسبة الناخبين المؤهلين، وهم (24) مليون من مجموع السكان (38) مليون، حوالي (63%).
نسبة الناخبين المشاركين فعلًا بشكل عام في داخل وخارج العراق (44.52%) من مجموع أصوات الناخبين المؤهلين. ومن ضمن هذا العدد بلغت نسبة الناخبين في الخارج المشاركين فعلًا، من مجموع المؤهلين للٱنتخابات، (4%) فقط.
العدد الكلي للناخبين المشاركين فعلًا هو (10.6) مليون ناخب.
نسبة الناخبين فعلًا إلى مجموع السكان العام هي (27.89%)، وبعد التقريب نقول (28%).
تَذَكَّرُوا هذا العدد جيّدًا: (28%) هي نسبة السكان في ٱنتخابات (2018) التي أصبحت تتحكّم وتتسلّط على (72%) من سكان العراق.

هذه هي النتيجة المُذهِلة والمؤلِمة التي تتكرّر على نمط واحد في كل ٱنتخابات وهو أن الفوز الفعلي النهائي يعود إلى مشاركة الأقلية فقط من مجموع السكان. وهذه النسبة القليلة من المشاركين هي التي أوصلت النخبة الفاسدة الحاكمة في بغداد وأربيل وبقية المحافظات خلال الٱنتخابات الست الماضية. وهذ العصابات الفاسدة المتحكِّمة بمصير الأغلبية من الشعب العراقي بِدَورِها تتحدث بٱسمه بصفتها “الممثلة الشرعية” في المحافل الدولية. أي أن حُكّام بغداد وأربيل يفتقرون أساسًا إلى الشرعية الشعبية الحقيقية والشرعية الدولية، ولا يتمتعون إلا بالشرعية الشكلية القسرية بِٱسم القانون التي فرضها التحالف الإجرامي بزعامة “بوش-بلير”.

التنبؤ (3): هل المشاركة بالٱنتخابات العراقية ممارسة فعلية للنظام الديمقراطي؟
هل يوجد في العراق نظام سياسي ديمقراطي؟
توجد حاليًا معايير عالمية متنوعة لقياس درجة الحرية وحقوق الإنسان وممارسة الديمقراطية الحقيقية في كل بلدان العالم. وتَبيَّنَ لنا من هذه المقاييس العالمية المختلفة بشكل قاطع أنّ العراق ليس بلدًا ديمقراطيًا على الإطلاق. ونكتفي بذكر واحد من أشهر المقاييس، وهو “دار الحرية” (Freedom House). فبينما جاءت الدول الإسكندنافية، السويد والنرويج وفنلندا، بالمرتبة الأولى وأحرزت كل منها درجة (100%) جاء العراق في أسفل القائمة بين الدول غير الحرة ولا الديمقراطية، حيث أحرز (29%) فقط في سنة (2021)، والنتيجة أنه بلد “غير حرّ” (Not Free). لذا فإن من حق الناخب العراقي الوطني أن يستغل مسألة “الديمقراطية المزيَّفة” للإطاحة بالشرعية المحلية والشرعية الدولية التي يتنعَّم بها الآن أقطاب الفساد والظلم والإرهاب في العراق. وبذلك تنقلب “الديمقراطية المزيَّفة” على رؤوسهم وتنسفهم من الجذور. ولِمَن يقول من باب السخرية والٱستفزاز والتحدّي، “ما البديل عن الٱنتخابات؟”، نقول له، “إن حكم الشعب العراقي لنفسه بنفسه هو الحل الأصيل وليس البديل”.

التنبؤ (4): إيهام الناس بأن الٱنتخابات هي أفضل وسيلة للقضاء على الفساد، في حين أن الفساد أصبح راسخًا بسبب الٱنتخابات. ولذلك إذا أراد الناخبون العراقيون القضاء على الفساد أو محاربته جدِّيًّا فعليهم نزع الشرعية المحلية والدولية عن الحكام الفاسدين وذلك بمقاطعة الٱنتخابات نهائيًا. ومَن يشارك بالٱنتخابات لأي سببٍ كان فإنه عمليًا “يُجدِّد البيعة والولاء والطاعة” ويُغذِّي الفساد والفاسدين في العراق بٱمتيازات الدرجة الأولى في المسكن والملبس والطعام والشراب والهواء والماء والمواصلات والإسراف الباذخ مدى الحياة، كما يمنحهم إجازة مطلقة بالقتل الفردي والجماعي والتفريط بالعراق. إن الطريقة السلمية الوحيدة لإزالة الشرعية المحلية والدولية عن الحُكّام الفاسدين هي مقاطعة الٱنتخابات تمامًا. ومن الخبث المُضحِك أن قادة الأحزاب السياسية الطائفية والنوّاب وأعضاء الحكومة لجأوا إلى حيلة “الجدل العكسي” حيث يُحَذِّرون ويُهدِّدون الناخبين العراقيين بقولهم إنكم إذا قاطعتم الٱنتخابات فسيؤدي إلى فوز المرشَّحين من الأحزاب المتنفِّذة وٱستمرار الفساد. وهذه الخديعة تلجأ إليها الأحزاب عندما تلاحظ تراجعًا كبيرًا في عدد الناخبين لصالحها.

التنبؤ (5): تغرير الناشطين وخيبة أملهم
إذا صَحَّ ما يُشاعُ في وسائل الإعلام العراقية بأن بعض الناشطين السلميين من المشاركين في ٱنتفاضة تشرين الأول/أكتوبر 2019 شكّلوا أحزابًا أو رشَّحوا أنفسهم بصفة مستقلة أو ٱنضمّوا إلى تحالف إياد علاوي المُسمّى “الجبهة الوطنية المدنية”، فإنهم سوف يتكبَّدون خسائر معنوية كبيرة تفوق خسارتهم الٱنتخابية. وذلك لأن عامة الناس العراقيين سوف تعتبرهم فئة ٱنتهازية رخيصة خائنة وضعت يدها بيد عملاء مؤتمر لندن (لِسَنة 2002) طمعًا بٱمتيازات المناصب والسلطة وليس حُبًّا بالشعب العراقي ولا رغبة بالتغيير الإيجابي.

التنبؤ (6): العلاقة بين الٱنتخابات العامة وبين الشرعية المحلية والشرعية الدولية
إذا كان الحُكّام فاسدين ومجرمين بكل المقاييس فلماذا يحرصون على ٱستجداء أصوات الناخبين ويُحرِّضون أتباعهم على ضرورة التصويت؟ وهل يهتم المجرم الظالم والفاسد المحترف بأصوات الناخبين، ولماذا؟ للإجابة على السؤال، نعود إلى (التنبؤ رقم 2) عندما قام مجرما الحرب، جورج بوش الٱبن وتوني بلير، بتقديم الحكومة العراقية المؤقتة العميلة أمام مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2004 على أنها “الممثل الشرعي لجمهورية العراق”. ولأنه لا يوجد بديل آخر تمّ تمرير هذه المهزلة على المجتمع الدولي، لا سيما وأنه توجد في العالم حالات أسوأ بكثير من العراق، مثل أفغانستان والصومال.

أي أن ٱستماتة العصابات الحاكمة في بغداد وأربيل وباقي المحافظات العراقية على كسب أصوات الناخبين تأتي من ضرورتها لتسويغ ٱستمرار الشرعية المحلية والدولية لنفسها، وليس حبًّا منها في الحريات وحقوق الإنسان وممارسة الديمقراطية الحقيقية التي تُعاديها أشدَّ العَداء. هذه “الشرعية” المزعومة هي التي يستند إليها قادة الأحزاب الطائفية الحاكمة في بغداد وأربيل في ٱرتكاب كافة أنواع الجرائم ضد العراق والعراقيين بلا رادع. وقادة هذه الأحزاب الطائفية العميلة الحاكمة في بغداد وأربيل يعلمون علم اليقين أنه إذا أزالَ الشعب العراقي عنهم غطاء الشرعية المحلية والدولية من خلال مقاطعة الٱنتخابات فإنهم يتساقطون كأوراق الخريف التي تذروها الرياح ولا يستطيعون الصمود سنة واحدة مهما مارسوا من جرائم القتل الفردي والجماعي وإرهاب السلطة الغاشمة وتضليل المجتمع العراقي والمجتمع الدولي. لذلك نؤكِّد على أن بإمكان الناخبين العراقيين الجادّين تجريد الحُكّام الفاسدين من الشرعية المحلية والدولية وإزالتهم تمامًا بمقاطعة الٱنتخابات العامة يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر 2021.

التنبؤ (7): إقحام المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف
قبل كل ٱنتخابات عامة تزداد حُمّى الأحزاب الطائفية الحاكمة، لا سيّما الدينية، وتتفنّن بطرق الخداع والتضليل والتزييف بشكل سافر وبلا دِين ولا حياء. وتلجأ هذه الأحزاب إلى ترويج الإشاعات الكاذبة كما تُعَلِّق على باب وجدران المساجد نسخة من بيان أو فتوى صادرة عن السيد السيستاني وصورة السيستاني ومعها ٱسم المرشح الحزبي، وذلك للإيحاء المُضلِّل أن السيستاني يختار هذا الحزب أو التيار أو الكتلة السياسية وغيرها من الأسماء. وتتكرّر الصورة الآن بالنسبة لٱنتخابات 10 تشرين الأول/أكتوبر 2021. حيث طلع علينا بعض الدجّالين من أدعياء الإعلام والتحليل السياسي المرتبطين بالأحزاب الطائفية الحاكمة بأن المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني أفتى بأن المشاركة بالٱنتخابات “واجب مقدس”. وٱستجابة لسؤال بعض المواطنين “عن موقف المرجعية الدينية العليا بشأن المشاركة في هذه الٱنتخابات، وما تراه من المصلحة في ذلك”، ٱُضطُرَّ مكتب السيد السيستاني إلى إصدار بيان صريح يوم الأربعاء 29 أيلول/سبتمبر 2021، وهذا نصّه الكامل (بدون تصحيح إملائي من جانبنا):
(بسم الله الرحمن الرحيم
إن المرجعية الدينية العليا تشجّع الجميع على المشاركة الواعية والمسؤولة في الانتخابات القادمة، فإنها وإن كانت لا تخلو من بعض النواقص، ولكنها تبقى هي الطريق الأسلم للعبور بالبلد الى مستقبل يرجى أن يكون أفضل مما مضى، وبها يتفادى خطر الوقوع في مهاوي الفوضى والانسداد السياسي.
وعلى الناخبين الكرام أن يأخذوا العِبَر والدروس من التجارب الماضية ويعوا قيمة أصواتهم ودورها المهم في رسم مستقبل البلد، فيستغلوا هذه الفرصة المهمة لإحداث تغيير حقيقي في ادارة الدولة وإبعاد الأيادي الفاسدة وغير الكفوءة عن مفاصلها الرئيسة، وهو أمر ممكن إن تكاتف الواعون وشاركوا في التصويت بصورة فاعلة وأحسنوا الاختيار، وبخلاف ذلك فسوف تتكرر اخفاقات المجالس النيابية السابقة والحكومات المنبثقة عنها، ولات حين مندم.
والمرجعية الدينية العليا تؤكد اليوم ما صرّحت بمثله قبيل الانتخابات الماضية من أنها لا تساند أيّ مرشح أو قائمة انتخابية على الاطلاق، وأن الأمر كله متروك لقناعة الناخبين وما تستقر عليه آراؤهم.
ولكنها تؤكد عليهم بأن يدقّقوا في سِيَر المرشحين في دوائرهم الانتخابية ولا ينتخبوا منهم الا الصالح النزيه، الحريص على سيادة العراق وأمنه وازدهاره، المؤتمن على قيمه الأصيلة ومصالحه العليا، وحذار أن يمكّنوا أشخاصاً غير أكفاء أو متورطين بالفساد أو أطرافاً لا تؤمن بثوابت الشعب العراقي الكريم أو تعمل خارج إطار الدستور من شغل مقاعد مجلس النواب، لما في ذلك من مخاطر كبيرة على مستقبل البلد.
كما تؤكد المرجعية على القائمين بأمر الانتخابات أن يعملوا على اجرائها في أجواء مطمئنة بعيدة عن التأثيرات الجانبية للمال او السلاح غير القانوني أو التدخلات الخارجية، وأن يراعوا نزاهتها ويحافظوا على أصوات الناخبين فإنها أمانة في أعناقهم. والله وليّ التوفيق.
(21/صفر/1443هـ) ـــ (2021/9/29م)
مكتب السيد السيستاني (دام ظله) ـ النجف الأشرف). ٱِنتهى النصّ.

من الواضح أن بعض الناس يميل إلى تقديس، أو التظاهر بتقديس، البيانات والفتاوى الصادرة من المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، ويفسرها بالطريقة المناسبة. وذلك بالرغم من أن السيد السيستاني نفسه أوضح لهم منذ سنة 2003 بأنه يؤمن بفصل السلطة الدينية عن السلطة السياسية، وأنه لا يمارس “ولاية الفقيه”، وأنه منحاز إلى مصالح الشعب العراقي كله، وأنه لا يؤيد أي حزب أو تحالف أو تيار، وأنه لا يقدّم نظامًا سياسيًا معينًا، وأنه يقدّم فقط نصائح وإرشادات ٱستجابة لأسئلة وٱستفتاءات من عامة الناس وأحيانًا من بعض المتنفذين بالسلطة. ويأتي البيان أعلاه مُضافًا إلى سلسلة البيانات والفتاوى التي أصدرها بهذا الخصوص على مدى السنين الماضية، وكلها منشورة ومعروفة على موقعه الرسمي في الشبكة الدولية (الإنترنت). وكالعادة رأينا بعض الناس يكيلون الشتائم للسيد السيستاني ويتهمونه بأنه “يؤيد الفاسدين”، بينما راح البعض يكيل المدائح للسيد السيستاني لأنه أثبتَ مرة أخرى روحه الوطنية وحرصه على مصلحة كل العراقيين.

ولِمَن يقول إن المشاركة بالٱنتخابات هي واجب وطني مقدَّس نؤكِّد لهم أن الواجب الوطني والإنساني والديني المقدَّس يقتضي مقاطعة ٱنتخاب الحُكّام والمرشحين الفاسدين وإزالتهم من الحكم وتقديمهم إلى المحاكم العراقية والدولية بسبب جرائم القتل الفردي والجماعي وتدمير الٱقتصاد العراقي والنهب المنظَّم لثروات الشعب العراقي والفساد الشامل والحروب الأهلية وتغيير البنية السكانية بصورة قسرية، وغيرها من الجرائم البشعة.

التنبؤ (8): الإيحاء بأن سلامة الإجراءات الٱنتخابية هي المعنى الحقيقي للنزاهة وحرية الٱختيار
ما الفرق بين التزييف الإجرائي والتزييف المنهجي للٱنتخابات؟
يحرص الرؤساء الثلاثة في العراق على تكرار التصريحات والتطمينات بأنهم سيبذلون كل ما بوسعهم من صلاحيات إدارية لضمان “نزاهة” الٱنتخابات. ولأجل ذلك فهم يَدعُون مراقبين دوليين من الأمم المتحدة والوحدة الأوروبية ليُشرِفوا بأنفسهم على سير الٱنتخابات “النزيهة”. وبطبيعة الحال لا بد أن تستجيب هذه الجهات لطلبات الحكومة العراقية المُلِحّة. وأشرنا في أبحاث سابقة إلى أن الحكومة العراقية وحدها قادرة على ضمان نزاهة وسلامة الٱنتخابات في كل أنحاء العراق، ولا تحتاج إلى الٱستعانة بجهات أجنبية إطلاقًا. لكن المعضلة الحقيقية، وهي الخدعة الكبرى، لا تكمن في “النزاهة الإجرائية” وإنما تكمن في “النزاهة القانونية والمبدئية”. أي أن منظومة الدستور والقوانين المتعلقة بالأحزاب والٱنتخابات ومجلس النوّاب وتشكيل الحكومة والوظائف هي ظالمة ومجحفة ومعيبة ومتخلفة من أساسها وبكل تفاصيلها، ولا تصلح لأي مجتمع مدني معاصر، وبالتأكيد لا تصلح للشعب العراقي. لكن هذه المنظومة القانونية الفاسدة مُفَصَّلة على مقاس الزعماء الفاسدين الظالمين، وهي الكفيلة بِٱستمرارهم بالسلطة والتمتع بالشرعية المحلية والدولية. أي أن التزوير الحقيقي موجود في القوانين والنُّظُم والتعليمات ولا يتم بالضرورة عند صناديق الٱقتراع وفرز الأصوات.

ولا بأس أن نُذكِّرَ هنا بأبطال عمليات التزييف المنهجي في الدستور والقوانين الأساسية، وهُم:
نوح فيلدمان، إسرائيلي أمريكي وصهيوني من الحزب الجمهوري متخصص بالقانون ويجيد اللغة العربية.
باول بريمر، مجرم الحرب والحاكم المطلق بأمر من حكومة الرئيس الأمريكي السابق ومجرم الحرب المحترف جورج بوش الٱبن.
عملاء مؤتمر لندن (لِسَنة 2002)، وسيكون لنا حديث مفصل عنهم في المستقبل القريب.
عملاء إيران وإسرائيل، الذين تعاظم دورهم المدمّر منذ سنة 2003.

التنبؤ (9): قادة الأحزاب الطائفية يفوزون والناخبون يخسرون
خلال السنين الماضية، أي في حكم إبراهيم الجعفري ونوري المالكي وحيدر العبادي (وكلّهم من حزب الدعوة الإسلامية)، وعادل عبد المهدي (من المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق) ومصطفى الكاظمي (من حزب الدعوة الإسلامية)، وكلاهما يَدَّعيان “الٱستقلال”، تَرَكَّز نفوذ الأحزاب الطائفية (العميلة القديمة والوطنية الجديدة) أكثر من ذي قبل في مجلس النوّاب العراقي، وتعداد أعضائه حاليًا (329) في سنة (2021)، عن طريق حيلة “التيارات والتكتلات والتحالفات والٱئتلافات”. وأصبحت السلطة الحقيقية للمجلس بيد الأسماء المتنفذة التالية، وهم عشرة فقط:
1. مقتدى الصدر، رئيس تحالف “سائرون نحو الإصلاح”، منتسب إلى العرب المسلمين الشيعة.
2. هادي العامري، رئيس “ٱئتلاف الفتح”، منتسب إلى العرب المسلمين الشيعة.
3. حيدر العبادي، رئيس “ٱئتلاف النصر”، منتسب إلى العرب المسلمين الشيعة.
4. نوري المالكي، رئيس “ٱئتلاف دولة القانون”، منتسب إلى العرب المسلمين الشيعة.
5. نيجيرفان البرازاني، عن “الحزب الديمقراطي الكردستاني”، منتسب إلى الأكراد الٱنفصاليين المسلمين السنة.
6. إياد علاوي، رئيس “ٱئتلاف الوطنية”، منتسب إلى العرب المسلمين الشيعة.
7. عمار الحكيم، رئيس “تيار الحكمة الوطني”، منتسب إلى العرب المسلمين الشيعة، وغيّر ٱِسم حزبه السابق، وهو “المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق”.
8. كوسرت رسول علي، عن “الٱتحاد الوطني الكردستاني” (حليف عائلة الطالباني)، منتسب إلى الأكراد الٱنفصاليين المسلمين السنة.
9. أسامة النجيفي، رئيس “تحالف القرار”، منتسب إلى العرب المسلمين السنة.
10. قيس الخزعلي، رئيس كتلة “الصادقون”، منتسب إلى العرب المسلمين الشيعة.

وهؤلاء العشرة ليس لهم أي ولاء للعراق على الإطلاق، كما هو مُوَثَّق بالتفصيل، ويُغيّرون أسماء أحزابهم ويعقدون تحالفات جديدة قبل وبعد الٱنتخابات لضمان فوزهم بعضوية مجلس النوّاب والرئاسات. وهؤلاء العشرة، أو نُسَخٌ مَمسوخةٌ منهم، هم الذين سيتقاسمون الغنائم والفرائس مرة أخرى وسيكونون مُتسلِّطين على رقاب العراقيين للسنين الأربع القادمة، ما لم يتمكن الشباب الثائر من الإطاحة بهم ثم إرساء الدولة الشعبية (الديمقراطية) الحقيقية في العراق.

التنبؤ (10): الأزمة الدستورية “الحادة الخانقة” بعد الٱنتخابات مباشرة
ما لُغز “الكتلة النيابية الأكثر عددًا”؟
يمكن أن نأخذ واحدًا من الأمثلة المتكررة على الأزمات السياسية المفتعلة، وهو مفهوم “الكتلة النيابية الأكثر عددًا”. وهو في الواقع لغز لا يحلّه إلا الراسخون في علوم الفذلكة والحذلقة والتنطُّع واللعب على الحبال الدستورية والقانونية. فَحالما تنتهي المفوضية العليا للٱنتخابات من إعلان النتائج والرد على الٱتِّهامات بالتزييف تبدأ مرحلة جديدة من الصراعات والمشاجرات العلنية والسرية بين الأحزاب الطائفية حول موضوع مُبهَم لا ناقة للعراقيين فيه ولا جمل. وهذا الموضوع هو تحديد “الكتلة النيابية الأكثر عددًا” أو ما يُعرَف عمومًا في الإعلام “الكتلة الأكبر”. وتأتي أهمية الموضوع من تعلّقه بتشكيل الحكومة الجديدة. إذ يَنصُّ البند (أولًا) من المادة (76) من الدستور العراقي الصادر لِسنة 2005 على ما يأتي: (يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية). ٱِنتهى النص.
وهنا تكمن العَبَرات. فما المقصود بعبارة “الكتلة النيابية الأكثر عددًا؟
لا يجرؤ المستفيدون من الأمر الواقع على القول بأن الدستور العراقي الصادر سنة 2005 هو مجرد وثيقة ظالمة وتافهة ومليئة بالعيوب والأخطاء والغموض المتعمَّد لكي يفسّره زعماء الأحزاب الطائفية العميلة الحاكمة في بغداد وأربيل بالطريقة التي تعجبهم وتُدِيمُ فسادهم وطغيانهم. وهؤلاء الحكام الفاسدون هم أرباب الجرائم والمشاكل والأزمات وقد وضعوا الإطار الدستوري والقانوني لفسادهم الذي لا يمكن إصلاحه إطلاقًا.

ظهرت هذه الأزمة المفتعلة عدة مرات، وأول مرة بعد ٱنتخابات 2010 التي ٱنتهت بتنصيب نوري المالكي بدلًا من إياد علاوي، وبعد ٱنتخابات 2014 التي ٱنتهت بتنصيب حيدر العبادي بدلًا من نوري المالكي، وبعد ٱنتخابات 2018 التي ٱنتهت بتنصيب عادل عبد المهدي في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2018، ومرة أخرى بعدما أُرغِمَ عادل عبد المهدي على الٱستقالة في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، وتنصيب شخصَين ثم مصطفى الكاظمي.

وعلى إثر ٱستقالة عادل عبد المهدي، وبعد جولات كرٍّ وفرٍّ بين زعماء “الكُتَل النيابية” ورئيس مجلس الشعب محمد الحلبوسي ورئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس المحكمة الٱتحادية العليا مدحت المحمود، تلقّت المحكمة طلبًا رسميًا من رئيس الجمهورية يوم 19 كانون الأول/ديسمبر 2019، لتحديد “الكتلة الأكثر عددًا” الواردة في المادة (76) من الدستور. وفي يوم الأحد، 22 كانون الأول/ديسمبر 2019، عقدت المحكمة الٱتحادية العليا جلسة بكامل أعضائها وأصدرت قرارًا (العدد: 170/ٱتحادية/2019)،
ينصّ على ما يلي (أجرينا بعض التنقيحات الإملائية الحديثة لتسهيل فهم النص في سياقه الصحيح):
[تَوصّلتْ بعد المداولة والتدقيق وبعد الرجوع الى أوّليّات تفسيرها لِحكم المادة (76) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005، وذلك بموجب قرارها الصادر بتاريخ 25/3/2010 بالعدد (25/ٱتحادية/2010)، والذي أكَّدتْهُ بموجب قرارها الصادر بتاريخ 11/8/2014 بالعدد (45/ت.ق/2014) ومضمونهما، أنّ تعبير (الكتلة النيابية الأكثر عددًا) الواردة في المادة (76) من الدستور تعني إمّا الكتلة التي تكوّنت بعد الٱنتخابات من خلال قائمة ٱنتخابية واحدة، أو الكتلة التي تكوّنت بعد الٱنتخابات من قائمتين أو أكثر من القوائم الٱنتخابية ودخلت مجلس النوّاب وأصبحت مقاعدها، بعد دخولها المجلس وحَلَفَ أعضاؤها اليمين الدستورية في الجلسة الأولى، الأكثر عددًا من بقية الكتل، فَيَتولّى رئيس الجمهورية تكليفَ مُرشَّحِها بتشكيل مجلس الوزراء طبقًا لأحكام المادة (76) من الدستور وخلال المدة المحددة فيها. وهذا ما ٱستقرت عليه المحكمة الٱتحادية العليا بموجب قرارَيها المذكورَين آنفًا في تفسير المادة (76) من الدستور وببيان مفهوم الكتلة النيابية الأكثر عددًا. وحيث أنّ قرارات المحكمة الٱتحادية العليا باتّة ومُلزِمة للسلطات كافة، التشريعية والتنفيذية والقضائية، المنصوص عليها في المادة (47) من الدستور، وحيث أن المحكمة الٱتحادية العليا إحدى مكوّناتها وفقًا لأحكام المادة (89) من الدستور فإنها مُلزَمة بالأحكام والقرارات التي تُصدِرها. وبناءً عليه، تُقرِّر المحكمة الٱتحادية العليا ٱلتزامها بقرارَيها المذكورَين آنفًا، المُرفقَين مع هذا القرار بتفسير حكم المادة (76) من الدستور وفقًا لما ورد فيهما. وصدر القرار هذا بالٱتِّفاق باتًّا ومُلزِمًا ٱستنادًا لأحكام المادة (94) من الدستور والمادة (5) من قانون المحكمة الٱتحادية العليا، وحُرِّرَ في الجلسة المؤرخة 22/12/2019.] ٱِنتهى نص القرار، بعد التنقيحات الإملائية الضرورية.

خلاصة الكلام، إن عبارة “الكتلة الأكثر عددًا” تُلغِي عمليًا أصوات الناخبين الراغبين بالتغيير الإيجابي، لأن المرشح الفائز بأصوات أكثر من غيره يصبح هامشيًا إذا دخل في حلف خاسر أو تحالفت ضده مجموعات أخرى من الأحزاب بعد الٱنتخابات. والمرشّح الخاسر يمكنه أن يحصل على الأصوات “الفائضةِ” “هديّةً” من مرشح فائز آخر من نفس الحزب أو التحالف. وهي حالة، في جانب منها، مُشابِهة إلى حدٍّ كبير لِدَور ما يُسمّى “المُجمَّع الٱنتخابي” الأمريكي الذي قد يُقرِّر فوز المُرشَّح الأقلّ عددًا بأصوات الناخبين أو ما يُعرَف بعنوان “الأصوات الشعبية”، لأنه فاز بأصوات “المجمّع الٱنتخابي”. بهذه الطريقة فاز المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب على المرشحة الرئاسية عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون في ٱنتخابات 2016 برغم تفوقها عليه بحوالي ثلاثة ملايين صوت. إن هذه العِبارة الموجودة في الدستور العراقي لسنة 2005 مُصمَّمة أساسًا لصالح الأحزاب الطائفية ومُرشّحيها. من ناحية أخرى فإن فوز المرشّح “المستقل المثقف النزيه” لا قيمة له إطلاقًا وهو خرافة لأنه لا بُدّ له أن يَنْضَمّ إلى تحالفات حزبية ليكون مؤثرًا. ولذلك نقول دائمًا إنّ نتائج الٱنتخابات العراقية معروفة ومحسومة لصالح نفس الأحزاب ونفس الوجوه، وهي عبثية بكل المعايير، ولا فائدة منها للشعب العراقي.

التنبؤ (11): الرؤساء الثلاثة هم “المستقلّون المزيَّفون” الذين يقفزون إلى السلطة بقدرة قادر بترشيح من الأحزاب الطائفية العميلة الحاكمة في بغداد وأربيل. وحسب القواعد الأمريكية الغير مكتوبة، التي ٱبتكرها “نوح فيلدمان” و “باول بريمر” وعملاء مؤتمر لندن (لِسَنة 2002)، التي تشير صراحة إلى “المحاصصة الطائفية”، وأهمها: رئيس الوزراء منسوب إلى العرب الشِّيعة، ورئيس مجلس النُّوّاب منسوب إلى العرب السُّنَّة، ورئيس الجمهورية منسوب إلى الأكراد الٱنفصاليين السُّنَّة، وكذلك الوزارات تتقاسمها الأحزاب الطائفية العميلة الحاكمة في بغداد وأربيل.

بهذا الخصوص، يُشِير الباحث العراقي باسل حسين (في بحث منشور على موقع الجزيرة بتاريخ 28 حزيران/يونيو 2018) إلى أنه (ينبغي التأكيد على حقيقة مفادها، أن منصب رئيس الوزراء لا يتحدد وفقًا للحزب الفائز في الانتخابات، بل تحدده عوامل أخرى، وأهمها تجاوز فيتو ثلاثية: النجف-طهران- واشنطن. وكلّنا يتذكر أن فوز القائمة العراقية في انتخابات العام 2010، لم يؤد في النهاية إلى تشكيل الحكومة من قبل القائمة أو أن يرأس زعيمها آنذاك، إياد علاوي، الحكومة، بل إن الفيتو الإيراني والموافقة الأميركية، فرضت تكليف رئيس الوزراء، نوري المالكي، لولاية ثانية، كما لم يشفع للأخير فوز ائتلافه وحصوله هو شخصيًّا على 722 ألف صوت للتجديد له لولاية ثالثة، بسبب اعتراض من مرجعية النجف والفيتو الأميركي، وتم اختيار العبادي الذي لم يحصل في انتخابات 2014 إلا على خمسة آلاف صوت فقط، لكن التفاهم الثلاثي قاد في النتيجة الأخيرة إلى توليه هذا المنصب. وبمعنى آخر، فإن هوية رئيس الوزراء ستحددها توافقات داخلية وخارجية، قد تكون بعيدة عن الاستحقاق الانتخابي.) ٱنتهى الٱقتباس.

التنبؤ (12): تدوير الكراسي بين أبطال الحرب الأهلية ومؤسسات الفساد الشامل والنهب المنظَّم لثروات الشعب العراقي والمحاصصة الطائفية والعمالة للدول الأجنبية. أما أولئك الذين حصلوا في السابق على مناصب الرئاسات الثلاثة وكل ٱمتيازات الدرجة الأولى مدى الحياة لا يُهِمُّهم الآن إذا خسروا مقعدًا في مجلس النوّاب، لكن بعضهم مُولَعٌ بلعبة تدوير الكراسي وأن يبقى في مركز الٱهتمام والأضواء.

التنبؤ (13): الفضل المزعوم للأحزاب الطائفية الحاكمة في بغداد وأربيل على الشعب العراقي
تتبادل الأحزاب الطائفية فيما بينها سياسة ردّ الفضل والجميل لبعضها البعض عندما كانت في أيام “النضال السلبي والجهاد النهبي”، عندما كانت منظمات سرية إرهابية بكل المعايير العراقية والعالمية، وذلك على حساب الشعب العراقي المنكود، حيث تظهر، بعد ٱقتسام الغنائم، وكأنها صاحبة الفضل عليه لأنها توصّلت إلى “حلّ الأزمة الدستورية الخانقة”.

التنبؤ (14): ٱِرتياح عميق بين أوساط الناخبين الطائفيين والٱنتهازيين (لأن الله سبحانه وتعالى أنقذ العراق من كارثة محققة)، وكأن العراق والعراقيين يعيشون الآن في نعيم باذخ لا مثيل له في العالم. ولسان حال المنتفعين يقول عن الٱنتخابات، “إنها فتنة كفانا الله شَرَّها”. وبذلك تستمر وتتوسع مصالحهم المتشابكة مع الأحزاب الطائفية العميلة الحاكمة في بغداد وأربيل.

التنبؤ (15): غليان الشوارع مرة أخرى وثورة الشباب اليائس من إمكانية إصلاح الحُكّام الفاسدين، ثم تسيير المظاهرات السلمية، حيث تواجهها العصابات الحاكمة وعملاء إيران بالقتل والمطاردة والخطف والحرمان من العمل والٱتِّهام بأنها “عميلة لأمريكا وإسرائيل”. وإلى جانب قتل آلاف الشباب برصاص الحكومة والعصابات الموالية لإيران، يموت عدد كبير منهم بسبب ٱستفحال وباء “كوفيد-19″، وهم بلا حماية ولا تحصين ضد المرض.

التنبؤ (16): إعادة لما سبق ذكره بدءً بالتنبؤ رقم (1)، وذلك بعد أربع سنوات من الآن؛ أكثر أو أقلّ. وإلى اللقاء في مهزلة “ٱنتخابية” قادمة.

ولكن ربّما، مجرّد ربّما، تتغيّر الأمور بشكل حاسم عندما يقرّر الشباب العراقي الثائر إلغاء الٱنتخابات المزيَّفة وتحطيم معاقل الأحزاب الطائفية العميلة الحاكمة في بغداد وأربيل، وإقامة نظام حرّ شعبي (ديمقراطي) موحَّد وعادل لكل العراقيين.